لم تتردد الكتابة الجهوية لحظة واحدة، وهي تتلقى اقتراح تنظيم خرجة نضالية لزيارة المناضل الوطني الغيور السي بريك بن محمد الراضي، أحد أذرع الحركة الوطنية، الذي وهب نفسه وحياته فداء للوطن بمنطقة ادويران التي تبعد عن مراكش بحوالي ستين كلم بإقليم شيشاوة . ادويران التي تعد قلعة نضالية محصنة من قبل الاتحاديين مند فجر الاستقلال، لما عرف عنهم من صدق وثبات على المبدأ، فقد ترأس هذه الجماعة السي الحبيب الدويراني عدة سنوات نظرا لتاريخه المجيد وعطاءاته النضالية، فهو المناضل الاتحادي العتيد وابن الشهيد حيث استشهد والده على يد المستعمر الغاشم سنة 1939 ، بعده تحمل السي الحبيب الدويراني مسؤولية التأطير النضالي بالمنطقة إلى جانب العديد من الوطنيين والمناضلين المخلصين، ومن بينهم لشكر وأيت فارس والحسين موزون وبهى موزون وبهى الزعر وإلى جانبهم المناضل الكبير السي بريك بن محمد الراضي. فكل هؤلاء تعرضوا لشتى أنواع التعذيب والتنكيل من اعتقالات ونفي وإبعاد سواء في مرحلة الاستعمار أو في مرحلة سنوات الرصاص على يد اوفقير وبعده ادريس البصري. وقد صادفت زيارتنا هذه ذكرى يوم الوفاء. واستحضارا منا لملامح جيل تشبع بالقيم التحررية النبيلة ، انطلقت زيارتنا في اتجاه قلعة نضالية، فما كان من الكاتب الجهوي عبد العزيز الرغيوي ودنيا الركراكي، لطيفة ورشيد السيدي، أعضاء الكتابة الجهوية إلى جانب أعضاء الكتابة الإقليمية لشيشاوة في شخص نائب الكاتب الإقليمي أبيدار والجامودي عضو الكتابة الإقليمية وكذا بحضور كاتب فرع ادويران الكسايسي وبرفقته المناضل الاتحادي ابن المنطقة الأخ احمد امراوزي، إلا جعل هذه الزيارة زيارة وفاء لكل المناضلين والشهداء بالمنطقة، صونا للذاكرة الوطنية والاتحادية ومن اجل تبديد المسافة بين الأجيال وتقريبها من الأجيال الصاعدة لاستلهام العبر من سير هؤلاء الأبطال، وتعميما للوعي بقيم الوطنية الصادقة والمواطنة الرشيدة . ولهذا جسدنا تخليد هذا اليوم يوم الوفاء في زيارة المناضل الفذ السي ابريك الذي يعاني من المرض وضيق اليد، والذي يبلغ من العمر ما يربو عن الثمانين سنة وأزيد ..فهو من مواليد 1930 انخرط في صفوف الحركة الوطنية ويعد من المؤسسين الأوائل لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وكانت تربطه علاقة حميمية بفقيد الحركة الاتحادية السي الحبيب الفرقاني ، وكان من المؤسسين لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.. عانى من محن الاعتقال والإبعاد عدة مرات كان آخرها اعتقاله في الانتخابات البرلمانية لسنة1977 ، وبقي صامدا شامخا كالطود لم يأبه بكل الاستفزازات والتحرشات والمناوشات التي كانت تحاك ضده خصوصا في منطقة البادية التي تعد حكرا على السلطة في زمن الرصاص، فقاوم كل التهديدات و الإكراهات ولم يخضع للإغراءات كيفما كان شكلها، وهاهو يرقد نظيف الوجه والتاريخ، تشع من أسارير وجهه محبته للوطنية وإخلاصه لهذا الشعب المكافح في إطار حزبه الاتحاد الاشتراكي الذي بقي متمسكا به، رغم كل الاختلالات واللامبالاة. تحلق الجميع حول السي ابريك وهو يرسم ابتسامة البراءة، والصدق يتلألأ من بين وجه ملتح بلحية بيضاء بياض سلوكه وسيرته . وقد كان من بين الحاضرين شبان وأطفال يرون باندهاش كبير مكانة هذا الرجل العظيم بتاريخه وقيمه مما سيحثهم على مواصلة مسيرة البناء والدفاع عن المقدسات الوطنية والاختيارات الديمقراطية. كما أن أعضاء الكتابة الجهوية حظوا باستقبال دوار تازطيمت بأيت الرايس بحفاوة وكرم وقد استبشروا فرحا بهذه الزيارة واختيار قبيلة ادويران لتخليد يوم الوفاء. وقد قضينا لحظات في نقاش القضايا العامة لوطننا ولحزبنا والتطورات التي تعرفها بلادنا وأصغينا كثيرا لآرائهم ومعاناتهم تجاه الأوضاع العامة، وكذا داخل الحزب شاكرين لنا مثل هذه الالتفاتة وقد استهوتنا سرديات المناضل الكبير السي الحبيب الدويراني الذي حاول اختزال تجارب نضالية مريرة في لحظة قصيرة. لقد قضينا لحظات رائعة تنم عن صدق الشعور وتبعث فينا الروح بالمسؤولية التاريخية، من خلال ذكريات النضال البطولي التي خاضها السي بريك وأمثاله من رفاق دربه بهذه المنطقة ضد التحكم في رقاب المغاربة، واستقينا من صدق أعينهم ماء وجهنا النضالي وكانت الزيارة بحق إحياء للذاكرة الاتحادية وردا للاعتبار ونبراسا وقدوة لكل طلائع حزبنا من الأجيال الصاعدة لضخ دماء جديدة لمواجهة كل أشكال الفساد التي تخيم على سماء بلادنا . فلهم منا ألف تقدير، إكبارا لبطولاتهم وسيرهم الصادقة.