لم تكد الضجة التي أثارتها وزير العدل الفرنسية السابقة رشيدة داتي في قضية البحث عن والد طفلتها تهدأ حتى عادت مجددا لتصدر عناوين الأخبار، وهذه المرة عبر كتاب «رشيدة لا تموت أبدا» الذي ألفته رئيسة تحرير مجلة «باري ماتش»، إليزابيت شافلي. ومن بين المقاطع الواردة في الكتاب، والتي تناقلتها مواقع إخبارية فرنسية، ما باح به الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، سنة 2010 لوزير باريس الكبرى، موريس لوروي، حيث قال: «إن أكبر خطأ ارتكبته على مستوى الموارد البشرية هو تعيينها [يقصد داتي] بهذه السرعة الكبيرة». وكانت رشيدة، حسب الكتاب، تسعى جاهدة لتتقرب من الوزير الأول الفرنسي في ذلك الحين، فرانسوا فيون، حيث كان هذا الأخير «في عدة مناسبات يعود من المجلس الوزاري محملا بأوراق صغيرة تحمل توقيع رشيدة وقد كتبت عليها «لماذا لا تحبني؟» وكانت زوجة الوزير الأول تعثر على تلك الرسائل وتنزعج. ولطمأنتها، قام فرانسوا بنزع فتيل القنبلة وهو يحكي الأمر للجميع ويتبادل به النكت في إحدى حفلات العشاء أمام عشرين شخصا». وفي فصل آخر من الكتاب، تحكي إليزابيت شافلي أن رئيس تحرير صحيفة «(Le Siècle)، جيرار وورمز، احتضن رشيدة داتي سنة 2003 في ناد خاص بنخبة الشخصيات الفرنسية. وكانت داتي يوم الأربعاء الأخير من كل شهر على موعد مع نخبة القادة، السياسيين، رجال المال والأعمال والصناعة والإعلام في البلد. «كانت تنتقل من مائدة إلى أخرى وتوزع ابتساماتها هنا وهناك». وبعد أن تحصل على أرقام هواتفهم، تغرقهم بسيل من الاتصالات والمواعيد على الغذاء أو العشاء. وكانت الأمور تسير كما أرادت. يحكي أحد المعجبين بها قائلا: «يمكنها التأثير على الجميع في ثلاثين ثانية، وينبغي مشاهدتها وهي تقلد بريس أورتفو أو عندما تخفي عينيها بشعرها لتقلد كارلا بروني». عندما كانت في دواليب السلطة، تمكنت داتي من نسج شبكة من العلاقات مع أشخاص قادرين على تمكينها من مختلف المعلومات، بمن فيهم السائقون، الأعوان، كتاب السكرتارية، حيث كانت تكسب ودهم وتعاونهم مقابل بعض الهدايا البسيطة. ولعل أبرز أولئك المتعاونين، نتالي، مساعدة كلود غيون، فبفضلها تمكنت رشيدة من أن تكون على إطلاع شبه كامل بكافة مواعيد غيون من ساركوزي سواء داخل قصر الإليزي أو خارجه. وكانت حريصة أيضا على تتبع كل تفاصيل الحياة اليومية لساركوزي. وقامت بتعيين إيمانويل دوفيرني مستشارة لها عندما أصبحت وزيرة للعدل. اختيار هذه المستشارة لم يكن اعتباطيا إذا علمنا أنها كانت رفيقة لميشيل بسنار، رئيس الأمن الخاص بالرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي. وكانت داتي تتوصل من إيمانويل بكل تفاصيل حياة ساركوزي داخل القصر، بل وكانت من خلال هذه السلسلة تتمكن من إيصال الرسائل إلى رئيس الدولة. وذكرت مؤلفة الكتاب الجديد أيضا أن داتي حاولت استغلال نجل رجل الأعمال الفرنسي دومنيك دوسين من أجل إثبات أبوة الأخير لابنتها زهرة التي رأت النور سنة 2009، حيث اختارت داتي ابن دوسين المعروف بمشاعره الرقيقة والحساس إلى درجة كبيرة حتى تضغط على دوسين ليعترف بزهرة خصوصا بعدما رفض الخضوع لاختبار الحمض النووي. داتي وحسب الكتاب كانت تبعث كما كبيرا من الرسائل النصية القصيرة لابن دوسين لتطلعه على أخبار «أخته الصغيرة» وكانت تحاول التأثير عليه بعبارات من قبيل «والد أختك الصغيرة لا يرد الخضوع للاختبار، ساعدني».