«كان يحتسي الخمر رفقة صديقه وسط احد الحقول بدوار مرشيش بجماعة المجاطية أولاد الطالب، بعد لحظات لاحت له امرأة فأحكم الطوق عليها محاولا اغتصابها، مهددا إياها بساطوره، قبل أن يتدخل شقيقها الذي حاول إنقاذها وتخليصها من قبضته، لكنه أصيب بجرح تسبب له في عاهة مستديمة على مستوى اليد». بخطوات متتالية كانت خديجة تسير في اتجاه منزل أخيها الكائن بدوار مرشيش، وطوال طريقها إلى المنزل كانت الشابة تفكر في معاناتها مع طول مسافة الطريق التي يجب أن تقطعها مرة كل أسبوع بسبب اشتغالها كخادمة بالبيوت بالبيضاء. اشتياق للأخ والأسرة جاءت لزيارة أخيها وزوجته وباقي أفراد العائلة حاملة معها كيسا كبيرا ممتلئا ببعض المواد الغذائية، متضامنة مع الحالة الاجتماعية التي يعيشها باقي أفراد الأسرة، وهي تنظر إلى بعض الحقول التي بدأت تتفتح بعض أزهارها. بعد أن قطعت أكثر من نصف الطريق ولم يبق لها إلا بعض الأمتار عن محل سكن أخيها، بدأ الليل يسدل أولى خيوطه لتسرع خديجة خطاها ، فالحركة مقطوعة في المكان الذي بدا ساكنا وخاليا من المارة ، وقد يفاجئها قاطع طريق أو منحرف وسط الحقول يفسد عليها حلمها و فرحتها بلقاء ابن أخيها الذي تحبه كثيرا، وما كادت تستيقظ من هواجسها حتى انتصب أمامها المدعو «السيحة بودربالة» كالمارد رفقة صديق له، وهو يحمل ساطورا كبيرا ورائحة الخمر تفوح من فمه. أحكم المعتدي الطوق على الضحية شاهرا سيفه في وجهها، ثم أمرها بضرورة الانصياع لرغباته دون مقاومة، بينما اكتفى صديقه بحمل ماتبقى من الخمر مستعدا لأي طارئ قد يفسد عليهما فرحتهما بصيدهما ! محاولة اغتصاب فاشلة ازدادت دقات قلب خديجة وأحست بالأرض تدور من حولها وهي تشاهد منظر»السيحة» البشع بسبب كلامه غير المفهوم، وقفت أمامه كالحمل الوديع الذي سقط بين مخالب ذئب لا يرحم عازما على تحقيق شهواته ونزواته الشيطانية، توسلت إليه بكل ما تبقى لها من الشجاعة والجرأة من أجل إخلاء سبيلها بعد أن أعربت له عن استعدادها لمنحه بعض النقود كانت تتوفر عليها مما تتقاضاه نهاية كل شهر، لكن رغبة الجاني تعدت الحصول على المال بعد أن أثار جسمها المفعم بالأنوثة شهوته الغريزية. حاول المعتدي الإمساك بخصلات شعرها الذي كان يتناثر بعناية على كتفه فمنعته بحركة تلقائية، لكنها وأمام حركاته في اتجاه جسدها رغبة منه في ترويضها عساها تخضع لرغباته، بدأت المسكينة تبكي ودموعها تتهاطل على خديها تتوسل إليه، مذكرة إياه بأنها من بنات جيرانه، وأنها أخت فلان ابن الدوار، والتي من الواجب عليه حمايتها وصون كرامتها كما تنص الأعراف والتقاليد البدوية، غير أن توسلاتها ذهبت أدراج الرياح ولم تزد «الذئب البشري» إلا إصرارا على العبث بجسدها الذي كان يرتجف من الخوف. توجه «السيحة» نحو خديجة وعيناه مشدودتان، حاول مداعبتها بلطف فصدته بقوة، فطلب منها الاستسلام وعدم إبداء أية مقاومة، لكنها حاولت بعدها الإفلات من يده، غير انه باغتها بصفعة أصابت خدها الأيسر، فأطلقت صرخة مدوية كانت بمثابة النجاة لها حيث سمع أخوها الصرخة التي اخترقت جنبات الأشجار المتناثرة على طول المسافة الفاصلة بين مكان الاعتداء ومحل سكن عائلتها. تدخل وإصابة توجه الشقيق مسرعا ودقات قلبه تزداد ارتفاعا، وكأنه يخبره أن من يستغيث لن يكون سوى أحد أفراد عائلته، وهو ما تأكد منه حيث انتابته صدمة قوية عندما وصل إلى مصدر الصراخ وهو يشاهد شقيقته مرمية أرضا وحاجياتها وأغراضها مبعثرة، ونصف جسدها الأسفل عاريا، بينما الجاني يتأهب لاغتصابها، الأمر الذي جعله ينقض كالأسد الكاسر، حيث اندلعت معركة حامية الوطيس بين «الخير والشر»، ولما شعر الجاني بأن المبارزة غير متكافئة بالنسبة إليه نتيجة اللكمات القوية التي كانت تسدد إليه بإحكام وتناسق تجاه سائر أعضاء جسده من طرف غريمه انتقاما لشرف أخته الذي كان قاب قوسين أو أدنى أن يمرغ في الوحل، استعان بساطوره من اجل الإفلات من قبضة غريمه ، حيث سدد له ضربات قوية أصابت إحداهما شرايين يد شقيق الضحية، وأطلق ساقيه للريح وهو يجري هاربا للإفلات من قبضة الجيران الذين بدأوا في التقاطر على مكان الحادث بعد أن شاع الخبر بين ساكنة الدوار، التي استنكرت الواقعة وقامت بنقل الجريح رفقة أخته إلى المستشفى لتلقي العلاجات الأولية. ليلة القبض على «السيحة» استمعت عناصر الدرك الملكي إلى كل من خديجة وشقيقها في محضر قانوني بعد إدلائهما بشهادتين طبيتين، حددتا مدة العجز في 30 يوما، بالإضافة إلى صور فوتوغرافية توضح الاعتداء الذي تعرضا له، وعلى ضوء ذلك قامت مصالح الدرك الملكي بإجراء مسح لمسرح الحادث من اجل البحث عن المتهم الذي اختفى عن الدوار، وبعد حوالي أسبوع عن ارتكابه لجريمته تم القبض على الجاني ليلا بعدما شارك جل الساكنة في العملية، حيت كانت ليلة مشهودة ساهم فيها الجميع، والتي مكنتهم من التخلص من «الوحش» الذي روع ساكنة الدوار، والذي اعترف لدى مصالح الدرك بكل مانسب إليه، فتم عرضه على أنظار محكمة الاستئناف بتهمة «محاولة الاغتصاب واعتراض سبيل الغير والضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض وإحداث عاهة مستديمة»، وتم الحكم عليه بسنة ونصف سجنا نافذا وأداء تعويض مادي لفائدة الضحية قدره 25 ألف درهم.