تعد صاحبة السمو الملكي الأميرة الراحلة للاعائشة عنوانا بارزا للمرأة المغربية المتحررة، الواعية بمسؤوليتها في مسيرة بناء المغرب الحر والحداثي. عبد الحق المريني يقدم نماذج مشرفة لنساء مغربيات كان لهن تأثيرهن في تاريخ المغرب (ماب) كان ذلك هو المحور الرئيسي للمهرجان الوطني الخامس للمرأة المغربية المقاومة، الذي نظمته مؤسسة الزرقطوني، تحت الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم، أول أمس السبت، بالدارالبيضاء. وذكر المشاركون في هذا المهرجان بالدور الريادي للفقيدة للاعائشة، التي "عملت في مختلف مراحل حياتها، على تشجيع الفتيات على التمدرس، وتمكينهن من صقل كفاءاتهن في شتى المجالات، حتى يتمكن من مواكبة التحولات، التي شهدها المغرب منذ الاستقلال حتى اليوم". في هذا الإطار، قدم عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة، ومحافظ ضريح محمد الخامس، نماذج مشرقة لنساء مغربيات كان لهن تأثير بالغ في تاريخ المغرب، مشددا على أن "المرأة المغربية شاركت الرجل، عبر تاريخ المغرب الحافل، في تسيير دواليب الدولة، وفي تمتين العلاقات بين بلادها والدول الأخرى، وفي حركات الجهاد، وإخماد الفتن، وفي كل المواقف التي شرفت المغرب وارتادت به أسمى المقامات". وتابع المريني مستحضرا جهود المغفور له الملك محمد الخامس، من أجل إخراج الفتاة المغربية من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة، لتشارك في معركة التحرر والانعتاق أولا، والبناء والتشييد ثانيا، مضيفا أن المغفور له قدم في ذلك المثال بكريماته الأميرات الجليلات، إذ كان يتابع بنفسه تطور دراستهن وتعليمهن. وأكد المريني أن المغفور له محمد الخامس "نصب كريمته الراحلة صاحبة السمو الملكي الأميرة للاعائشة قدوة للفتاة المغربية الناهضة، وحملها متابعة الرسالة"، مشيرا إلى أن سموها قامت، تنفيذا لهذا التشريف، بتدشين عدد من المدارس لتعليم الفتيات في كل من سلا والدارالبيضاء وفاس ومراكش. وبعد أن استعرض محطات من مسيرة النهوض بالمرأة في عهد جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، أبرز ما يقوم به صاحب الجلالة الملك محمد السادس من مبادرات لتشجيع المرأة المغربية "قصد الحصول على حقوقها كاملة، وحمايتها من الحيف والإقصاء، وإدماجها في عمليات التنمية والنماء، التي تتماشى مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان". أول سفيرة عربية من جهتها، اعتبرت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، أن الأميرة الراحلة شكلت أول صورة للمرأة المغربية المتعلمة والملتزمة، التي تعدى إشعاعها حدود المغرب ليشمل الوطن العربي، مشيرة إلى أن الأميرة هي جزء من ذاكرة المغرب في مجال الدفاع عن كرامة المرأة وحقها في المساواة. وذكرت الوزيرة، في هذا السياق، بالمهام التي اضطلعت بها الأميرة الفقيدة، سواء في المجال الاجتماعي التضامني أو السياسي أو الدبلوماسي، إذ كانت أول سفيرة عربية، عندما عينت سفيرة للمملكة في لندن، إلى جانب تقلدها عددا من المهام والمسؤوليات ذات الطابع الاجتماعي، مثل رئاسة التعاون الوطني، وتدشين عدد من المؤسسات والمعاهد لتعليم الفتيات، وترؤس أول مجلة نسائية مغربية تحمل اسمها. وشددت الوزيرة على أن سيرة الأميرة الراحلة وتفانيها من أجل بناء الوطن والرقي به، من خلال تأهيل نصف المجتمع ليتحمل مسؤوليته كاملة، والاحتفاء بها في هذا اليوم، الذي هو يوم وطني لكل النساء المغربيات، مناسبة لاستحضار الجهود التي تبذلها المملكة للنهوض بالمرأة، وترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين، من خلال تضمينه في أسمى قانون للبلاد، والانخراط في جملة من الإصلاحات، ابتداء من مدونة الأسرة الجديدة، مرورا بتعديل مدونة الشغل والقانون الجنائي وقانون الجنسية وغيرها من الإصلاحات، التي تنشد تمكين المرأة من المشاركة في تدبير الشأن العام، على المستويين المحلي والوطني. واعتبرت باقي المداخلات في هذا المهرجان، الذي نظمته مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، بتنسيق مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، أن حياة الأميرة الراحلة للاعائشة ومسارها الطويل في الذود عن حق المرأة المغربية في المساواة، كانت الجسر نحو مغرب جديد يهتم بالنساء وبقضاياهن، كأحد مداخل التحرر من التخلف، والارتقاء إلى مصاف الدول الحديثة المتقدمة، لتكون بذلك الأميرة للاعائشة زعيمة النهضة النسائية المغربية، ودعا المتدخلون إلى تجميع كافة خطب الأميرة وتوثيق أرشيفها ليحفظ كذاكرة جمعية، تؤرخ لمسيرة كفاح المرأة المغربية، من أجل انعتاقها وتحررها. وتضمن برنامج هذا الحفل، الذي نظم بمساهمة من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدارالبيضاء الكبرى، وعمالة مقاطعات مولاي رشيد، ومجلس العمالة، ومجلس المدينة، وفعاليات تربوية وجمعوية، عرض شريط سمعي بصري توثيقي لسيرة الراحلة، الأميرة للاعائشة، وتقديم وصلات وأناشيد دينية ووطنية من قبل شباب جمعية دار الطالب، ومؤسسة الرحمان لتحفيظ القرآن، وتلاميذ الثانوية الإعدادية الزرقطوني بنيابة آنفا. وكانت الأميرة للاعائشة، عمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، انتقلت إلى عفو الله يوم 4 شتنبر الماضي، وعملت الأميرة الراحلة، التي ازدادت يوم 17 يونيو 1930، سفيرة للمغرب في المملكة المتحدة (1965-1969)، واليونان (1969-1970)، وإيطاليا (1970-1973).