كيف يمكن حماية الحياة الشخصية للأفراد في عالم أضحت فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصال أكثر تطورا وبقدرة كبيرة على اقتحام عوالمهم الشخصية؟ كان هذا أحد الاسئلة التي وجهت تفكير المشاركين في المؤتمر السابع حول حماية المعطيات الشخصية، الذي انعقد بمراكش يومي 21 و22 نونبر 2013، بإشراف الجمعية الفرنكوفونية لسلطات حماية المعطيات الشخصية بشراكة مع المنظمة الدولية للفرنكوفونيةواللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. الإشكالية المركزية للمؤتمر، منبثقة من المفارقة التي يعيشها المجتمع المعاصر الذي حققت فيه التقنية تقدما كبيرا ترك مفعولا إيجابيا في مناحي كثيرة من الحياة سواء، وثوَّر أسلوب الناس في العيش والتفكير، لكنه في نفس الوقت شكل خطرا كبيرا على الحياة الخاصة للأفراد والأسر. «إنه الثمن الذي ينبغي دفعه مقابل التقدم الاستثنائي للتكنولوجيات الجديدة للاتصال والمعلومات،وواجبنا كسلطات للحماية هو تخفيض هذا الثمن مع السهر على تعزيز حقوق الشخصية للإنسان واحترام حياته الخاصة، وبيته ومراسلاته»، يقول سعيد إهراي رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وهو يتحدث أمام المؤتمرين في افتتاح هذه التظاهرة. هذه المفارقة، تفتح باب معركة غير متكافئة بين الشركات متعددة الجنسيات العاملة في هذه المجالات والتي تحقق فيها رقم معاملات ضخم يقدر بملايير الدولارات، وبين الأشخاص المعنيين، وكذا الهيئات المختصة بحماية حقوق الإنسان. فالشركات العاملة في المجال الرقمي من خلال محركات البحث أو الشبكات الاجتماعية، تحتكم إلى إمكانيات ضخمة. ففي سنة 2012، كان عدد مستعملي إحدى الشبكات الاجتماعية المهمة هو 850 مليون مستعمل، وانتقل هذا الرقم في السنة الحالية إلى مليار مستعمل، أما قيمة هذه الشبكة لدى دخولها للبورصة فحددت في 95 مليار دولار. المعطيات التي قدمت خلال هذا المؤتمر بينت أيضا، أن ثمانية أشخاص من أصل عشرة من مستعملي الأنترنيت هم أعضاء في شبكة اجتماعية ويتبادلون رسائل حميمية ومهنية، ويتحدثون عن كل شيء في الهاتف. والأخطر هو أن كل هذه المعطيات التي تروج عبر الأنترنيت، يتم تجميعها وبيعها، لتشكل سوقا حقيقيا، مادته هي المعطيات الخاصة بالحياة الشخصية للأفراد. المشاركون في مؤتمر مراكش تدارسوا أيضا موضوع حماية المعطيات الشخصية على الصعيد الدولي بمشاركة شخصيات وخبراء، من بينهم رؤساء الجمعية الفرنكوفونية لسلطات حماية المعطيات الشخصية والمنظمة الدولية للفرنكوفونية والهيئة الفرنسية المختصة بحماية المعطيات الشخصية. التظاهرة كانت أيضا مناسبة للتطرق لعدة مواضيع ذات بعد دولي، منها الصعوبات القانونية التي يواجهها الفاعلون في مجال حماية المعطيات الشخصية على الصعيدين الدولي والإقليمي، وكذا تقييم نتائج أشغال المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين لسلطات حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة المنعقد بفارسوفيا. مثلما وقفوا على دور سلطات تقنين الحكامة على الانترنت، وطبيعة مهامها لتحقيق التوافق بين ضرورة حماية حقوق الإنسان الأساسية ومعطياته الشخصية، وبين الحفاظ على شبكة الانترنت كفضاء لحرية التعبير. وناقش المؤتمرون طريقة تدبير سلطات حماية المعطيات الشخصية لتواصلها الخارجي، خاصة حين يتفاعل الإعلام والمجتمع المدني مع أحداث تهم المعطيات الشخصية، أو حين تكون هذه السلطات مطالبة بنشر تقاريرها وآرائها... وطرح المؤتمر تساؤلات حول استعمال الهاتف: ما طبيعة المعطيات المخزنة فيه؟ هل التطبيقات تراعي حرمة الحياة الخاصة؟ ماهي الوسائل التي يمكن لسلطات حماية المعطيات الشخصية استعمالها لمراقبة التطبيقات والهواتف؟ أية نصائح توجه لمستعملي الهاتف؟ و ماهي ضوابط ممارسة سلطة المراقبة، ونوعية العقوبات وتطبيقها ؟ في ختام المؤتمر، انعقد الجمع العام السابع للجمعية الفرنكوفونية لسلطات حماية المعطيات الشخصية، وأفضت أشغاله إلى المصادقة على محضر الجمع العام السادس المنعقد بموناكو في 2012، وعرض التقرير الأدبي للفترة 2012-2013، والمصادقة على التقرير المالي لعام 2012 في صيغته النهائية، والمصادقة على قرارات الجمعية الصادرة في 2013، وانتخاب الرئيس وأعضاء المكتب، والمصادقة على الميزانية المتوقعة لعام 2014 . وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية الفرنكوفونية لسلطات حماية المعطيات الشخصية تسعى إلى تنمية الحقوق المرتبطة بحماية المعطيات الشخصية منذ تأسيسها في العام 2007 بدعم من المنظمة الدولية للفرنكوفونية. الجمعية تعبر عن موقف السلطات المكلفة بحماية المعطيات الشخصية في الفضاء الفرانكفوني، وهي تساهم على الساحة الدولية في تحقيق التوافق في المجال التشريعي الخاص بحماية المعطيات الشخصية.