«المنطقة المغاربية هي نموذج واقعي للتكامل الاقتصادي والسوسيوثقافي و الاندماج الجيوستراتيجي، هي مرحلة تستوجب تحيين النضال والتغلب على العقد النفسية بتحيين القراءات للتناقضات والإمكانيات مع اعتبار راهنية التحولات التي يشهدها العالم «. ذلك ما عبر عنه الدكتور والخبير الاقتصادي فتح الله ولعلو خلال محاضرته بقصر البلدية بمراكش مساء الجمعة 26يوليوز 2013 بحضور ثلة من المثقفين والسياسيين والمهتمين. هذا اللقاء والذي انعقد تحت إشراف منظمة العمل المغاربي، عرف مشاركة الأستاذ إدريس الكريني أستاذ بكلية الحقوق بمراكش والأستاذ علال الأزهر رئيس منظمة العمل المغاربي والأستاذ عبد العالي بنشقرون الكاتب العام لنفس المنظمة، إضافة الى الأستاذة لطيفة دنيا ومتدخلين في الشأن المغاربي. اللقاء عرف أيضا سلسلة من المداخلات ركزت في مجملها على ضرورة تفعيل الهيكلة المغاربية والمؤسسات المنبثقة عن اتفاقية مراكش التاريخية، وأجرأة جل ما تم التوقيع عليه في القمم المغاربية عبر تشبيك العلاقة بين هاته الهيئات وتحيين مواقف تخدم مصالح جل الدول المغاربية وفق تطلعات شعوبها. فتح الله ولعلو أكد في مداخلته على أن الاتحاد المغاربي لم يتطور منذ 50 سنة، وأن قاعة هذه الندوة هي بالأساس لها بعدها العميق حيث ما زالت شاهدة على مكان توقيع معاهدة مراكش. مراكش ، يضيف ولعلو، لها عمقها التاريخي المغاربي كما أن جمود المشروع المغاربي له أسباب سياسية ( العلاقات بين المغرب والجزائر) إضافة إلى تداعيات ما سمي ب»الخريف العربي». وفي حديثه عن تأثير هذا التفكك المغاربي ،أكد ولعلو على أن بلدان المغرب العربي ستكون فئة مستهلكة لتصبح مهمشة في ما بعد، وأن ضياع 50 سنة من عمر المشروع هو فراغ واضح استغله البعض، فيما أقطاب اقتصادية أصبحت قوة اقتصادية في نفس المرحلة. وفي حديثه عن ميكانيزمات وإكراهات الاندماج المغاربي ،أكد ولعلو أن نسبة نمو % 7 لبلد مغاربي هي من باب المستحيلات في حين أنها ستتحقق بشرط اندماجه في قطب اقتصادي جهوي بمنطق علمي واقعي وليس بثقافة الريع الاقتصادي. هذه الأخيرة هي تكريس للكسل والإهمال وهي مرحلية ومحدودة زمنيا. من جهته أكد فتح الله ولعلو أن المدرسة الاتحادية تشكل نموذجا حيا للعمل المغاربي. فالأفكار والمبادئ التي نادى بها المرحوم عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي إضافة إلى رموز قيادية اتحادية، تشكل مدرسة حقيقية لمكونات الملف المغاربي بأسراره وعمقه الجيوستراتيجي على اعتبار أن هذه القيادات ساهمت رفقة مناضلين من أقطار مغاربية في بلورة مشاريع مغاربية كانت نواة لمجموعة محطات جاءت بعد ذلك. وفي حديثه عن موجة الربيع العربي عبر ولعلو عن أن المنطقة المغاربية عرفت اهتزازات وثورات تلتها مجموعة إصلاحات، وفي ظل هذه المتغيرات أضحت المنطقة المتوسطية محط أنظار الشريك الأوروبي على اعتبار أن هذا الأخير واع تمام الوعي بحاجته الماسة إلى البلدان المغاربية. هذه الحاجة أجملها الدكتور ولعلو في مجموعة محددات وهي: الانتقال الطاقي حيث المنطقة لديها مؤهلات الطاقة التقليدية كالنفط والغاز ووجود مؤهلات الطاقات المتجددة، والمتمثلة أساسا في الشمس والتي ستحتاج إليها أوروبا مستقبلا. فتح الله ولعلو أشار الى أن المسألة المغاربية عرفت محطات مركزة وكان لقياديين الفضل في إنعاشها، كما أن جيل الاستقلال، منهم الذين في دار البقاء ومنهم من لايزالون على قيد الحياة هم أكثر دراية بالملف وأسبابه ومشاكله وميكانيزمات عقده على اعتبار أنهم هم من عايشوا الفترة وضبطوا الملف بشموليته. وشدد على أن الجيل الصاعد، وبضغط الوسائل والوسائط المتاحة الآن، أصبح يهمل المشاكل ما يستوجب تمرير مكتسبات الجيل القديم للجيل الجديد والاستعانة بالكفاءات التي عاشت الفترة، وكانت قريبة من دواليب جزئياته. فتح الله ولعلو ركز أيضا على أن الأحزاب والمجتمع المدني له دوره في الملف لكن كل ذلك يستوجب تدخل الدولة لتسهيل هذا الاندماج على اعتبار أن جل الأنشطة المشتركة، الثقافية والرياضية والجامعية، تبقى ضرورية لكن وفق مسايرة سياسية تخدم هذا الاندماج القطبي وتطعمه. وهنا شدد فتح الله ولعلو على أن ملف المغرب العربي تحكمه عقد تاريخية وجيوستراتيجية وأن المجتمع المدني لا بد له أن يعرف حدود تدخله لإنجاح مسيرته التكاملية، وهي تبقى دوما ضرورة ملحة. واختتم الدكتور ولعلو كلمته بأن العالم اليوم لا يرحم، وأن التوجه الوحدوي هو السبيل الأمثل للاندماج الجاد .