أعد المجلس الوطني لحقوق الانسان رأيا استشاريا يتضمن مقترحاته حول مشروع القانون الذي يحدد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمل المنزلي. وننشر في ما يلي أبرز ما جاء في هذا الرأي . مقترحات تهم التنصيص على الضمانات المنصوص عليها في مدونة الشغل تبين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بعد تحليل مقتضيات مشروع القانون موضوع هذا الرأي الاستشاري، ضعف ارتباط هذا «القانون الخاص» بالقاعدة العامة المتمثلة في مدونة الشغل، حيث إن المشروع لا يحيل بوضوح على مدونة الشغل إلا بشكل جزئي فقط (في المادة 4 والمادة6 على سبيل المثال)، مع العلم أن المجلس لاحظ أن بعض مقتضيات مشروع القانون تستنسخ أحكام بعض مواد مدونة الشغل حرفيا (مثل الأحكام المرتبطة برخص التغيب التي تنص عليها مقتضيات المادة 12 من مشروع القانون)، وهو ربط من شأنه تعزيز الحماية القانونية للعمال المنزليين. لهذه الأسباب، يقترح المجلس أن يتم القيام بمسعى يطابق بين مقتضيات مشروع القانون موضوع هذا الرأي الاستشاري ومدونة الشغل، بشكل يغطي جوانب أخرى تتعلق بالضمانات القانونية الممنوحة لهذه الفئة من العمال. وهكذا يقترح المجلس تضمين الأحكام التالية التي تنص عليها مدونة الشغل في مشروع القانون موضوع الرأي الاستشاري: * الأحكام العامة لمدونة الشغل خاصة تلك المنصوص عليها في المواد 9 و10 و11 . ويمكن إدراج هذه الأحكام بين المادتين 1 و2 من مشروع القانون؛ * أحكام المادتين 13 و14 من مدونة الشغل المتعلقة بفترة الاختبار، التي يمكن إدراجها ما بين المادتين 3 و4 من مشروع القانون؛ * أحكام المادة 23 من مدونة الشغل التي يمكن إدراجها بين المادتين 5 و6 ؛ * أحكام المادة 24 من مدونة الشغل، التي يجب تكييفها مسبقا مع خصوصية العمل المنزلي (لا سيما في النقاط 2 و5) ويمكن بعد ذلك إدراجها بين المادتين 5 و 6 من مشروع القانون؛ * أحكام المادتين 39 و40 من مدونة الشغل، التي يمكن إدراجها بين المادتين 15 و16 من مشروع القانون؛ * أحكام المادتين 72 و731 من مدونة الشغل، التي يجب تكييفها مسبقا مع خصوصية العمل المنزلي (خصوصا الفقرة الثانية من المادة 72) ويمكن بعد ذلك إدراجها بين المادتين 7 و8 من مشروع القانون؛ * تكييف أحكام اتفاقات للعمل الجماعية، خاصة أحكام المادة 105 من مدونة الشغل، من أجل التنصيص في مشروع القانون على إمكانية وضع اتفاقات جماعية للعمل المنزلي. وفي هذا السياق، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان استلهام التجربة الفرنسية في هذا المجال خاصة الاتفاق الوطني الجماعي للعاملين لدى أصحاب عمل من الأفراد الصادر في 24 نونبر 1999. * وفي ما يتعلق بحماية الأمومة، يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بنقل أحكام المواد 152 و153 و154 و155 و156 و157 و158 و159 و160 من مدونة الشغل لمشروع القانون مع تكييف أحكام المادة 164 ( بشأن نطاق البطلان) مع خصوصية العمل المنزلي. * أحكام الفقرة الأولى من المادة 184 من مدونة الشغل، التي تحدد ساعات العمل العادية للعاملين في 2288 ساعة في السنة أو 44 ساعة في الأسبوع. يمكن إدراج هذه الأحكام بين المادتين 7 و8 من مشروع القانون. كما يرى المجلس أن ينسحب الأمر نفسه على المادة 201 من مدونة الشغل، بعد حذف الأحكام المتعلقة بالنشاطات الفلاحية. * وفي ما يتعلق بإمكانية تجميع أيام الراحة الأسبوعية باتفاق المشغل والعامل، المنصوص عليها في المادة 8 من مشروع القانون، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدراج مقتضى على مستوى المادة المذكورة يستثني العمال المنزليين الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة من هذهالامكانية. وفي نفس السياق، يقترح المجلس أن تعطى الراحة التعويضية داخل أجل لا يتعدى شهرا عوض الشهرين المنصوص عليهما في المادة 8 من مشروع القانون، مما سيسمح بملاءمة الفقرة الثانية من المادة 8 من مشروع القانون مع المادة 215 من مدونة الشغل . * وبخصوص علاوة الأقدمية، يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتماد أحكام المادة 350 من مدونة الشغل في مشروع القانون، و يمكن إدراج أحكامها بين المادتين 14 و15 من مشروع القانون. * من أجل تعزيز الضمانات التعاقدية للعمال المنزليين، يقترح المجلس اعتماد أحكام المادتين 370 و18 من مدونة الشغل في مشروع القانون. ويمكن إدراج هذه الأحكام بين المادتين 5 و6 من مشروع القانون. وتجدر الإشارة إلى أن هناك عدة تشريعات مقارنة تراعي خصوصية العمل المنزلي وتضمن في الآن نفسه، ولوج العمال المنزليين للحد الأدنى من الوثائق التي تثبت علاقات العمل الرسمية. فمرسوم 2010 الذي يحدد شروط عمل العمال المنزليين ببوركينا فاسو، مثلا، يعفي المشغل في المادة 18 من «مسك سجل» خاص لكنه يفرض تقديم المشغل لورقة الأداء للعاملين لديه . * وإذ يسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان عدم تحديد مشروع القانون لسن محددة للتقاعد، ونظرا لعدم وجود أي تقييم لصعوبة العمل المنزلي في السياق الاقتصادي والاجتماعي الوطني، يقترح المجلس اعتماد أحكام سن التقاعد المنصوص عليها في المادة 526 من مدونة الشغل التي تحدد سن التقاعد في 60 سنة. ويعتبر المجلس الوطني لحقوق أيضا أنه يجب التنصيص صراحة في مقتضى عام يتم إدراجه ضمن مقتضيات مشروع القانون على بعض الضمانات الأساسية المتعلقة بحقوق العمال المنزليين، خاصة: * الحرية النقابية والحق في التنظيم * المساواة في الأجور * التسجيل في الضمان الاجتماعي * التغطية الصحية الأساسية وفي سياق عرض مقترحات المجلس الخاصة بالملاءمة الجزئية مع أحكام مدونة الشغل، يحرص المجلس على الإشارة، على سبيل المقارنة، إلى أن بعض التجارب اختارت، من حيث الصياغة التشريعية، حلولا تهدف إلى ترسيخ قانون الشغل كقاعدة عامة في علاقتها مع القاعدة الخاصة المتمثلة في القانون المنظم للعمل المنزلي، من جهة، مع التنصيص، من جهة ثانية، على صيغ قانونية، مثل المقتضيات العامة للبطلان ، لضمان حقوق الطرف الأضعف، أي «العامل المنزلي» في العلاقة التعاقدية. وتبقى التجربة الاسبانية في مجال تحديد مصادر القانون المنظم للعمل المنزلي، تجربة مهمة في هذا الصدد، فالمادة 3 من المرسوم الملكي الإسباني الذي ينظم العمل المنزلي تحيل على القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الشغل والنصوص الخاصة التي تنظم العمل المنزلي والاتفاقات الجماعية . ويقترح المجلس أيضا ضمان حماية قانونية شاملة لعمال المنازل باعتبارهم «الطرف الأضعف» في العلاقة التعاقدية. ويقترح في هذا الباب التنصيص على مقتضى قانوني بالبطلان التلقائي لأي شرط تعاقدي يهدف إلى الحد من الحقوق التي يكفلها القانون الذي ينظم العمل المنزلي أو أحكام مدونة الشغل. وعلى سبيل المقارنة، يتضمن القانون البوليفي رقم 2450 الصادر في 9 أبريل 2003 بتنظيم العمل المنزلي في المادة 2 فقرة عامة لا يمكن بمقتضاها «التنازل» عن أي من الحقوق التي يكفلها القانون المذكور . وهناك أمثلة أخرى مقارنة حول العلاقة بين القانون الذي ينظم العمل المنزلي وقانون الشغل والاتفاقات الجماعية، يمكن الرجوع إليها في دليل منظمة العمل الدولية . * تعريف العمل المنزلي (المادة 2 من مشروع القانون) بعد إجراء دراسة مقارنة لتعريفات الأعمال المنزلية ، يرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن اللائحة الواردة في المادة 2 من مشروع القانون تنص على بعض الأعمال التي يمكن أن تكون خطرة بالنسبة للأطفال. ولذلك، يقترح المجلس نقل الفقرتين الأخيرتين من المادة 6 من مشروع القانون للمادة 2. ويذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا الإطار بالملاحظة التي وجهتها إلى المغرب لجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقية (رقم 138) بشأن الحد الأدنى للسن وكذا بمقتضيات الفقرة 5 من التوصية رقم 201 التي تنص على أنه «ينبغي للدول الأعضاء، بعد مراعاة أحكام اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال، 1999 (رقم 182)، والتوصية ذات الصلة (رقم 190)، أن تحدد أنواع العمل المنزلي، التي يحتمل بطبيعتها أو بفعل الظروف التي تؤدى فيها، أن تلحق الأذى بصحة الأطفال أو سلامتهم أو أخلاقهم، كما ينبغي أن تحظر أنواع عمل الأطفال هذه وأن تقضي عليها» * نموذج عقد العمل الذي تنص عليه المادة 3 من مشروع القانون يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأن ينص نموذج عقد العمل، بالإضافة إلى الشروط العامة المنصوص عليها في تشريعات العمل، أحكاما تحدد: نوع العمل الذي يتعين القيام به والأجر وطريقة حسابه ودورية أدائه والمدفوعات العينية وقيمتها النقدية ومعدل الأجور أو التعويض عن ساعات العمل الإضافية وساعات العمل العادية والإجازة السنوية المدفوعة الأجر وفترات الراحة اليومية والأسبوعية والأكل والسكن، عند الاقتضاء، وفترة الاختبار، عند الاقتضاء، وشروط إرجاع العامل إلى وطنه (إذا كان أجنبيا) وتوصيف أي أماكن مقدمة للإقامة وكيفيات تسجيل واحتساب ساعات العمل الإضافية، وفترات العمل المحددة المتفق عليها وكيفيات ولوج العامل المنزلي لهذه المعلومات. ويوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان في نفس الإطار بأن يمنح مشروع القانون لمفتشي الشغل إمكانية تقديم طلب أمام المحكمة المختصة من أجل الحكم ببطلان أي عقد لا يتوافق مع أحكام مدونة الشغل والقانون الخاص الذي ينظم العمل المنزلي. ويسمح التحليل المقارن للتشريعات بالكشف عن توجه واضح نحو التدقيق في الأعمال التي يشملها العمل المنزلي. وفي هذا السياق، تنص أحكام المادة 5 من القانون المنظم للعمل المنزلي بايرلندا على أن يتضمن عقد العمل، بالإضافة إلى المقتضيات المعتادة، وصفا مفصلا للمهام التي يتعين على العامل المنزلي القيام بها وكذا تفاصيل أوقات الراحة اليومية . وفي نفس السياق، ينص قانون جنوب إفريقيا القطاعي رقم R. 1068 الصادر في 15 غشت 2002 بتنظيم العمل المنزلي على نموذج عقد يحتوي لائحة وصفية مفصلة لمهام وواجبات المتعاقدين، مما يسهل تحديد الالتزامات التعاقدية للأطراف . وبخصوص شروط سكن العمال المنزليين، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يحدد مشروع القانون الشروط الدنيا لسكن العمال المنزليين اللائق. ويمكن للمشرع، في هذا السياق، استلهام أحكام المادة 30 من القانون السويسري الذي يحدد شروط السكن والتغذية بالنسبة للعمال المنزليين ، وهي مقتضيات شبيهة بأحكام المادة 8 من قانون جنوب أفريقيا القطاعي . *الشهادة الطبية المنصوص عليها في المادة 5 يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 5 وملاءمتها مع مقتضيات التوصية رقم 201 التي تنص على أنه ينبغي على الدول الأعضاء أن: «أ) تتحقق من أن ترتيبات الاختبار الطبي المرتبط بالعمل تحترم مبدأ سرية البيانات الشخصية والحياة الخاصة للعمال المنزليين؛ وتتماشى مع مدونة ممارسات منظمة العمل الدولية بشأن «حماية البيانات الشخصية للعمال»، (1997) وغيرها من المعايير الدولية ذات الصلة بحماية البيانات؛ ب) تمنع أي تمييز يرتبط بمثل هذا الاختبار؛ ج) تضمن ألا يفشي معلومات عن وضعه إزاء فيروس نقص المناعة البشرية أو الحمل. *الحد الأدنى لسن الاستخدام في العمل المنزلي يذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأن اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين (رقم 189) تشير في ديباجتها إلى اتفاقية حقوق الطفل ، وبأن الفقرة الثانية من المادة 3 من الاتفاقية رقم 189 تقتضي بأن «تتخذ كل دولة عضو، لصالح العمال المنزليين ، التدابير المنصوص عليها في هذه الاتفاقية لاحترام وتعزيز وتحقيق المبادئ والحقوق الاساسية في العمل « (ج) خاصة القضاء الفعلي على عمل الاطفال»، علما بأن المغرب صادق مؤخرا على إعلان الرباط الذي جاء في إطار التحضير للمؤتمر الدولي الثالث حول أسوأ أشكال عمالة الأطفال بالعاصمة البرازيلية برازيليا 2013 ،ودعت مقتضياته إلى إعادة النظر في اللائحة القديمة للأعمال الخطرة الممنوعة على الأطفال دون سن 18 سنة ووضع مرسوم يحدد لائحة جديدة. وعلى أساس هذه المبادئ، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن ينص مشروع القانون على أن يكون السن الأدنى للاستخدام في العمل المنزلي هو 18 سنة. وعلى سبيل المقارنة، ينص المرسوم السويسري الذي يضبط شروط الدخول والإقامة والعمل بالنسبة لفئة مُعينة من عمال المنازل لدى المستفيدين من الامتيازات والحصانات والتسهيلات بسويسرا (مرسوم العمال المنزليين) في المادة 9 على عدة شروط يجب توفرها في العامل المنزلي، من بينها الحد الأدنى للسن المحدد في 18 سنة . * مكونات أجور العاملين المنزليين يلاحظ المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن مشروع القانون ينص في المادة 13 على إمكانية دمج بعض المزايا العينية (تصل إلى 40%) في مكونات أجر العامل المنزلي الذين يعيش في منزل المشغل. وفي هذا الإطار يحيل المجلس على بعض القوانين المقارنة، مثل القانون البرازيلي المتعلقة بالعمل المنزلي، بعد التعديلات التي أدخلت عليه في 2006، و الذي تمنع أحكام المادة 2 منه المشغل من خصم أجر العامل المنزلي مقابل توفير الأكل والملبس والمسكن والخدمات الصحية . وينص القانون القطاعي الجنوب إفريقي رقم R. 1068 الصادر في 15 غشت 2002 بشأن العمل المنزلي على حكم مماثل في المادة 7 إلا أنه ينص على أن الحد الأقصى لإمكانية الخصم ل 10% من الأجر مقابل السكن . أما المشرع الإسباني فقد اختار بموجب المرسوم الملكي رقم 1620/2011، الصادر في14 نونبر 2011 بتنظيم العمل المنزلي، أحكاما مماثلة لمقتضيات مشروع القانون موضوع هذا الرأي الاستشاري، إلى أنه حدد الحد الأقصى للمنافع العينية في 30% في حين حدده مشرع الأوروغواي في 20% فقط . وعلى ضوء هذه التجارب، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان الحد من نسبة المكملات العينية في الأجر التي تنص عليها مقتضيات المادة 13 من مشروع القانون. ويذكر المجلس أخيرا في هذا الصدد، بأهمية احترام المحددات التالية في أي عملية لإعادة احتساب المكون العيني من أجر العمال المنزليين، ويتعلق الأمر بالمحددات المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة 12 من الاتفاقية رقم 189 حول العمل اللائق للعمال المنزليين، وهي ألا تكون أقل مواتاة من تلك المطبقة على فئات أخرى من العمال، و ضرورة موافقة العامل على المدفوعات العينية، وأن تكون للاستخدام الشخصي للعامل ولمصلحته، وأن تكون القيمة النقدية المنسوبة لها عادلة ومعقولة.