وضعت الحكومة أمس مشروع قانون المالية 2014 في البرلمان الذي سيكون أمامه 72 يوما للبت فيه. أول ما يصدم في هذا المشروع هو انكماش مداخيل الدولة بحوالي 19 مليار درهم، حيث تتوقع الحكومة ألا تتجاوز مواردها في السنة القادمة 264 مليار درهم مقابل 283 مليار درهم في 2013، وهو ما يستفز أسئلة عديدة حول جدوى التدابير التي تعتزم الحكومة بلورتها لضمان التوازنات المالية للبلاد، خصوصا في مجالي الضرائب والمقاصة، هذا في الوقت الذي سترتفع فيه، رغم التقشف، نفقات التسيير إلى 199 مليار درهم، بينما ستنكمش، مرة أخرى، ميزانية الاستثمار، حيث لن يتعدى إنفاق الحكومة على الاستثمار العمومي 47.5 مليار درهم بدل 59 مليار درهم في 2013، أي بأحد عشرة مليار درهم ناقصة. وقد قررت الحكومة، وفق مشروع قانونها المالي 2014، فرض الضريبة تدريجيا على الشركات الفلاحية الكبرى التي تحقق رقم معاملات يفوق 5 ملايين درهم، حيث ستشرع إدارة الضرائب بداية من ينا ير القادم في إلزام الشركات الفلاحية التي يفوق رقم معاملاتها 35 مليون درهم، وفي 2016 ستدخل في هذه الضريبة الضيعات التي تحقق رقم معاملات يفوق 20 مليون درهم. وستعرف العديد من المنتجات ارتفاعا في أسعارها بسبب الزيادة التي تعتزم الحكومة إدخالها على الضريبة على القيمة المضافة، حيث ستفرض 10 في المائة على مجموعة من المواد التي كانت معفاة في السابق كالمواد الفلاحية و20 في المائة على معدات الصيد البحري .. كما سترتفع الضريبة على القيمة المضافة لمنتجات الاستهلاك بداية من الملح والأرز مرورا بالشحوم الغذائية وانتهاء بالسيارات النفعية ... وبلغ عدد مناصب الشغل في مشروع القانون المالي 17.925منصب شغل، حيث استحوذ قطاع التربية والتكوين المهني على نصيب الأسد ب 7005 مناصب شغل، ثم قطاع الداخلية (400) يليه قطاع الصحة (2000) متبوعا بإدارة الدفاع الوطني (1800)، وقطاع الاقتصاد والمالية ب(1000)، ثم قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية(350) ، فقطاع العدل (300)، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر (300) ، ثم البلاط الملكي (200) ، والعدد نفسه لوزارة التجهيز والمندوبية العامة للسجون. أما وزارة الفلاحة والصيد البحري فوصل عدد المناصب التي خصصت لها إلى 100، ثم قطاع الطاقة والمعادن (70) . وقد خصص مشروع القانون المالي لرئيس الحكومة 50 منصبا، ومثل هذا العدد لكل وزارة الخارجية ووزارة الشباب والرياضة والمندوبية السامية للتخطيط، فيما كان نصيب وزارة الثقافة 20 منصبا، بينما كان نصيب وزارة الثقافة 15 منصبا، ومجلس النواب 10 مناصب ، ومثلها لمجلس المستشارين ووزارة الاتصال ووزارة السياحة ووزارة الشؤون العامة والحكامة ووزارة الصناعة التقليدية ووزارة الصناعة والتجارة والوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان ووزارة السكنى ووزارة الوظيفة العمومية والمندوبية السامية للتخطيط ووزارة التضامن والأسرة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ووزارة التعمير وإعداد التراب ووزارة التشغيل. وفي مجال السكن يقترح المشروع تحديد ثمن بيع المتر المربع المغطى للسكن للطبقة المتوسطة في مبلغ 6.000 درهم دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة عوض 6000 درهم باحتساب الضريبة وذلك لجعل المنتوج أكثر جاذبية للمنعشين العقاريين ضدا على مصالح الطبقة المتوسطة. ومن التدابير التي وضعت فيما يتعلق بالمشاريع الهيكلية، تنفيذ الإصلاح الضريبي، حيث تزعم الحكومة أنها ستعمل على توسيع الوعاء الضريبي، وبدل أن تركز على القطاع غير المهيكل والعديد من المهن الحرة التي تحرم خزينة الدولة من ملايير الدراهم، فضلت الحكومة أن تبدأ بالاستغلاليات الفلاحية الكبرى تحت دعوى أن ذلك جاء تنفيذا لتوصيات المناظرة الأخيرة حول الجبايات والتي كان من ضمنها أيضا إعادة النظر في الضريبة على القيمة المضافة . مشروع قانون المالية يضع ميزانية المقاصة 35 مليار درهم مقابل 40 مليار درهم في قانون المالية لعام 2013 . أما بالنسبة للاستثمار ، فإن مشروع القانون المالي 2014 خصص له غلافا يصل إلى 186 مليار درهم. ضمنها أكثر من 49 مليار درهم على نفقة الحكومة ، في حين أن بقية المجهود الاستثماري ، أي أكثر من 126 مليار درهم سيتم توفيره من قبل المؤسسات العمومية. من جهة أخرى قررت الحكومة إلغاء الاستثمارات المرحلة التي لم تكن محل أمر بالأداء . وينطلق مشروع قانون المالية لسنة 2014، الموضوع أمس بالبرلمان، من مجموعة من الفرضيات المفرطة في التفاؤل من بينها توقع معدل نمو في حدود4,2 في المائة، ونسبة عجز في حدود 4,9 في المائة، علما بأن توقعات النمو تظل رهينة بانتعاش القطاع غير الفلاحي الذي عانى خلال السنة الجارية من نكسة حقيقية سيكون من الصعب تجاوزها في ظرف وجيز، حيث تراجعت وتيرة نمو القطاعات غير الفلاحية بشكل ملحوظ لم يستره سوى هطول الأمطار الذي ساهم في التعويض بنمو القطاع الفلاحي، كما أن التحكم في نسبة العجز سيبقى بدوره رهينا بعدم تجاوز نفقات صندوق المقاصة ل 35 مليار درهم التي خصصها له مشروع القانون المالي 2014 ، وهنا أيضا نذكر بصعوبة الالتزام بهذا الوعد خصوصا وأن الحكومة أخلفت خلال السنة الجارية وعدها بعدم تجاوز 40 مليار درهم للمقاصة، حيث من المتوقع أن تنهي السنة بأزيد من 3 ملايير فوق هذا السقف.