السلوك الجزائري الحالي قطع بالفعل مع سنوات «السلام المسلح» التي سادت من قبل في المنطقة، وأصبح يقترب أكثر فأكثر من الاستفزاز الذي يسبق العاصفة. وهناك مؤشران اثنان يتجاوزان كل المؤشرات التي ستسير في هذا الاتجاه التصعيدي. أولا، كان خطاب أبوجا، الأول من نوعه في محاولة نزع سيادة المغرب على أراضيه، وتعويم هذه السيادة في مهمة للمينورسو، تقوم بمقتضاها البعثة الأممية بمهام المتابعة في قضية حقوق الانسان. البعثة الأممية، كما يعرف المجتمع الدولي ومعه الرأي العام المغربي، كانت مهمتها وستظل ، حسب القرار الأممي، هي حفظ السلام والاشراف على وقف إطلاق النار الذي قبل به المغرب من جهة، والجزائر وصنيعتها الانفصالية من جهة أخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تسعى الجزائر الى استبدال مهمة بمهمة أخرى؟ لماذا تسعى الى إلغاء المهمة الأولى لتعوضها بمهمة بعيدة عن الأصل فيها؟ لأنها بكل بساطة تسعى الى تقليم السيادة المغربية على الاقاليم الجنوبية، وتفرض الأمر الواقع عبر البوابة الأممية. المؤشر الثاني لا ينفصل عن الأول، ولا يختلف عنه في الطبيعة بل في الدرجة فقط، وهو الإصرار الجزائري على المشاركة في التحقيقات الخاصة بإنزال العلم الجزائري، في القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء. في مثل هاته الحالات، تفيدنا الأعراف الدبلوماسية بأن هناك طريقة متعارفا عليها دوليا، وقد قامت الجزائر بواحدة منها، تعلقت باستدعاء سفيرها للتشاور وسفيرنا للتوضيح. المنعطف الذي تريد أن تعطيه لهكذا قضية، يكشف أن المستهدف هو السيادة المغربية ، في التحقيق في شأن يخص المغرب. لقد قام مواطنون جزائريون( هكذا نعتقد بسذاجة وحدوية) بحرق العلم الوطني المغربي، وليس فقط بالاعتداء عليه»، وهو أمر أثار شجن المغاربة واستنكارهم الاستفهامي: هذه الراية راية المغاربة كما هي الراية الجزائرية راية الجزائر.، وليست راية السفير أو الوزير . ولم يطلب المغرب، لحد الساعة، أي تفسير دبلوماسي لسلوك اعتبرناه فرديا. وتعامل بمنطق الديموقراطي الذي لا يطلب من الحاكم أن يعاقب شعبه على تظاهر أو موقف ( كما كان القذافي يفعل أيام زمانه ). لماذا إذن تصر الجزائر أن تعطي لهذا الاعتداء، الذي أعقبه اعتقال الشخص الذي قام به بعدا يمس سيادة المغرب؟ ولماذا يتلاقى الموقف من نزع سيادة المغرب على الصحراء مع محاولة نزعها في البلاد كلها؟ هذا السؤال يفترض جوابا يثير المخاوف، ويثير التوجس مما تنويه الجزائر ازاء المغرب. طبعا، يصاحب كل هذا، تجييش متواتر للرأي العام الجزائري، وإعداده نفسيا لهدف غير معلن. الجزائر تجتهد بقوة، على الصعيد الدولي، من أجل الضغط على الأممالمتحدة لتذويب السيادة المغربية في الصحراء. تضغط بورقة الراية من أجل أن تعطل سيادة المغرب داخليا. كيف نسمي هذا؟ العداء عندما يتخذ شرط الحرب ..