تفشت ظاهرة البناء العشوائي بأحياء المدينة العتيقة، خاصة دروبها التابعة إلى تراب المقاطعة الحضرية باب دكالة بمراكش ، حيث تنامت في الآونة الأخيرة هذه الظاهرة وتفاقمت بشكل أثار ذهول السكان بعدما لاحظوا بأن عددا من نشطاء هذا النوع من البناء من أشباه المنعشين العقاريين ، تهافتوا على شراء الكثير من الدور القديمة من أصحابها التي توجد بهذا المكان بالذات قصد إعادة بنائها بطرق كلها تجاوزات و خروقات لا تستند إلى أي معيار معماري ، في غياب تام لمختلف التصاميم والمستندات القانونية والتتبع المستمر من طرف مهندسي ومراقبي البناء التقنيين التابعين لبلدية المدينة، أو إلى قسم التعمير بولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز ، وكذا غياب العيون التي من المعتقد بأنها لا تنام من أعوان السلطة المحلية التي أصيبت هي الأخرى بداء «فتاك» أعمى عيونها بالمرة عما يحدث بهذا المكان ، فصارت الدور تهدم بطرق عشوائية دون مراعاة وتقدير لمصالح سكان منازل الجوار ، فتسبب هذا في عدة تصدعات وخسائر مادية عدة تفوق إصلاحاتها الطاقة المادية لساكني هذه المنازل المتضررة، بل تسبب هذا الوضع في أفظع الخسائر التي طالت الأرواح البشرية ، مثلما حدث مؤخرا بالمنزل رقم 79 بدرب الدردوبة بحي عرصة إهيري باب دكالة مراكش أثناء قيام أشغال إعادة بنائه، حين هوى جدار على صاحب منزل بالجوار أرداه قتيلا في الحين ، وللأسف الشديد رغم كل هذا استمر الوضع على نفس الحال دون ناه ولا منته، فارتفعت الأبنية وتعالت إلى «عنان السماء» مكونة منازلها من ثلاثة طوابق فما فوق بعد عقود من الزمن ظلت خلالها لا تتجاوز أبنيتها طابقين فقط زائد سطح علو سوره لا يتعدى 1,20 م حفاظا على التصميم العام التاريخي لمدينة مراكش التي تضفي عليه أسوارها الأثرية وصومعة الكتبية جمالا أخاذا لا يضاهي جماله المعماري جمال أي مدينة في هذا الكون ، إلى أن أتت أيادي الذين أعمى عيونهم جشع الاغتناء الفاحش حيث بدؤوا يخربون ما حافظ عليه الأجداد من ثروات معمارية وجمالية منظرها العام بهذه المدينة، بعدما لجأ أصحاب ( الشكارة) أشباه المنعشين العقاريين إلى ضمان دعم وتكميم أفواه بعض مسؤولي الجهات المعنية في مجال المعمار بمراكش، الذين دائما ما يبررون هذا الصنيع إلى مرؤوسيهم عند شكاية أحد المواطنين لهم بالعديد من التجاوزات والخروفات في إعادة بناء المنازل القديمة تحت ذريعة أنها منازل آيلة للسقوط، وهو ما حدث بالفعل عدة مرات من قائد المقاطعة الحضرية باب دكالة بمراكش ، التي نذكر إحداها على سبيل المثال لا الحصر عندما تقدم المواطن عبد الغني رشد الحامل للبطاقة الوطنية رقم : 166941 E القاطن بحي عرصة اهيري درب البونبة رقم 65 باب دكالة ، إلى رئيس منطقة مراكشالمدينة بشكاية سلم نسخة منها لجريدة الاتحاد الاشتراكي، حيث جاء في ديباجتها ما يلي : «... أرفع إليكم شكايتي هاته المتعلقة بالتجاوزات الخطيرة الصادرة عن أحد الجيران الذي يقوم بتغيير معالم بيته رقم 64 بنفس العنوان الذي أقطن به ، إذ بعد هدمه لهذا البيت برمته شرع في إعادة بناء الجدران والأعمدة فألحق أضرارا مباشرة بمنازل الجوار من تصدعات وغيرها ، حيث أصبحت مهددة بالسقوط والهدم ، دون اكتراث لتحذيراتنا الشفوية المباشرة كما تعمد عدم استقبال لجنة تقنية حضرت لمعاينة ما يقوم به بعد احتجاجاتنا المتعددة والمتكررة من أشغال خارج الاطار القانوني ، حيث صد الباب في وجه هذه اللجنة، مدعيا أن جهات نافذة في السلطة تحميه من أي مساءلة أو مراقبة. وللإشارة فقد تم إخبار قائد المقاطعة الحضرية باب دكالة وكذا مقدم الحي بالنازلة، إلا أنهما لم يتخذا أي إجراء ضد المعني بالأمر إلى حدود كتابة هذه الشكاية ، وفي انتظار اتخاذ ما ترونه مناسبا من اجراءات رادعة في حق هذا الشخص ، فإنني التمس منكم التدخل الفوري حماية لي ولأسرتي من كارثة منتظرة » ، وكما سبق ذكره، حسب تصريح هذا المواطن لجريدة الاتحاد الاشتراكي، كان جواب القائد لرئيسه المباشر أثناء تواجد هذا المواطن بمكتب رئيس المنطقة بأن هذه الدار التي يعاد بناؤها آيلة للسقوط وصاحبها يتوفر على رخصة للإصلاح ، وفي حالة من الغضب الشديد رد رئيس المنطقة على القائد خلال هذه المكالمة الهاتفية : « أوقف علي هذه المهزلة !! » ، لكن للأسف الشديد لم تلق هذه التعليمات أي تصرف إيجابي من القائد ، يضيف هذا لمواطن، وعلامات اليأس والتذمر تعلو محياه فقد استمر الوضع أكثر مما كان عليه ، حيث قامت أشغال بناء هذا المنزل على قدم وساق خاصة خلال يومي السبت والأحد مما جعل صدر هذا المواطن يضيق بما لا يطاق ، الشيء الذي أجبره على أن يدق باب مكتب والي مراكش عسى أن يجد الأذن الصاغية بشأن معاناته وأسرته وباقي أسر الفئات المستضعفة المغلوبة على أمرها». فمن يحمي حقوق هؤلاء المواطنين ومعالم جمالية مدينتهم من أيدي العابثين بالثروات التاريخية الإنسانية التي تغيا أجدادنا في الماضي ، من خلال دوامها ، السعي إلى خدمة البشرية مدى الحياة على غرار سائر المدن العتيقة التاريخية السياحية بالمغرب ؟ .