وصوليّة وانتهازيّة، وتستعمل كلّ الأسلحة لتحقيق أهدافها: هذه بعض ملامح الصّورة التي رسمها كتاب الصديقة الجميلة، الصادر باللغة الفرنسيّة يوم 5 فبراير ،2009 والذي خصّصه المؤلّفان، ميخائيل دارمون وايف دورييه، وهما صحفيّان، لتقديم الوجه الآخر الخفيّ لرشيدة داتي، وزيرة العدل الفرنسيّة، المنحدرة من أصول مغاربية. وعنوان الكتاب: الصديقة الجميلة، ليس عنواناً بريئاً، فهو يحيل على رواية شهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان يحكي فيها قصّة رجل وصولي، طموح، زير نساء، بلغ قمة السلم الاجتماعي في فترة الثورة الصناعية. والرواية التي تحمل عنوان الصديق الوسيم تظهر البطل وقد نجح في تحقيق أهدافه بفضل النساء اللاتي كان يصادقهن، فالشاب في هذه الرواية كان يستغل وسامته وجسده لدى النساء ليرتقي اجتماعياً. كتاب الصديقة الجميلة، قدم رشيدة داتي في صورة امرأة طموح، تسعى إلى السلطة والمال، تسلقت السلم الاجتماعي بسرعة، وانتزعت مكانتها بفضل الوساطات والاتكال على شخصيّات مرموقة ساعدتها ودفعت بها إلى أعلى المراتب إلى أن تم اختيارها وزيرة للعدل. وهي أوّل امرأة مسلمة من أصول عربيّة تتولى منصبا وزاريّا في فرنسا. "" عارضة أزياء حياتي ليست قصة جميلة، ولست بطلة رواية تريد ابتزاز دموع الناس، هذا ما كتبته رشيدة داتي عن نفسها في كتاب من تأليفها صدر منذ أشهر، وكنا قدمناه في حينه في الاتحاد الثقافي، ولكن تبين، وبعد مطالعة الصديقة الجميلة، ان رشيدة داتي هي فعلا بطلة رواية جميلة ومشوقة. هي من أب مغربي وأم جزائريّة، دمعتها سهلة، ولكنّها ليست امرأة رقيقة أو عاطفيّة، هدفها أن تكون نجمة، حتى أنّ أحد العاملين معها في الوزارة علق قائلاً: عندما تكون نازلة من مدرج الطائرة، محاطة بعدد كبير من المصوّرين، فإنّ الانطباع الذي يحصل لي، أنني أعمل مع مارلين مونرو، فرشيدة داتي يروق لها أن تلعب دور الستار، وقد أقنعها سيبستيان ميش، وهو مصور، بأن ترتدي فستاناً من دار الأزياء الراقية ديور ليتولى إعداد ريبورتاج مصور عنها، ولإغرائها بالقبول همس لها قائلاً: إنّ جاكلين كينيدي... كانت تفعل. وفعلاً، صدرت مجلة باري ماتش، وعلى غلافها صورة رشيدة داتي بفستان أحمر أنيق وفخم، ومجوهرات باهظة الثمن، مما أثار موجة من التعليقات على غرار: إن ما يصلح لعارضة أزياء لا يصلح لوزيرة للعدل. ويبين الكتاب أن رشيدة داتي، وهي تنتمي إلى عائلة مهاجرة فقيرة، اكتشفت وقد تجاوزت الأربعين من عمرها أنه بإمكانها أن تكون امرأة جميلة، وأنيقة، وقويّة، فهي ترتدي أغلى الملابس وأفخمها، واشتهرت لدى المصوّرين بغرامها بالأحذيّة ذات الكعب العالي غاليّة الثمن. وهذا الميل الواضح للبذخ جلب لها الكثير من النقد، وبعض مستشاري الرئيس لم يرق لهم تعمدها الظهور في ثوب امرأة مسرفة ومترفة، ولكنّها كانت تردّ على منتقديها قائلة: دعهم (أي الرأي العام والصحفيين) يهتمّون بأحذيّتي، فالأهم أن امرّر الإصلاحات التي يريدها الرئيس. والحقيقة، أنّ ساركوزي طلب منها تنفيذ إصلاحات لا تحظى بشعبيّة لدى القضاة ولدى شريحة كبيرة من الفرنسيين، وقد تلقت هي كل الضربات من أجل سنّ قوانين متشددة استجابة لرغبة الرئيس وتوصياته، فهي مدينة لنيكولا ساركوزي بما بلغته من جاه وسلطة ومكانة، ولذلك فهي تبذل كل ما أوتيت من جهد في سبيل نيل رضاه، وكسب إعجابه، وهي تسعى من خلال كل ما تقوم به أن تعبر له عن امتنانها وشكرها واعترافها له بالجميل، ولتثبت له أنها الأفضل، وأنها أحسن تلميذة في الحكومة. ورشيدة داتي تطرب عندما تقارن نفسها بالرئيس نفسه فهو مثلها الأعلى، ولا تتأخر في الإعلان أمام الملأ: إني أشبهه تماماً في حيويته وطموحه، مضيفة: وهو مثلي أيضاً لا يقبل الإهانة. مهمة خاصة والكتاب يكشف عن جانب آخر يفسّر الودّ الكبير الذي يكنه الرئيس الفرنسي لرشيدة داتي، فقد نجحت في مهمة خاصّة ائتمنها عليها، وتتمثل في استرضاء سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس، في فترة كان الخلاف بينهما على أشده. توفقت رشيدة في إقناع سيسيليا العدول عن قرارها الانفصال عن زوجها، واستطاعت أن تعيدها إليه.. التحقت بها في مدينة البتراء بالأردن، وكانت في رحلة رفقة صديقها اليهودي المغربي ريشارد عطية (تزوجته الآن)، وأمكن لها استرضاءها. نجحت رشيدة داتي في المهمّة الدقيقة الشخصيّة التي كلفها بها ساركوزي الذي كان يستعدّ وقتها إلى خوض حملته الانتخابية، ولم يكن يريد أن يظهر أمام الفرنسيين في مظهر من هجرته زوجته لرجل آخر. ومنذ توفقها في هذه المهمة الشخصية، دخلت رشيدة الدائرة الضيقة المقربة من نيكولا ساركوزي وازدادت قرباً منه. مخبرة وبعد أن تمّ الصلح بين نيكولا وزوجته سيسليا التي عادت إليه لتقف إلى جانبه أثناء حملته الانتخابية، فإن رشيدة لعبت دور المخبر لسيسيليا، تعلمها أولاً بأول بكل الأخبار التي تهمها في الدائرة الضيقة للوزير، وتنقل لها مثلاً اسم من سمعته ينصح ساركوزي بالتخلي عن سيسيليا وإعادة حياته مع امرأة أخرى، فهذا: نصف خائن، والآخر: لا صدقية له، وثالث: يبقى تحت الاختبار؟ لم تكن سيسيليا غافلة عن لعبة رشيدة داتي، ولكن لكل منهما حساباته، وربما كانت كل واحدة منهما بحاجة إلى خدمات الأخرى، وسيسيليا هي التي فرضت على ساركوزي تعيين رشيدة داتي ناطقة باسم حملته الانتخابية، وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، فإنها هي أيضاً التي لعبت الدور الأساسي في إقناعه بتعيين رشيدة داتي وزيرة للعدل. ترغيب وترهيب أثارت الوزيرة الجديدة بعد تقلدها منصبها الكثير من الانتقادات وردود الفعل في صفوف كبار الموظفين، فمنذ الاجتماعات الأولى التي عقدتها، فإن المستشارين لم يعجبهم أسلوبها، ولم يرضوا عن تدخلاتها، وشعرت أنها غير مقبولة، وعللت ذلك بالعنصرية، فالقضاة يكرهونها والبعض منهم يحتقرونها. وكشفت إحدى الموظفات في الوزارة أن رشيدة داتي، إذا اجتمعت بالبعض من الموظفين الكبار تقول لهم: إذا عملتم عملاً جيداً، فإن الرئيس يعرف كيف يجازيكم، ولكنها في المقابل كانت تدوس على الموظفين الصغار، وتعتريها أحياناً أمامهم موجة من الغضب العاصف، كما أنها كانت لا تتردد في تفخيم نفسها إلى الحد الذي قالت يوماً في لهجة بين الجد والهزل: إني لا أخالط إلا رؤساء الدول. قرن الغزال الحقيقة أن البعض كان يتهكم منها، ويرى أنها لا تتمتع بالكفاءة التي تؤهلها لهذا المنصب الرفيع، وذهب أحد أقطاب الحزب الحاكم إلى حد القول: إن الثوب أكبر منها، وتم تأليف بعض النكات للضحك عليها. فذات يوم، كانت الوزيرة على موعد لاجتماع مع ممثلي النيابة بناء على دعوة منها، ولأنها تأخرت عن الموعد المحدد، وبقي الجميع في انتظارها، فإنّ أحدهم علّق ساخراً: ماذا عساها ستأتي به إلينا؟ لا شك: قرن الغزال مع كؤوس من الشاي، وقرن الغزال هو اسم لحلويات معروفة في منطقة المغرب العربي. وقد دخلت الوزيرة في خلافات مع أقرب المحيطين بها في ديوانها إلى درجة أن أربعة من أقرب مساعديها قدموا استقالاتهم احتجاجاً على معاملتها لهم. امرأتان ورجل واحد لأن ساركوزي كان في تلك الأيام يمرّ بفترة صعبة في حياته الخاصّة، فإن رشيدة، وبدهاء المرأة، عرفت كيف تتسلل أكثر إليه، وأصبحت على اتصال دائم به ليلاً ونهاراً، ساعية لتملأ عليه الفراغ الذي كان يشعر به بسبب الخلاف الذي تجدد بينه وبين سيسيليا، فرغم الصلح الظاهري بين ساركوزي وزوجته، ولكن الحقيقة التي أدركتها رشيدة داتي أن المياه لم تعد بينهما لمجاريها. وجعل طلاق الرئيس من سيسيليا، رشيدة داتي أقرب امرأة اليه، حتى أن الصحافة الجزائرية تحدثت عنها في تلك الفترة كسيدة فرنسا الأولى المنتظرة، وفي زيارة رسمية للرئيس الفرنسي لواشنطن، وكانت الوزيرة من ضمن الوفد الرسمي، أسرت لأحد كبار رجال الأعمال، وكان هو أيضاً من ضمن الوفد: إن غرفتي في الفندق متصلة بغرفة الرئيس، ولكن الرياح تغيرت مع ظهور كارلا في حياة نيكولا ساركوزي، فهذه الأخيرة لم تستلطف رشيدة داتي وطلبت منها بوضوح أن تكف عن بعث الرسائل الهاتفية القصيرة للرئيس خارج أوقات العمل، ولما سئلت كارلا عن رأيها في رشيدة داتي أجابت بأنها تحترمها مضيفة: ولكني أشعر أنها في معركة مسترسلة. هما حسب وصف الكتاب امرأتان مختلفتان تماماً.. عالمان متناقضان.. ورجل واحد، وللتظاهر بأن كارلا تحبها فإن رشيدة داتي تدعي بأن زوجة الرئيس تستضيفها ليستمتعا معاً بمشاهدة أشرطة الدي في دي، وهو أمر لم يحصل. المخطط إن قصة علاقة ساركوزي برشيدة داتي بدأت في سبتمبر 2002 عندما كان وزيراً للداخلية.. دخلت رشيدة، بتوصية للعمل في ديوانه وكلفها بصفتها قاضيّة بأن تكون مستشارة له مكلفة بملف الوقاية من الجريمة. وقد تولى تقديمها لأول مرة لمساعديه أثناء أول اجتماع تحضره بقوله: لم ألتق أبداً أحداً له كل هذه الرغبة الجامحة في العمل معي. وخلافاً لما ذهب في ظنّ الكثيرين وقتها، فرشيدة داتي لم تكن جديدة في الأوساط السياسيّة الفرنسيّة العليا. فمنذ عشرة أعوام، وهي مختلطة بكبار رجال الأعمال وبوزراء سابقين، وشخصيّات أخرى مرموقة، وهي تخطط وتعمل منذ مدة لإعداد نفسها للوصول إلى الدوائر العليا في الدولة، من ذلك مثلاً أنها كانت كثيرة التردد على المراكز المختصة في الإعداد النفسي لمواجهة المشاكل والصعاب وتلقت تكويناً نفسياً خاصاً عن أجدى الأساليب لتجاوز العقبات مهما كانت كأداء. ويروي فيليب لوران، وهو أحد كبار المختصين في الدعاية والإشهار في الثنمانينات، أن رشيدة داتي دخلت حياته فجأة، ثم اختفت فجأة، يقول: التقيت بها ذات مساء خلال حفل استقبال أقيم بسفارة المغرب بباريس. اقتربت مني وتجاذبت معي أطراف الحديث بكل لطف، وأصبحت بعد ذلك تتردد على بيتي باستمرار خاصة أن زوجتي استلطفتها، ولم أكن أبخل عليها ببعض النصائح، ويوم وفاة زوجتي في حادث سيارة جاءتني مواسية في المساء نفسه، وبقينا نتجاذب أطراف الحديث إلى الثالثة فجراً (...) وفي نهاية اللقاء أعلمتها أني قررت الاستقرار نهائياً في مدينة طنجة المغربية، واني بسبب ذلك، سأفرط في الوكالة التي أملكها، ومنذ ذلك اليوم اختفت، ولم تعد تتصل بي أبداً، والأكيد أنه بعد تفريطي في وكالة الدعاية والإشهار لم أعد أهمها، وبعد سنوات التقينا مصادفة عندما أصبحت مستشارة عند وزير الداخلية خلال حفل عشاء. قلت لها: إننا نعرف بعضنا، فأجابت جواباً جافاً مختصراً قائلة: يبدو لي ذلك، ثم غيرت اتجاه بصرها، وتركتني. رسائل حب وإعجاب من خلال مثل هذه المواقف والقصص ،فإن الكتاب أظهر رشيدة داتي كامرأة انتهازية وصولية، لا بهمها إلا من يكون في إمكانه تقديم خدمة لها والتوسط لفائدتها، وفي هذا السياق فإن عديد المصادر أكدت أن رشيدة داتي، ومنذ أن كانت طالبة في الجامعة فإن أسلوبها كان دائماً البحث عن الوساطات في كل أمر يخصها، فقد استعملت الوساطة سعياً لدخول كلية الطب بعد أن فشلت مرتين في اختبارالدخول إليها، ومن بين الأساليب التي اتبعتها رشيدة لتحقيق مآربها إرسال الرسائل إلى كبار الشخصيات السياسة، والإعلامية، والاقتصادية وحتى إلى كبار المطربين والفنانين لربط الصلة، والبحث عن مدخل إليهم، ويذكر البان شالندون، وزير العدل سابقاً أنه تلقى من رشيدة داتي رسائل كثيرة وصفها بأنها رسائل حب وإعجاب، وكانت وقتها في الواحدة والعشرين من عمرها، والوزير في الخامسة والستين، وهو يحتفظ إلى اليوم برسائل الحب تلك. بين دمعة وابتسامة من بين أساليب رشيدة داتي وفق ما كشف عنه الكتاب لإثارة الاهتمام بها الحديث عن مغامراتها العاطفية، وعلاقاتها مع بعض كبار القوم من أصحاب المؤسسات الكبرى. ومن طرقها أيضاً لكسب ود وإعجاب من تريد ضمه إلى صفها، البوح بسر شخصي حيناً، والإكثار من الضحك وإشعاع جو من المرح حيناً آخر، ولا بأس إذا لزم الأمر من ذرف بعض الدموع. تلك هي أسلحتها لدى أهل النفوذ والمال، وقد أتت سياستها تلك أكلها، وفازت بوظائف مهمة، وكسبت ود شخصيات مرموقة قدموا لها خدمات وتوسطوا لفائدتها، فأمام سيسيليا مثلاً وآخرين فإنها تقدم نفسها كضحية لأب متجبر زوّجها بالإكراه، والمهم استدرار العطف وكسب اهتمام علية القوم، وفي أحيان أخرى ولبلوغ الغاية نفسها، فإنها تقدم نفسها كعشيقة لرجل لا يمكن له أن يتزوجها لتنجب منه أطفالاً، كما لا تجد حرجاً في أن تبكي أمام الصحفيين مرة، أو أن تتعمد البوح أمامهم ببعض الأسرار متوددة إليهم بقولها: أنتم اعتبركم من أسرتي. والمتعاطفون معها من رجال الإعلام تكرمهم بدعوتهم مثلاً إلى حفلات عشاء، والآخرون تدعوهم إلى الصمت، وقد امتلكها غضب شديد عندما أمدّ والدها مجلة باري ماتش بصور من البوم عائلتها، وهي صور لماض لا تريد الكشف عنه والنبش فيه، وذهبت إلى حد اتهام الصحفي بأنه استغل سذاجة والدها الأمي، ولكن الصحفي كذبها، وذكر أنه جلس ساعتين إلى والدها مبارك داتي، وهو رجل يتحدث اللغة الفرنسية بطلاقة ويكتبها أيضاً، وقد أصدرت رشيدة أمراً صارماً لأبيها بأن لا يدلي مستقبلاً باي حديث للصحافة، والأمر نفسه أصدرته إلى شقيقها جمال الذي سجن في قضية اتجار بالمخدرات، وقد سعت قناة تي في 1 لإجراء لقاء معه، وبعد إنجاز التحقيق وتصويره لم يقع بثه أبداً بعد تدخل من الوزيرة، والأسلوب الذي تتبعه رشيدة داتي، في مثل هذه الحالة، هو تقديم نفسها كضحية، ولكن في المقابل لا تتأخر في استعمال نفوذها لتستقوي على صحفي أو موظف صغير، فهي تعتبر نفسها اليوم من ضمن الكبار. تزوّجني كانت رشيدة داتي دائماً كتلة من الطموح الجارف، وقد حاولت أن تتخلص من صورة الفتاة من أصل مهاجر لتظهر بملابسها وزينتها، وكأنها تنتمي إلى الطبقة البورجوازية، وقد نجحت بفضل تحركها إلى العمل منذ أن كانت طالبة في كبريات الشركات الفرنسية كالف اكيتان، كما عملت ممرضة ويذكر من عملت معهم أنها كانت تبحث دائماً عن أجدى السبل لصعود السلم الوظيفي والاجتماعي، ولا تتأخر في أن تتجه إلى من ترى أنهم يتمتعون بالمنصب والجاه والمال أن تقول للواحد منهم: تزوجني، ولا تجد في ذلك أي حرج، وبعد فشل زواجها الأول وكان زواجاً تقليدياً من أحد أقرباء أمها فإنها استغلت قصة طلاقها لتظهر كضحية. من هو الاب؟ أما القصة المشوقة التي يتابعها الفرنسيون، كما يتابعون مسلسلاً تلفزيونياً، فهي قصة حملها وولادتها لابنتها زهرة. والسؤال الذي تسعى صحافة الإثارة للعثور على جواب له هو: من هو أب ابنة السيدة الوزيرة؟ فرشيدة داتي، وهي في الثالثة والأربعين، لها رغبة جامحة في أن تصبح أماً قبل فوات الأوان، ولما ظهرت أنها حبلى، وهي غير متزوجة، كثرت الإشاعات والتأويلات بحثاً عن الأب المحتمل، ويقال إن الرئيس سألها عن الأب فأخبرته أنه خوزيه أزنارر الوزيرالإسباني الأول السابق، وذاع الخبر ولكن الرجل سارع بإصدار بلاغ تكذيب رسمي، وبعض المتابعين لهذه المسألة قالوا إن رشيدة كذبت على الرئيس لتظهر أمامه بأن والد ابنتها هو من كبار القوم. وجاء هذا الكتاب ليعلن عن سبق مفاده أن والد زهرة هو أحد الشخصيات القطرية، وقد شوهد عدة المرات برفقتها في باريس، كما تأكد أن رشيدة داتي كانت تسافر باستمرار إلى الدوحة، لكن الشخصية القطرية المعنية سارعت بإرسال تكذيب عبرر سفارة قطر بباريس ونشر بجريدة الفيغارو وتناقلته وكالات الأنباء. خذلها.. صديقها كانت رشيدة داتي تظن أن الرئيس لن يخذلها، فبينهما أسرار كثيرة، وقد سجلت الكثير منها في كراسة صغيرة، وأمام شعورها بخطر إقالتها، فإنها، وكعادتها أخذت تركض وراء الكبار متصلة حيناً ببرناديت شيراك زوجة الرئيس السابق، وبالرئيس الأسبق فاليري جيسكار ديستان حيناً آخر، ووضعت استتراتجية تتمثل في اقترابها من شقيق الرئيس فرانسوا ساركوزي ومن أم الرئيس نفسها، وقد قضت احتفالات عيد الميلاد عندها، ولكن ورغم كل هذا التخطيط فان الرئيس خذلها وقرر إقالتها، وأعلمها أنها ستغادر الوزارة في شهر يونيو المقبل لتترشح لمنصب نائبة في البرلمان الأوروبي، وقد وعدها بأن تتولى في مستقبل قريب رئاسة مجموعة اقتصادية ومالية كبرى في القطاع الخاص شريطة أن تبقى هادئة، والمعنى واضح، فبينهما أسرار كثيرة ولا بد أن تبقى كتومة. والمقربون منها ذكروا أنها أصيبت بأزمة، فهي أسيرة لصورة صنعتها عن نفسها، وكانت متأكدة أن صديقها الرئيس لن يتخلى عنها ولن يخذلها، ولكن ومنذ الخريف الماضي، فإن نجم رشيدة داتي آخذ في الأفول، وإن أعداءها وهم كثر اطلقوا ألسنتهم للحديث عنها بكل بسوء. وروى شهود عيان أن كارلا زوجة الرئيس التقت بمؤلفي كتاب الصديقة الجميلة في مناسبة وانها هنأتهما وأعلمتهما انها استفادت من مطالعته.