في أجواء عرس نضالي كبير ومسؤول افتتح الكاتب الأول إدريس لشكر المؤتمر الجهوي الأول للشبيبة الاتحادية لجهة الغرب الشراردة بني احسن وذلك يوم 27 يوليوز 2013 على الساعة العاشرة ليلا بمدينة سيدي سليمان. الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي عبر عن اعتزازه بالمجهودات التي بذلت من أجل إنجاح هذه المبادرة التي تعتبر نقطة انطلاقة في برنامج عقد المؤتمرات الجهوية للشبيبة الاتحادية في مختلف جهات المملكة. وركز الكاتب الأول من هذا المنبر، مخاطبا كل المناضلين والمناضلات وكل القيادات الحزبية الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية على صعيد التراب الوطني، على ضرورة بذل المجهودات المطلوبة لإنجاح كل هذه المؤتمرات الجهوية كخطوة أساسية في تنفيذ برنامج الحزب في قطاع الشباب والذي سيتوج بعقد المؤتمر الوطني الثامن للشبيبة الاتحادية في شهر شتنبر المقبل. وتعبيرا على أهمية هذه المحطة الحزبية، قال لشكر أنه بذل كل ما بجهده من أجل أن يكون حاضرا بمدينة سيدي سليمان وأن يفتتح هذا المؤتمر بنفسه، فبعد تنفيذ برنامج عمل يوم مضني واجتماع مطول مع كتاب الأقاليم والجهات، حرص لشكر على ترأس هذا الافتتاح مصحوبا بعضوة المكتب السياسي فتيحة سداس، حضور أملته عليه مكانة قطاع الشباب في حياة الكاتب الأول ولما له من رمزية سياسية في التاريخ السياسي للبلاد. وعليه، ذكر الكاتب الأول الحضور أنه انخرط في هذا القطاع سنة 1970 وعمره 16 سنة، وتحمل المسؤولية في المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية وعمره لا يتجاوز 21 سنة. كما أكد أن تحمله لويلات الاعتقال لعدة مرات وهو لا يزال تلميذا جعله أكثر حضورا في كل الواجهات في الجامعة (القطاع الطلابي)، وفي وداديات الأحياء، وفي الجمعيات التربوية والحقوقية والتنموية، وفي مرحلة التمرين والتدريب لامتهان المحاماة،...إلخ. فمقاومة الشبيبة الاتحادية لما عرفته البلاد من استبداد وقمع وترهيب، جعلها تتحول إلى مدرسة وطنية لتعلم المواطنة الحقة، ومناهضة الحقد ونبذ الكره، والدفاع باستماتة على الحرية والكرامة والعدل والعدالة الاجتماعية والمساواة والتسامح والقيم الحقوقية الكونية...إلخ. لقد كانت الشبيبة الاتحادية ولا زالت فضاء للتربية والتأطير السياسي سهر على تقويته كل المناضلين الكبار في الاتحاد وعلى رأسهم الشهيدين المهدي وعمر والمرحوم عبد الرحيم بوعبيد، والمقاوم عبد الرحمان اليوسفي أطال الله في عمره وآخرون منهم من قضى نحبه ومنهم من لا يزال منجما للتجارب النضالية والسياسية تستفيد منه الأجيال المتعاقبة من الشباب. ونظرا لهذا التاريخ الزاخر بالأمجاد النضالية، أكد لشكر أن ارتباطه بالشبيبة ليس ارتباطا عاديا بل هو ارتباط وجداني قوي ودائم، وأن وقوفه أمام هذه الوجوه الشابة المشرقة بمدينة سيدي سليمان جعلته يستحضر كل اللحظات المؤثرة في تاريخ البلاد وكل الأحداث البارزة التي ميزت وتميز صفحات تاريخ الشبيبة الاتحادية. كما أكد للحضور أن أحداث هذا التاريخ الزاخر بمعاناته وضغوطاته البوليسية، وما بذلته الأجيال الشابة من مجهودات متعبة ومضنية في سبيل البحث عن المعرفة وخدمة المجتمع، جعلت بلادنا اليوم بلدا استثنائيا في زمن ثورات الربيع العربي. وعليه، يقول لشكر أن المؤتمر الأول للشبيبة الاتحادية في هذه الجهة لا يمكن اعتباره مؤتمرا عاديا كباقي المؤتمرات، بل هو مؤتمر بخاصيات متميزة لأن انعقاده جاء في سياقات جديدة عرفت تطورات سياسية مهمة على الصعيدين الإقليمي والوطني. فبالموازاة مع ثورات الربيع العربي عرف المغرب دستورا جديدا وحكومة منبثقة عن استحقاقات برلمانية شفافة ونزيهة. كما جاءت هذه المبادرة في سياق حزبي جديد، حرصت من خلاله القيادات الاتحادية على تطوير آليات تقوية عملها الحزبي والسياسي. لقد حرص الاتحاد على إشراك المواطنين والمواطنات في التحضير لمؤتمره التاسع، وحرص على اعتماد الشفافية في المنافسة على أساس برامج وأرضيات المرشحين، وإشراك الرأي العام في كل المراحل الإعدادية والتنفيذية، وتمكين المواطنين من التعرف على المرشحين مبكرا، وتنظيم مقابلات إعلامية رسمية للمرشحين على مستوى التلفزيون والإذاعات الوطنية والإعلام الورقي والالكتروني. لقد حرص الاتحاد على تكسير «الطابو» في مجال الإعداد لانتخاب واختيار القيادات الحزبية الوطنية وعلى رأسها انتخاب الكاتب الأول. لقد نوقشت على نطاق واسع كل البرامج والأرضيات التي قدمها المرشحون الخمس، وتم تقييم مشاركات الحزب الحكومية وما عرفته الساحة السياسية من تطورات منذ 1998، وإبرار الحرص الحزبي الدائم على تطوير الديمقراطية والحياة الحزبية، والنضال من أجل تسهيل وتمكين المواطن من المشاركة في الحياة الحزبية وتقوية إيمانه بالسياسة وحرصه على الدفاع على المواطنة، وعلى المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي. إنها، يقول لشكر، مقاربات ومناهج عمل جديدة الغاية منها تجميع الطاقات وتكثيف الجهود من أجل تحقيق انبعاث حزبي جديد بعدما أحس الجميع بما سببته المشاركة الحزبية في العمل التنفيذي من إنهاك وتراجع ملموس. لقد تم اعتماد هذا الأسلوب الجديد من طرف القيادة الجديدة بعدما تأكد للجميع أن الحزب بحاجة إلى وقفة تأملية في مساره، وأن توصيات المؤتمر التاسع يجب أن تتحقق في زمن قياسي تفاديا لأي انتكاسة محتملة. فبعد التبخيس الذي عرفه العمل السياسي، اتخذ الحزب قرار الخروج إلى المعارضة مفندا بذلك كل الادعاءات والإشاعات التي فبركت من أجل النيل من تاريخه السياسي وأهدافه النضالية النبيلة. لقد قال الحزب «لا» للكراسي والمناصب، وأكد لكل المواطنين أن الهدف من نضال الاتحاد كان دائما ولا يزال تقوية العمل السياسي بالبلاد وتطوير الديمقراطية وتقوية سلطة القانون والمؤسسات. فبالرغم من إلحاح عبد الإله بنكيران على ضرورة مشاركة الاتحاد في حكومته الأولى وفي مرحلة الإعداد لتنصيب الثانية التي انطلقت منذ أيام، وما قاله في حق الاتحاديين من ميزات كالصدق والوطنية (الاتحاديون وطنيون وصادقون...)، قررت الأجهزة التقريرية والمؤتمر الأخير الخروج إلى المعارضة والاستمرار فيها. كما أحاط لشكر الحضور بما دار بينه وبين بنكيران في اللقاء الأخير والرد على كون مصلحة البلاد تقتضي مشاركة الاتحاد حيث قال بالحرف: « إن مصلحة البلاد لا ترتبط فقط بالتموقع في الحكومة بل يمكن خدمة البلاد أكثر من المعارضة.... مصلحة البلاد لا يمكن أن تمر عبر عبارة «تسخان الكتاف»... وأن دور المعارضة مثل دور الأغلبية... وأن التعامل في إطار مصلحة البلاد لا يجب أن يسمح بإثارة عبارات كالعفاريت والتماسيح...». المطلوب اليوم هو انتهاج حكامة جيدة في تدبير الإدارة والميزانية، وبلورة المساطر الضرورة لإصدار القوانين التنظيمية وتنفيذها، وتطبيق الدستور الجديد في مجال الإسراع في إعداد البرامج والقوانين العادية والمراسيم. وهنا ذكر لشكر «.. لو حرص رئيس الحكومة بجدية على تفعيل الدستور الجديد والتعجيل بإصدار القوانين التنظيمية والعادية والمراسيم لما سمح له الوقت بإثارة الخطابات التافهة. » وأضاف أن بنكيران يتحمل مسؤولية ثقيلة تتعلق بإيجاد الصيغ والآليات الضرورية التي ستمكنه من الاستجابة لمطالب الشعب المغربي. فالأسلوب الجديد الذي اعتمدته البلاد في العمل السياسي في سياق عربي غارق في الفوضى والدم (الاستجابة لمطالب الشعب المغربي، الخطاب الملكي ل9 مارس، تعيين اللجنتين التقنية والسياسية لإعداد الدستور، الاستفتاء الشعبي والمصادقة على الدستور، انتخابات برلمانية سابقة لأوانها شفافة ونزيهة، تعيين حكومة دستورية من الحزب الذي حصل على المرتبة الأولى،...)، يجب أن يتوج بإستراتيجية حكومية دقيقة لإنجاح الانتقال الديمقراطي والمرور إلى تثبيت المنافسة السياسية أفقيا، وتطوير الممارسة الديمقراطية. إن ما تحتاجه البلاد في هذه المرحلة هو الابتعاد عن لغة الصم والبكم وسلوك الاستعلاء والتعنت واعتماد منطق الأغلبية العددية ولغة الخشب. كان على بنكيران- يقول لشكر- أن يجعل من الجلسات الشهرية مناسبة للإنصات للمعارضة والاستفادة من اقتراحاتها، وكان على الوزراء أن يحرصوا على التواصل مع المعارضة على مستوى الأجهزة الحزبية والبرلمان. فما تعيشه البلاد من احتقان اقتصادي واجتماعي ما هو إلى نتيجة لضعف أداء الحكومة وضعف تواصلها مع الفرقاء السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين وتعمد تهميش المعارضة ودورها الدستوري. لقد تأكد فشل إستراتيجية التيارات الإسلامية في الحكم على المستوى الإقليمي يقول لشكر، وحان الوقت لتغيير منطقها السياسي والتخلي على أهدافها المبطنة. إن تونس غارقة في الاحتجاجات والفوضى بسبب الاغتيالات المتتالية للقيادات اليسارية (البراهمي وبلعيد). لقد تحولت الثورة التونسية إلى غول يأكل أولاده. إن منطق الاغتيال السياسي للقادة المعارضين لم تعرفه تونس لا في عهد بورقيبة ولا في عهد بنعلي. كما أبانت التجربة المصرية عن فشل ذريع بسبب الأسلوب الهيمني للإخوان. فبالرغم من الفرق الرقمي الضعيف بين ما حصل عليه شفيق ومرسي في الانتخابات الرئاسية، انتهج هذا الأخير بعد وصوله إلى الحكم أسلوب طبخ الملفات ضد معارضيه وعلى رأسهم شفيق (حصل على أكثر من 14 مليون صوت) الذي اضطر إلى مغادرة البلاد. كما تأكد اليوم بالملموس أن مرسي والإخوان ركزوا بكل ما لديهم من قوة على استغلال نتائج صناديق الاقتراع كآلية للتحكم في الدولة والمجتمع (الإعلان الدستوري، معاداة القضاة، تعيين الموالين في مناصب المسؤولية، التضييق على الحريات الفنية والأدبية،....). لقد لجأ بمبالغة مفرطة إلى انتهاج أسلوب التهديد والوعيد إلى درجة دفعت الشعب إلى الخروج إلى الشارع ورفع شعار «ارحل يا مرسي». وبالرغم من خروج أكثر من 20 مليون مناهض لسياسة الإخوان في الحكم لجأ مرسي والإخوان إلى أسلوب التهديد والوعيد حيث كان آخر كلام مرسي في خرجته الإعلامية الرسمية هو استعداده للاستشهاد من أجل شرعيته الوهمية متناسيا أن الديمقراطية التشاركية هي بيد الشعب وتقتضي إشراكه يوميا في تدبير شؤونه في مختلف المجالات. وهنا استحضر لشكر تجربة القائد الفرنسي دوكول، محرر فرنسا وباني الجمهورية الفرنسيةّ، الذي اضطر لتقديم استقالته استجابة لخروج الشباب الفرنسي إلى الشارع سنة 1968. وأضاف في نفس السياق أن حزب العدالة والتنمية بالنسبة لبلادنا لم يتجاوز المليون صوت في الانتخابات التشريعية الأخيرة إلا بمآت الأصوات، وأن هذه النتيجة جد عادية لا تبرر منطق الممارسات الاستعلائية لرئيس الحكومة ووزراء العدالة والتنمية. فكونزاليس ترأس حكومة المملكة الاسبانية لولايتين وأخرج بلاده من الاستبداد والتخلف، وثبت الديمقراطية ومبدأ التداول على السلطة بدون أن يهاجم أو يهمش معارضيه بل التزم بمبدأي المشاركة والتشارك والتفاعل طيلة مرحلة حكمه. وبالرغم من الممارسات غير المقبولة لحكومة بنكيران وضعف أدائها ولجوئه إلى لغة التماسيح والعفاريت، قال لشكر أن الاتحاد بقدر ما لا يرغب أو يطمح في إسقاطها، بقدر ما يطالب رئيسها بالكف عن منطق الاستعلاء وادعاء الشرف والنظافة وخلق التجزيء والتفييء داخل المجتمع المغربي. وفي هذا الشأن طلب لشكر من بنكيران في اللقاء التشاوري بشأن مشاركة الاتحاد في الحلة الثانية لحكومته بعد انسحاب حزب الاستقلال من الأغلبية أن يطمئن وأكد له أن الاتحاد لن يشارك وطموحه ليس هو الكراسي والاستوزار، وفي نفس الآن طالبه بترك المعارضة تلعب أدوارها الدستورية، وأن يحرص على تحقيق نوع من التوازن بين الأغلبية والمعارضة كرئيس لحكومة ورجل دولة. إن إكراهات المرحلة الإقليمية والوطنية جد مقلقة وتتطلب التعاون وإشراك جميع الفرقاء لحماية المصالح العليا للبلاد. وبخصوص الرهانات الحزبية، أكد لشكر أن أولويات القيادة الجديدة للحزب هي تقوية الحزب وإعادة بناءه وتقوية وحدته وفتح النقاش مع أبناء الحركة الاتحادية كأولوية من أجل الالتحاق بحزبهم. وفي هذا السياق نوه بقرار الإدماج الذي اتخذه كل من الحزب العمالي والحزب الاشتراكي واصفا إياه بالشجاع. كما شدد على ضرورة تقوية المعارضة حيث اعتبر التنسيق الأخير مع حزب الاستقلال حدثا سياسيا بارزا سيكون له الأثر الإيجابي الكبير على تطوير الممارسة الديمقراطية بالبلاد. وفي الأخير دعا الشباب الحزبي في المنطقة، والذي حضر بكثافة، وكذا القيادات الحزبية في الجهة والأقاليم، إلى بذل كل المجهودات من أجل إنجاح مؤتمرهم الجهوي الأول، وضرب لهم موعدا في شتنبر المقبل للالتقاء مجددا والعمل سويا من أجل إنجاح المؤتمر الوطني للشبيبة الاتحادية.