محمد بن عبد السلام، ملحن متميز أحد أعمدة الفن الغنائي المغربي، لقب بسيد الأغنية المغربية الزجلية دون منازع. هو من مواليد مدينة سلا سنة 1930، اسمه الحقيقي محمد التواشي، ينتمي إلى أسرة فنية، كان له اهتمام بالموسيقى والغناء منذ كان طفلا صغيرا في الميتم البيضاوي سنة 1940، ترعرع في فضاء موسيقي، تعلم العزف على آلتي العود والكمان والعديد من الآلات الموسيقية. التحق ضمن أفراد الجوق الذي أسسه الفنان والأستاذ أحمد زنيبر أحد أعلام الموسيقى الأندلسية. بعد مرحلة التكوين عاد بنعبد السلام إلى مدينة سلا، وأسس جوق «الاتحاد السلاوي»، الذي قدم من خلاله حفلات عديدة في مختلف المدن المغربية. ساهم بن عبد السلام في إدماج المطربين في الأوبريتات الغنائية حيث لحن أوبريت مشروع «بورقراق»، ومحاورات منها «التيلفون» و«أنت هاني» وغيرها من الألحان. كانت أول أغنية لحنها وغناها هي «في الدرب» سنة 1952، وفي نفس السنة لحن أغنية تحمل عنوان «يا لخاطف عقلي» وهي من كلمات الفنان محمد حسن الجندي. و منها انطلق في التلحين للعديد من المطربين الذين اشتهروا بألحانه، منهم المعطي بنقاسم و عبد الوهاب الدكالي و بهيجة إدريس و أمينة إدريس و محمد الإدريسي و الحبيب الشراف. كما سجل أول معزوفة سنة 1952 سماها «بوادر». وفي نفس السنة أيضا التحق بنعبد السلام بالجوق التابع لراديو ماروك بالرباط، مما جعله يدخل في منافسات مع فرق أخرى، إلى أن تأسس الجوق العصري للإذاعة سنة 1953 . وظل يشتغل فيه إلى حدود سنة 1954، وهي السنة التي ترأس فيها أحمد البيضاوي هذا الجوق الذي كان يضم كل من أحمد الشجعي، والمعطي البيضاوي، وعبد النبي الجراري، والمعطي بلقاسم، وعبد الرحيم السقاط، وعبد القادر الراشدي، والأخوان محمد وعباس سميرس. وفيما بعد تم تكوين جوق آخر مواز للجوق العصري أطلق عليه اسم«جوق المنوعات»، وأسندت رئاسته للفنان محمد بن عبد السلام، تحت إشراف إدارة الإذاعة. وحين عين الدكتور المهدي المنجرة مديرا على إدارة الإذاعة سنة 1959، عمل على إدماج الجوقين في جوق واحد أطلق عليه اسم «الجوق الوطني»، وانتخب لرئاسته الأستاذ أحمد البيضاوي، وبعد فترة حدث نزاع فابتعد بعض الأفراد عنه، وفي مقدمتهم محمد بنعبد السلام، الذي عين رئيسا لجوق مدينة «مكناس» الذي أنتج معه أجمل الأغاني والمنوعات، والمحاورات. كان يتنقل بين مدينة مكناس و سلا، و منها كسب موهبة الغناء، واكتشف العديد من الأصوات في مقدمتها الفنانة بهيجة إدريس وأختها أمينة إدريس، ومحمد الإدريسي، ومحمد واكواكو والفنانة لطيفة الجوهري وغيرهم، بالإضافة إلى تلحينه للعديد من الأغاني الناجحة مثل أغنية «الظروف» لعبد الهادي بلخياط، التي أثارت الكثير من الجدل في سبعينيات القرن الماضي، وكذلك رائعة «السنارة»، كما ساند عبد الوهاب الدكالي، في بداياته الفنية، بالعديد من الروائع منها «يالغادي فالطوموبيل» التي كتب كلماتها حمادي التونسي سنة 1958 و«مول الخال»، التي كتبها عبد الأحد إبراهيم سنة 1959، و«أنا مخاصمك»، و«سيد القاضي» لبهيجة إدريس، وأغنية «بلا محبة ما تكون عداوة». كما ساهم في شهرة إسماعيل أحمد من خلال تلحينه رائعة «سولت عليك العود والناي». ولحن كذلك للفنانة نعيمة سميح أغنية «البحارة» سنة 1973، ولمحمد الإدريسي، ولغيثة بنعبد السلام، وللمعطي بلقاسم، ومطربين ومطربات غير مغاربة تتصدرهم الفنانة «عليا» بأغنية «أنا من أنا» للشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي، كما لحن العديد من القطع الوطنية والدينية والعاطفية والقومية مثل «المجد العربي» بمناسبة الانتصار في حرب أكتوبر سنة 1973، سجلت في مصر بمشاركة هاني شاكر، ومحمد رشدي، وغيثة بنعبد السلام، والمجموعة الصوتية المصرية، و«القنطرة» التي غناها محمد فويتح، ومحمد المزكلدي وأحمد البورزكي، وقصيدة «صوت الأحرار» وهي من شعر الزعيم علال الفاسي، ومحاورة « الرباطي والسلاوي». يتميز الفنان محمد بن عبد السلام بالصراحة عند إبداء آرائه، و له العديد من الأغاني بخزانة الإذاعة. وستبقى إبداعاته شاهدة على عبقريته. كما استطاع هذا الفنان المقتدر والمبدع أن يترك بصماته الفنية على الأغنية المغربية، التي منحها كل ما اكتسبه من خبرة ميدانية. بن عبد السلام من بين الأسماء التي ميزت مسار الإعلام المغربي في شقيه المرئي والمسموع. كبرنامجه الإذاعي الشهير «سمر» الذي كان يقدمه الراحل الطاهر بلعربي، و برنامج «للأذن ذاكرة» و برنامج « قطار التنمية» و«الأحد لكم» و«ريحة البلاد» و«استجوابات خيالية» و«ليالي رمضان». ثم برامج إذاعية أخرى، ويعد بنعبد السلام رائدا ل «اعلام القرب بالمغرب، لأنه هو الذي اعطى الانطلاقة للبرامج المباشرة ومنح الفرصة للمستمع لإسماع صوته والإدلاء برأيه في مناقشة مواضيع البرامج». لقد اعتزل الفنان والملحن محمد بن عبد السلام، الغناء والتلحين سنة 1992، إثر حادثة سير أقعدته عن العمل الفني.