صدر مؤخرا كتاب جماعي موسوم ب» السيميائية بين السرد والخطاب والأيقونة». شاركت فيه ثلة من الباحثين معظمهم من المغرب. وقد تجرأ المصطفى الشاذلي (المشرف على الكتاب) ومحمد درويش (منسق الكتب) على اعتبار الأعمال ثمرة المدرسة السيميائية المغربية، التي استطاعت أن تتفاعل إيجابا مع مختلف الروافد السيميائية الكونية، وتبلور لغة واصفة قادرة على وصف مختلف أصناف الخطابات وتحليل بنياتها. بين المصطفى الشاذلي، في مقدمة الكتاب، أن السيمائيات تتميز أساسا بقدراتها الوصفية. وهي بمثابة نظرية عامة تفرعت عنها سيميائيات تحظى بالاستقلالية والتفرد بحكم خصوصية مواضيعها، وتباين لغاتها الوصفية وطرائقها في التحليل والتأويل. أولاها سيميائية العمل التي تعنى بحالات الأشياء، وفي طليعتها تحركات الذات وديناميتها ودخولها في صراع وتنافس مع غيرها حرصا على تحقيق أهدافها المنشودة وثانيتها سيميائية الأهواء التي تنكب على الحالة النفسية وما ينتابها من مشاعر وأحاسيس، إما تكون منفعلة بالوقائع الخارجية أو فاعلة فيها. وثالثها سيميائية الكلام التي أضحت أكثر ملاءمة بسبب التطورات والطفرات التي حققتها النظريات التواصلية. وما يلفت النظر أن السيميائيات تتفاعل مع المستحدثات المعرفية وفي مقدمتها التداولية والتلفظية والتأويلية. ومن إيجابية هذا التفاعل اهتمام السيميائي بالممارسة التلفظية التي تسم الأشكال الثقافية بميسمها الخاص، وتتحكم في زمامها، وتجلي إيحاءاتها المحلية والحضارية. بفصلها استطاعت السيميائيات أن تخرج عن الإطار البنيوي المنغلق، وتمد الجسور الممكنة بين الخطاب وامتداداته في المجتمع والتاريخ والذاكرة. دافع جاك جنيناصكا Jacques Geninascaعن المجالين النظري والتطبيقي للسيمئيات. فهي، علاوة على اكتراثها للشروط العامة لظهور الدلالة، تهتم بأنواع الخطابات وخصوصياتها. أكد المصطفى الشاذلي، في نهاية التوطئة، أن السيمئيات ليست علما نهائيا، وإنما هي مضطرة دوما لمعاودة النظر في مسارها المعرفي والمنهجي سواء باستفادتها من المكاسب المعرفية الجديدة أو بانفتاحها على آفاق رحبة وواعدة. يتكون الكتاب من قسمين. أحدهما يحوي الدراسات باللغة العربية، وثانيهما يشمل الدراسات باللغة الفرنسية. ومن ضمن الدراسات المدرجة في القسم الأول نذكر أساسا : الأيقونة وإنتاج الدلالة لطائع الحداوي، التأويل بين إكراهات التناظر وانفتاح السميوز لسعيد بنكراد، منزلة المتكلم في الخطاب السيميائي لمحمد الداهي، السيميائيات بين العلم والفلسفة لأحمد يوسف، السيميائيات والهوية الثقافية لعلي برعيش. ومن بين الدراسات المثبتة في القسم الثاني نذكر : شعرية المعياري أو سيميائية المعرفة لأحمد باشنو، ملاحظات بصدد نظرية التأويل عند امبرتو إيكو، التحليل السيميائي/ الأسلوبي للنص الأدبي، تشييد الصحراء في كتابات كي دي موباصان حول المغرب لمحمد برنوصي سلطان، التحليل السيميولوجي للنص الأدبي لأنور بنمسيلة..الخ.