فضيحة من العيار الثقيل، تلك التي انفجرت مؤخرا بمدينة بن سليمان . فقد اكتشف المتتبعون أن المشاريع و المنشآت الرياضية الكبرى التي تم إحداثها بالمدينة وتم تدشين بعضها من طرف جلالة الملك خلال زيارته التاريخية للإقليم، لم يتم ربطها بقنوات الصرف الصحي! وأن مياهها العادمة التي تخلفها عوض أن تجد مسارها إلى شبكة الواد الحار، تغزو الملك الغابوي مخلفة كارثة بيئية بكل المقاييس! هذه الوضعية أصبحت تثير مخاوف العديد من المهتمين بالشأن الرياضي والبيئي بالمدينة، لكون عدم الربط بقنوات الصرف الصحي جعلها وبعد مدة وجيزة على اشتغالها، تساهم في تلويث المجال الغابوي وخلق مشاكل بيئية بمحيط بالمدينة، وقد يزداد الوضع البيئي تفاقما بالمنطقة الغابوية التي تتواجد بها عدة ملاعب و مراكز رياضية، خصوصا بعد أن تمت المصادقة من طرف كل من المجلسين البلدي والإقليمي لمدينة بنسليمان على إنجاز مشروع إحداث مسبح نصف أولمبي مغطى بالقرب من مركز تكوين ألعاب القوى والملعب البلدي لكرة القدم وكذا القاعة المغطاة التي تجهل لحد الآن الأسباب الحقيقية وراء عدم إتمام الأشغال بها رغم مرور عدة سنين على انطلاقها. مشكل الصرف الصحي للمسبح المزمع إحداثه أثير خلال دورة المجلس البلدي من طرف أحد أعضاء المجلس البلدي خلال مناقشته للمشروع في دورة أكتوبر العادية للمجلس، حيث تساءل في هذا الصدد عن الطريقة و الكيفية التي سيتم بها تصريف المياه العادمة منه، إذا لم يتم ربط مرافقه بقنوات الصرف الصحي، مما يستدعي و يستوجب من المسؤولين و القائمين على تتبع و مواكبة هذا المشروع، إعطاء أهمية كبرى لهذا المشكل. و ذلك خوفا من أن تتحول المنشآت الرياضية المقامة بالمجال الغابوي و التي صرفت عليها أموال طائلة، من نعمة إلى نقمة على ساكنة المدينة. هكذا إذن نكتشف أن البنيات الرياضية التي تم إنشاؤها قرب الملعب البلدي لكرة القدم وبالرغم من كونها دشنت رسميا إلا أنه لم يتم ربطها بقنوات الصرف الصحي، مما جعل المياه العادمة تتسرب منها و تتدفق بمحيطها و بمحيط بعض المراكز الاجتماعية و الرياضية القريبة منها. وخير مثال على ذلك ما يحدث بمركز تكوين ألعاب القوى التابع للجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى الذي تم إنجازه على مساحة 5 هكتارات وسط الغابة والذي تم تدشينه مؤخرا من طرف جلالة الملك، حيث أنه لم يتم ربط مرافقه بقنوات الصرف الصحي لتفريغ المياه العادمة، وتم إحداث حفر لهذا الغرض، مما جعلها (الحفر) مع كثرة الاستعمال لم تعد قادرة على استيعاب المياه الملوثة المتدفقة من مركز ألعاب القوى، حيث تسربت المياه عبر ثقب أقيمت بجدار المركز إلى وسط الغابة محدثة مستنقعا (ضاية) من المياه الملوثة، الشيء الذي خلق فضاء للحشرات الضارة و الجراثيم و الميكروبات وأصبحت تنبعث منه روائح كريهة، مما خلق مشاكل بيئية و صحية و أصبح هذا الوضع غير السليم يشكل خطرا بيئيا على محيط المدينة و يهدد المراكز و المنشآت الرياضية و الاجتماعية المتعددة المتواجدة بالمجال الغابوي (مركز الاستقبال التابع للشبيبة و الرياضة، مركز حماية الطفولة و المركز التربوي للاأمينة و الملعب البلدي لكرة القدم...) بالتلوث البيئي و تشويه منظر و جمال الغابة و المساهمة في اندثار و تخريب أشجارها. كما ستكون له آثار سلبية على صحة و سلامة الرياضيين وأطفال المراكز الاجتماعية و التربوية لحماية الطفولة المتواجدة بالقرب من المركز المذكور، علما بأن هذه المعلمة الرياضية لم تمض على إنشائها بالفضاء الغابوي المجاور لمدينة بنسليمان، سوى مدة زمنية قصيرة، و هو ما دفع بالمتتبعين للشأن الرياضي و البيئي بالإقليم إلى التساؤل عن الجدوى من إقامة منشآت رياضية كبرى بحجم تلك المنجزة بمحيط المدينة في غياب توفير كل الشروط التي تؤمن لها الاستمرارية في تأدية وظيفتها على أحسن وجه و في ظروف جيدة. التلوث البيئي الناتج عن تسرب المياه العادمة من مركز تكوين ألعاب القوى يتطلب من المسؤولين فتح تحقيق في الموضوع، وكذا إعادة النظر في مشروع إنشاء مسبح نصف أولمبي بالمنطقة والسهر على إيجاد حل لمشكل عدم ربط المنشآت الرياضية بقنوات الصرف الصحي لتجنب حدوث مشاكل بيئية بالمنطقة. المتتبعون للشأن المحلي أرجعوا سبب هذه الكارثة إلى السرعة في الإنجاز و الطابع الارتجالي الذي واكب إنشاء هذه المنشآت الرياضية من دون إنجاز الدراسات اللازمة حولها، وتساءلوا عن الموقف المحرج الذي سيقع فيه المسؤولون المحليون إذا ما تمت برمجة زيارة ملكية مفاجئة لهذه المرافق ليُكتَشف بأن مرافق تم تدشينها لتخريج الرياضيين أصبحت مرافق يتخرج من حفرها مئات الآلاف إن لم نقل الملايين من جحافل الحشرات وأصبحت تهدد المحيط البيئي للغابة!