خصصت مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث فعاليات مهرجانها السنوي للمرأة المغربية المقاومة، للاحتفاء بسيرة الأميرة المرحومة للاأمينة، وذلك في الحفل المتنوع الذي احتضنه فضاء المركب الثقافي مولاي رشيد بالدارالبيضاء يوم الخميس 10 أكتوبر الجاري. ومعلوم أن هذا المهرجان، المنظم كل سنة تحت الرئاسة الشرفية للأميرة للامريم، قد تحول إلى مناسبة ثابتة في أجندة الأنشطة الإشعاعية لمؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، ليس، فقط، لدلالته الرمزية المرتبطة بذكرى اليوم الوطني للمرأة، ولكن، كذلك، بالنظر لما استطاعت الدورات السابقة مراكمته من أعمال تأصيلية، ساهمت في نفض الغبار عن الكثير من التجارب النسائية لعقود مغرب الاستعمار، ثم مغرب الاستقلال. ونستحضر، بهذا الخصوص، الدورات التي خصصت لنساء رائدات كانت لهن بصماتهن الناصعة في المسار التحرري للبلاد وكذا في جهود بناء المغرب المستقل، مثلما هو الحال، على سبيل المثال لا الحصر، مع كل من مليكة الفاسي وثريا الشاوي والأميرة للاعائشة ... وبخصوص تخصيص فعاليات هذه السنة للاحتفاء بسيرة الأميرة للاأمينة، فالأمر يجد تفسيره في رغبة المؤسسة في استلهام مغازي تلك الصورة الملهمة الخالدة التي جمعت بين المغفور له الملك محمد الخامس ونجلته للاأمينة في المنفى السحيق بمدغشقر، حيث ازدادت وحيث مارست شغبها الطفولي الأولي. في هذا الإطار، يقول عبد الكريم الزرقطوني : « اخترنا هذه السنة تخصيص فعاليات الدورة الحالية لاستحضار معالم سيرة سمو الأميرة الجليلة للاأمينة، رحمها الله تعالى، استلهاما منا للكثير من عناصر الإشعاع التي ارتبطت بسيرتها العطرة، وبظروف ميلادها بجزيرة مدغشقر يوم 14 أبريل من سنة 1954 ... لقد رافقت الأميرة للاأمينة ظروف نفي الأسرة الملكية وهي طفلة رضيعة، وعانت من ويلات الإبعاد القسري عن وسطها الطبيعي، واقتلعت من تربتها المغربية المعطاء، لتحرم من حقها الفطري في ممارسة شغبها الطفولي وتنشئتها الاجتماعية داخل وسطها. ومع ذلك، فقد تحولت صورتها إلى جانب والدها المغفور له الملك محمد الخامس إلى أيقونة للحركة الوطنية وللمقاومة المسلحة البطولية، من أجل تحفيز الهمم وشحذ العزائم وترسيخ الصور المرجعية التي صنعت مجمل التمثلات الذهنية تجاه واقع الأسرة الملكية في منفاها السحيق. لذلك، فإن احتفاءنا بسيرة الأميرة للاأمينة في هذه المناسبة الوطنية المتميزة، والتي اخترنا لها شعار « معا من أجل استلهام سيرة الأميرة التي قهرت المنفى»، يشكل - في نهاية المطاف - عودة جماعية لقراءة بعض صفحات تاريخنا الوطني المشرق والذي اضطلعت فيه الأسرة العلوية الشريفة بأدوار مركزية في مجال تحصين هوية المجتمع وترسيخ قيمه وتدعيم شروط الفعل والتجديد داخل مكونات الأسرة المغربية، بمكوناتها المتكاملة وبأدوارها المتداخلة وبعناصرها المنسجمة، رجالا ونساء، شيبة وشبابا ... «. بعد ذلك، تناول الكلمة الدكتور عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، الذي استحضر المحطات المشرقة في سيرة الأميرة للاأمينة، بدءا من ظروف النفي ومرورا بعمق العلاقات الإنسانية التي جمعتها بوالدها، ثم بالمهام الاجتماعية والتأطيرية النبيلة التي اضطلعت بها في مجال الاهتمام بالطفولة المغربية وبذوي الاحتياجات الخاصة وبالأسر المعوزة خلال مرحلة الاستقلال، وانتهاء بمقتطفات شعرية من قصيدة عنوانها « رسولة النصر «، يقول فيها : محمد الخامس : أمينة عزيزة * بنيتي «أمينتي« لله يا بنيتي * جئت في عهد محنتي ******* للا أمينة : أماه ما شأن أبي * قد ارتدى بالعزلة إني أراه مطرقا * هل لهموم حلت ؟ ******* الوالدة : إن أباك ملك * رمز العلى والعزة إن أباك مبعد * لقوله : حريتي! « أمينة « أميرة يا لعظيم المنة! ******* محمد الخامس : « أمينتي « أمينتي * هيا أيا عزيزتي أنت رفيق غربتي* أنت أنيس وحدتي فيا رسول النصر لي * أنت بشير عودتي أدعي معي ورددي * حريتي وأمتي! كان قد نظمها الدكتور المريني في 14 أبريل من سنة 1955 بمناسبة الذكرى الأولى لميلاد الأميرة للاأمينة. ومن جهتها، ساهمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بكلمتها الاحتفائية بسيرة الأميرة للاأمينة، وهي الكلمة التي ألقاها، بالنيابة، المندوب الجهوي لولاية الدارالبيضاء الكبرى. وإلى جانب الكلمات والمداخلات والشهادات التوثيقية، كان الحضور على موعد مع فقرات فنية متنوعة، حيث قدمت المجموعة الصوتية لجمعية دار الطالب ومؤسسة الرحمان لتحفيظ القرآن التابعة للتعاون الوطني وصلات من الأمداح النبوية، كما قدمت الفنانة المسرحية خولة فرحات مونولوغا تشخيصيا لسيرة الأميرة للأمينة، وهو المونولوغ الذي أعدته أطر مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث خصيصا بهذه المناسبة. وقدم تلاميذ الثانوية الإعدادية محمد الزرقطوني التابعة لنيابة وزارة التربية الوطنية أنفا سلسلة من الأناشيد الوطنية المخلدة لمعارك الحرية والاستقلال.