حاول الإدريسي أن يقدم بعض الألحان لدى الإذاعة الجهوية بالدارالبيضاء، والتي كان يترأس جوقها آنذاك الفنان إبراهيم العلمي، إلا أنها كانت ترفض، فاتجه إلى أحمد البيضاوي كي يساعده، لكنه لم يتوفق. في بداية السبعينيات سيلتقي الحبيب الإدريسي بالفنان أحمد البيضاوي الذي كان يشتغل منصب رئيس قسم الموسيقى والألحان بالإذاعة الوطنية الرباط، وكان يلعب دور الرقيب، بمثابة سد منيع أمام تسرب أشباه المواهب وأدعياء الفن، حيث كان لا يسمح بمرور سوى الأعمال التي تتوفر فيها شروط الإبداع الحقيقي في الموسيقى واللحن.. في أحد الأيام كان الحبيب بمدينة طنجة لإحياء سهرة، وكان من بين الحاضرين البيضاوي، فاغتنم الفرصة الإدريسي، واتصل بالبيضاوي من أجل مساعدته في تسجيل ألحانه المرفوضة من طرف المشرفين على جوق إذاعة الدارالبيضاء، فوعده وطلب منه أن يزوره بمكتبه بالرباط، وبعد أسبوعين زاره في مكتبه، لكي يسمعه ألحانه. كان الفنان الإدريسي قد باع بذلة خاصة به، كي يتوفر على ثمن تذكرة الذهاب إلى الإذاعة بالرباط، وصادف الفنان عبد السلام عامر، وبعد لقائه بالبيضاوي، قال له هذا الأخير «هيا أسمعني ما عندك من ألحان ؟» في تلك اللحظة ارتبك الإدريسي، وحاول أن يسوي أوتار العود دون أن يفلح رغم أنه كان يجيد العزف عليه، فقال له البيضاوي «واش فايت ليك درست بالمعهد الموسيقي؟» ولما أجابه الإدريسي بالنفي، رد عليه البيضاوي «إيوا سير أولدي درس ليك واحد العام ولا عامين باش تعلم تساوي العود عاد رجع عندي». كانت للحبيب علاقة بكبار الفنانين والشخصيات، كما له صداقة مع الشريف الأمراني ومحمد السوسدي وعبد الحليم حافظ الذي كان يحفظ له جل الأغاني التي كانت مشهورة في تلك الفترة، وكان يشبهه في الملامح والمظهر الخارجي. في أحد الأيام من سنة 1962، زار الحبيب، الفنان عبد الحليم حافظ بفندق رويال المنصور بالدارالبيضاء، وتمكن من مقابلته والجلوس معه. في الموسم الدراسي 1971 و 1972 التحق بالمعهد الموسيقي بشارع باريس، لدراسة الصولفيج، والتعلم على آلة «العود» على يد الأستاذ سليمان شوقي. يحكي الإدريسي في بداية السبعينيات في إحدى المناسبات كان حاضرا بقصر الصخيرات رفقة مجموعة من الفنانين، رآه الملك الراحل الحسن الثاني، فبادره بسؤال «فين غابر ما بقيتش كا نسمعك ياكما كنت مسافر؟» فأجابه الإدريسي بأنه موجود دائما، وإن أراد جلالته سماعه ما عليه سوى أن يوصي أحمد البيضاوي أو إبراهيم العلمي، وهو ما قام به الحسن الثاني الذي أمرهما بالإعتناء بالمطرب (الشاب) والذي كان الملك يلقبه ب(الشريف) . أتيحت للفنان الحبيب فرصة سنة 1975، عند انطلاق المسيرة الخضراء. فتقدم بهدف المساهمة في الحدث، فمنحوه ملحمة زجلية تحت عنوان «الثورة الدائمة» وهي من كلمات محمد بن حسول مكونة من أزيد من عشرين بيتا، فكانت أول انطلاقة له، أما الثانية مع أغنية «بطاقة تعريف» كلمات الطاهر سباطة، فتحت هذه الأغنية أبواب التلحين على مصراعيها أمام الإدريسي، وتوالت الألحان التي قدمها بصوته أو بأصوات مطربين ومطربات على رأسهم حميد شكري وحياة الإدريسي والمطربة المصرية شاهيناز فاضل، وسعاد محمد وعزيزة ملاك، وفوزية صفاء وعفيفة جحلف، ومن بين أشهر الأغاني التي لحنها وأدى بعضها بصوته نذكر: «أحلى خبر» شعر نزار قباني، دخل الإدريسي عالم الأغنية المصورة، فسجل أزيد من عشرين أغنية، من إنجاز مخرجين مغاربة على رأسهم بن شريف والركاب وبورجيلة وغيرهم.. في سنة 2000 حاز على الجائزة الأولى من خلال أغنية «سالو النجمة»، وهي من كلمات جواد العادلي وغناء المطرب نور الدين الشنا، وذلك في المهرجان الأغنية العربية. الفنان الحبيب الادريسي له أزيد من 400 أغنية، أغلبها بخزينة الإذاعة الجهوية بالدارالبيضاء، إلا أنه اكتشف أن أزيد من 14 أغانيه اختفت ولم يعد لها أثر. يتذكر الحبيب حينما جاء عبد الرحيم السقاط من الرباط للإقامة في الدارالبيضاء استقر في البداية بحي اسباتة قبل أن ينتقل إلى وسط المدينة في شقة قرب فندق واشنطن. حيث كان الفنان الحبيب الإدريسي، هو من توسط للسقاط لدى مشغله لكي يمكنه من الإقامة بالشقة التي كانت في ملك مشغله.