كان الصمت يسود قاعة الاجتماعات بفندق «فاسالمدينة» قبل أن تتقدم فاطمة الزهراء باسم ضحايا «غول فاس» إلى المنصة وتصرخ بأعلى صوتها وبجرأة غير معهودة، تروي قصتها وتكشف عن معطيات مثيرة حول ما عاشته معظم السيدات والشابات ضحايا هذا الوحش أثناء عملية اختطافهن واغتصابهن، فقد اضطرت إحدى الضحايا، وهي سيدة لها أطفال، لإجراء عملية إجهاض بسبب حملها من هذا المغتصب، فيما حكت الفتاة القاصر أن المتهم اختطفها رفقة صديقتها، ورمى بهما بمنطقة نائية على مستوى الطريق المؤدية إلى سيدي احرازم. وأكد عدد من السيدات والفتيات اللواتي تقدمن بشكاية ضد هذا الرجل البالغ من العمر 63 سنة، وهو من أصحاب السوابق العدلية بتهم السرقة والاغتصاب، أنه كان يقدم لهن نفسه على أنه خطاف يستعين بسيارته على تكاليف الحياة، ليحول اتجاه السيارة في اتجاه أرض فلاحية، ويغتصبهن تحت التهديد بالسلاح الأبيض، ثم يسرق منهن ممتلكاتهن ومجوهراتهن، ويتركهن في الخلاء. ونددت حلمية الزومي، رئيسة مركز نجمة لمناهضة العنف ضد النساء، في كلمتها التقديمية في هذا اللقاء الذي نظمه المركز مساء يوم الثلاثاء بفاس، ببشاعة الجرائم التي ارتكبها هذا الوحش الآدمي، مشددة على معاقبته بأقصى العقوبات، لأن التساهل معه ومع أمثاله من الوحوش الآدمية، سيزيد في الرفع من نسبة ارتكاب أفعال شنيعة أخرى في مثل بشاعة جرائمه أو أكثر، مشيرة الى أن منطق الإفلات من العقاب كان الحافز لمثل هكذا سلوكات تهدد أمن واستقرار المجتمع، وبالأخص أمن وسلامة النساء فيه، مشددة على ضرورة إخراج قانون تجريم العنف ضد النساء لما أصبح يشكله من خطر يتهدد أمن وسلامة المجتمع. وأشار الأستاذ محمد الوزاني الشاهدي بن عبد الله عن هيئة المحامين فاس، الى أن هناك تفاعلا إيجابيا مع هذا الملف، باعتبار أن عددا من الضحايا كسرن الصمت وتقدمن بشكايتهن أمام النيابة العامة التي فتحت تحقيقا في الموضوع، مشيدا بدور المركز الذي بادر إلى اتخاذ عدد من التدابير لمؤازرة الضحايا، من الناحية النفسية والقانونية، وحرك الرأي العام الوطني والمجتمع المدني للدخول على الخط والضغط بقوة حتى يتم تغيير القانون الجنائي. وهذا، وقد قرر قاضي التحقيق بالغرفة الثانية بجنايات فاس تأجيل النظر في القضية إلى 27 يناير المقبل، بعدما ووجه المتهم المسن بمجموعة من التهم تخص «السرقة واختطاف واغتصاب نساء وأطفال والتهديد بالسلاح الأبيض»، في انتظار تلقي شكاوى لضحايا ربطن الاتصال بولاية أمن فاس وقدمن شكاياتهن عبر الهاتف من الناظور وميسور ومكناس والخميسات، حيث من المنتظر أن يتم تجميع كل هذه الملفات، من قبل النيابة العامة وإحالتها على قاضي التحقيق، قبل موعد المحاكمة في يناير المقبل، للاستماع إلى الضحايا ومواجهتهن بالمتهم المعتقل. وكشفت التحريات التي أجرتها الشرطة والنيابة العامة، أن المتهم المعتقل بسجن عين قادوس على ذمة الاعتقال الاحتياطي، يبلغ من العمر 63 سنة كان مهاجرا بفرنسا وعاد منذ خمس سنوات إلى فاس واستقر بحي شعبي بحي سايس، يقضي يومه في التجول بسيارته TDI التي تحمل ترقيما أجنبيا، حيث يقصد محطات وقوف الحافلات، وهناك يصطاد ضحاياه على أساس أنه يستعين بسيارته على تكاليف الحياة. واستنادا إلى المعلومات المتوفرة، فقد تبين للمحققين أن بعض الضحايا رفضن التقدم بشكايات في الموضوع ضد المتهم، تخوفا من انتشار الفضيحة التي قد تؤثر سلبيا على مستقبلهن الأسري والمهني، وهو ما دفع محققي الشرطة إلى البحث عنهن، وتحديد هوياتهن بناء على الاعترافات التي أدلى بها المتهم في مرحلة التحقيق التمهيدي.