«شامخ كالطود,يتلألأ كلجين وادي بولعوان وقت الأصيل ، شفق يسطع بين ثنايا جبال الأطلس، معلمة وضاءة في فضاء ايدوران و على امتداد سفوح جبال الأطلس تحمل لوحه الحافل بالمكرومات وبالعطاءات ، بشهامة الفضلاء تخطى الصعاب بجلد الصامدين، عرف كيف يمر بين قطرات المطر دون أن يبتل ، تفجر ينبوعا نضاليا و صيحة مدوية في وجه المستعمر الفرنسي ، من هدير كفاحه نغترف لإرواء مسيرتنا النضالية ، و من سجل قيمه نخط تشوفاتنا وتصوراتنا و نتفيأ بظلال تجربته الغنية .ها نحن اليوم نجني قطوفه الدانية على مائدة مؤتمرنا الإقليمي ، وعذرا لك إن اختزلنا تاريخك في لحظة لكنها لحظة احتفاء» ، جاء هذا في توطئة للكلمة الاحتفائية بالمجاهد والمناضل الاتحادي الحبيب الدويراني التي ألقاها م.رشيد السيدي عضو الكتابة الجهوية لجهة مراكش تانسيفت الحوز, في إطار السنن الحميدة التي سنتها الكتابة الجهوية وفق برنامج نضالي حددت له مواعد تواصلية وتنظيمية تتخلل أطوارها مناسبات الاحتفاء بالرموز الاتحادية التي أبلت البلاء الحسن في خدمة هذا الوطن ، حيث كانت المناسبة هذه المرة فرصة تجديد الكتابة الإقليمية بمدينة شيشاوة الذي حضرت أشغاله مؤخرا عضوتان من المكتب السياسي زبيدة بوعياد وعائشة لخماس, والكاتب الجهوي عبد العزيز الرغيوي وأعضاء من الكتابة الجهوية وعدد من أعضاء المجلس الإقليمي التنظيمي ، وقد جددت الثقة للمرة الثانية على التوالي في العربي جورخمان بانتخابه كاتبا إقليميا ، وعقب ذلك شهد مقر الكتابة الإقليمية بشيشاوة أجواء الاحتفاء بالمناضل الكبير السى الحبيب بن أحمد بن الحسين الدويراني الذي من جملة الشهادات التي قيلت في حقه هو ما تضمنته كلمة الكتابة الجهوية احتفاء به ، مؤكدة على أن هذا الرجل صادق ما عاهد الله عليه و مابد ل تبديلا ، فقد ازداد المجاهد السي الحبيب بقبيلة ادويران عام 1924 ، فهو سليل العلم و المعرفة والنضال، وهو ابن الشهيد القائد أحمد بن الحسين الدويراني ، الذي استشهد في عهد الاستعمار الفرنسي نظرا لروحه الوطنية وتأجيجه للحركة الوطنية خصوصا بعد صدور الظهير البربري .كما تعرض أخوه ألأكبر للاعتقال من قبل المستعمر، و ضاق السي الحبيب الدويراني درعا بهذه الوضعية, فاضطر إلى مغادرة الدراسة، بعد أن حفظ القرآن وتلقى تعليمه بجامعة ابن يوسف، وقد عانى السي الحبيب كثيرا من المضايقات خصوصا على يد القائد الحسين التكني الذي عين قائدا على قبيلة ايدويران من قبل المستعمر الفرنسي.حيث استكمل دراسته بعد إطلاق سراح أخيه عام 1944. وقد كان له الفضل في تكوين وخلق أنوية في صفوف الحركة الطلابية،إذ كان يترأس اجتماعات ليلية للتوعية والتأطير، خصوصا بعد نفي الملك الشرعي المغفور له محمد الخامس،مما جعله يقدم إلى المحاكمة أمام ممثل الإقامة العامة بامنتانوت عدة مرات كما صودرت أملاكه وتم نفيه الى ثخوم جبال الأطلس الكبير بعد قيامه بحركة نضالية استنكارا للعدوان الثلاثي على مصر. و كان من المؤسسين الأوائل لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية إلى جانب السي الحبيب الفر قاني ومولاي الشافعي وعمر الطويل وآخرون...كما تعرض السي الحبيب الدويراني للاعتقال مرة أخرى في مستهل الستينات بعد مقتل مولاي الشافعي ومولاي محمد بركاتو والقائد المطاعي والبزيوي بسهب العتروس بمنطقة بوجمادة.وقد التحق بسلك التعليم عام 1961 وفي سنة 1963 تم نفيه إلى منطقة تزارين بقبيلة ايت عطا قرب زاكورة على يد عامل إقليممراكش الطاهر أوعسو، لأنه رفع صوته محتجا على عملية التزوير التي مورست ضده وضد مرشحي الحركة التقدمية أنداك ، ويرجع الفضل في عودته إلى مراكش إلى نضال رفاقه وكذا لما قام به السيد عبد الكريم الشاتي بلحاج عندما كان نائبا على نيابة مراكش. وفي عام 1973 كان من بين المؤسسين لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.كما ترأس المجلس الجماعي لدويران عدة مرات بدون منازع.وهو كذلك من الفاعلين الجمعويين بالمنطقة رغم كبر سنه، فهو يترأس جمعية الماء الصالح للشرب بادويران كما يرأس تعاونية فلاحية ويرأس الجمعية الخيرية الإسلامية بادويران...... ، وبالموازاة مع كل هذا فهو أب ناجح في تربية أبنائه حيث كان شديد الحرص على رعايتهم وتدريسهم وإعدادهم لخدمة البلاد والعباد، فله سبعة أبناء ، ستة منهم ذكور وبنت واحدة, فمنهم المهندس والاستاذ الجامعي ومدير الضرائب وأستاذان وطبيب اختصاصي. وكانت هذه المناسبة الحزبية المتميزة والمؤثرة لحظة التقى فيها العديد من الاتحاديات والاتحاديين الذين جاءوا من مختلف الفروع والكتابات الإقليمية بالجهة الشرقية، من الناضور وبركان ووجدة وتاوريرت وجرادة .. لمشاركة إخوانهم بمنطقة أحفير، هذا الحدث التاريخي. كما كان هذا الحفل مناسبة التأم فيها جيل المؤسسين للحركة الاتحادية بالجهة الشرقية الذين، بالرغم من تقدمهم في السن، ما زالت قلوبهم تنبض بالأمل من أجل تحقيق المشروع المجتمعي الذي تأسس الحزب من أجله سنة 1959 والمتمثل في تحرير الإنسان المغربي من الجهل والاستعباد وبناء مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، بجيل الشبيبة المتشبع بالقيم والبادئ الاتحادية والتواق إلى مغرب أفضل وغد أفضل وذلك بالإصرار على مواصلة النضال الديمقراطي لاستكمال ما بدأه الأولون. الأخ لحبيب المالكي، في كلمته بهذه المناسبة، عبر عن سعادته بمشاركته في هذه اللحظة التي اعتبرها لحظة مؤثرة، وأنها من صميم تقاليدنا تذكرنا بأن الاتحاد الاشتراكي له ذاكرة بالوجوه الحاضرة والتي تنتمي إلى الجيل الأول والجيل الثاني والجيل الحالي، مضيفا بأن هذا يذكرنا بأن الاتحاد الاشتراكي حركة تاريخية وأنه متجذر في مجتمعنا مما يجعله حزبا متميزا عن باقي الأحزاب، مؤكدا على أن هذا الربط بين الأجيال هو الذي يعطي صبغة خاصة للحياة الحزبية ويعطي أفقا لنضالنا، ويذكرنا بأن الاتحاد الاشتراكي له قيم الوفاء والإخلاص تجعله يحافظ على رأسماله البشري ، لأنه -يقول المالكي- أي حركة سياسية إذا لم تحترم الرأسمال البشري وتعطيه لاعتبار لا يمكنها الاستمرار، واعتبر عضو المكتب السياسي، أن المقولة التي أصبحت تتناول حتى في صفوفنا والتي مفادها أن الاتحاد الاشتراكي هو صراع الأجيال، لأن جيل الأمس وجيل اليوم يفكر بكيفية متناقضة، هو طرح خاطئ لأننا نؤمن بحركية التاريخ، أي أننا نؤمن بالحاضر والماضي والمستقبل، لأنه لا يمكن أن نفهم الحاضر إذا لم تكن لنا القدرة على تحليل ما جرى بالأمس، وهذا ما يجعلنا نستمر اليوم، وهذا كذلك يجعلنا نستمر غدا لبناء المستقبل.. ويضيف عضو المكتب السياسي أن الاتحاد الاشتراكي هو إحدى الركائز التي جعلت الفكر التحرري يستمر، وهو حزب يعبر عن طموحات الشعب المغربي، لأنه يجسد طموحه في التغيير، مؤكدا على أننا في الحزب في حاجة إلى أدوات تنظيمية جديدة تناسب المرحلة الجديدة التي نعيشها، وفي حاجة إلى تجديد الفكر التقدمي، لأن هذا الفكر اليوم يختلف عن الفكر التقدمي للبارحة، لأن العالم تغير، ثم يضيف أننا في حاجة إلى خطاب يكون مقنعا بالنسبة للشباب وبالنسبة للنساء لنسرع بالتغيير الديمقراطي، معتبرا أنه لايمكن أن نحقق ذلك إلا إذا توحدنا ووحدنا صفنا ووحدنا فكرنا.. بالرغم من اختلافنا في بعض المواضيع الداخلية والخارجية، ثم أكد على أن الاتحاد الاشتراكي كيفما كان الحال مارس خطاب الحقيقة، ولكن علينا أن نجدد خطاب الحقيقة أكثر من الأمس حتى نبقى مرتبطين بالشعب المغربي، والشيء الأساسي في ذلك هو الثقة لأنه لو افتقدنا الثقة فيما بيننا سيفقد الشعب الثقة فينا..» عبد الحميد جماهري في كلمته ركز على مفهوم القيم الأخلاقية النبيلة والأفكار البسيطة التي حملها الأباء والمؤسسون الاتحاديون والمناضلون النزهاء، والتي هي أساس أي فكر متجدد، رابطا ذلك بما جرى في تونس ومصر، لأنه كما قال «إن الشباب في تونس ومصر قام بالثورة من أجل استعادة تلك القيم وتلك الأخلاق التي اندثرت ضدا على السلطة، وضدا على الديكتاتورية، نلاحظ أنه عندما سقط مبارك كحاكم وكرجل عسكري، فإن الجموع التي طالبت برحيله هي نفسها التي ودعت بالخشوع سعد الدين الشادلي إلى مثواه الأخير، لأنه ظل بسيطا وظل صريحا وظل وطنيا وظل شابا(بأفكاره)، معتبرا أن الشباب عندما يريد أن يقوم بالثورة للبحث عن الحل يذهب عند المناضلين الأصلاء والنزهاء أو كما يسمونهم بالحكماء ليتكلموا باسمهم، كما حدث في مصر وتونس، واعتبر جماهري - وهو يتوجه إلى المؤسسين - أن هؤلاء النزهاء هم الاتحاديون، لذلك يقول، لايثور الشباب إلا ليستعيد قيم الأباء وتجديد القيم الأساسية ..النزاهة ،الكرامة، الوفاء، البساطة، ،التلقائية.. لذلك يقول، إننا لانفاجأ إذا ثار شبابنا ليطالبنا بالعودة إلى قيم الأباء والأفكار البسيطة، ونحن عندما ننتقد حزبنا دائما، نقارنه بما فعله المؤسسون والمناضلون الأساسيون.. ويقول، إنه لحسن حظنا لم يبتعدوا(المناضلون المؤسسون) عنا لا وجدانيا ولا جسديا، لقد كانوا دائما قريبين منا. ويعتبر عضو المكتب السياسي أن للمستقبل معنى قيميا أخلاقيا، لأن الشباب في العالم يثور اليوم من أجل الأخلاق والقيم، لأنه يريد الحرية والكرامة والنزاهة والانتماء للوطن دون حساب ودون تمييز..»