هو ذاك الهوس الغيواني الذي يشدك بحبال العشق الجنوني، هو ذاك سفر النغم الأصيل الذي يمتلك الوجدان بكلمات من حروف التاريخ الخالد، هو ذاك منتهى التعبد في محراب تراث الطرب حتى الحلول والذوبان. شخوص كتب لها أن تولد من رحم «السنتير» و«البانجو» و«الهجهوج» و إيقاع من الطبل و«البندير»، حناجر اعتاد العارفون بدروب موازين الموسيقى أن يضبطوا «نوطاتها» ورناتها على مقامات أصوات أصحابها كبوجميع والعربي ومحمد باطما والسوسدي والشريف... كل هذا كان نقطة جمع، ولقاء حوار، تشرف الفنان محمد الصعري بالتقديم له بمقر فرع النقابة الوطنية لمحترفي المسرح بالدار البيضاء مساء يوم الاثنين 08 يوليوز الجاري. استطاع محمد الصعري في كلمة جد مقتضبة أن يقرب من حضر الندوة الصحفية من الفنان عبد الحفيظ البناوي، مؤسس المهرجان، و مدير دوراته، رجل المسرح والسينما والتلفزيون، «كابتن» مجموعة لمشاعل 1973 والتي سيتغير اسمها إلى«ألوان» في 1987 . المجموعة التي اختارت نهج المحافظة على الأغنية المغربية العصرية وطبعها بالذوق الفني الملتزم بقضايا الناس وهمومهم وإيصالها الى المستمعين بكل أمانة وجرأة. وفي كلمة مستفيضة، تحدث البناوي عن الظاهرة الغيوانية التي تسكن كل المغاربة، وعن سفرها خارج الحدود في ما يشبه العالمية، حيث جاءت فكرة الخروج بالمهرجان الغيواني الأول إلى النور سنة 2011 على مدى ثلاثة أيام بتكريم وجوه مراكشية كالفنان حسن مفتاح «جيل جيلالة»، بعد ذلك تأتي الدورة الثانية سنة 2012 ليرتفع إيقاع الأيام إلى أربعة بحضور مسناوة ميلود، وأولاد السوسدي لمشاهب، حيث تشرفت الدورة بتكريم الراحل محمد شهرمان صاحب «لكلام مرصع». أما بخصوص هذه الدورة، والتي تعد الثالثة، فقد تقرر تصريفها على مدى خمسة أيام من 16 إلى 20 يوليوز 2013 بمسرح دار الثقافة الداوديات بمراكش، وذلك على الساعة العاشرة ليلا (تزامنا مع أيام رمضان المبارك) كما أن عملية الدخول ستتم بالمجان، خدمة لأصالة الكرم الغيواني. وستعرف الدورة تكريم الفنان قيدوم ناس الغيوان عمر السيد، واستحضار أرواح الراحلين العربي ومحمد باطما، حيث خصص المهرجان ليلتين باسمهما مع عرض شريط لنبذة عن حياتهما ومسارهما الفني المتميز. كما أشار الفنان عبد الحفيظ البناوي إلى هدف المهرجان في كل دوراته، ديمومة واستمرارية هذا اللون الغنائي والبحث عن آفاق جديدة لاستثمار جماليته، خصوصا وأنه يوفر سياحة فنية بامتياز لكل الأجانب الذين يتوافدون على المغرب. وبخصوص الدعم الذي رصد لهذا العمل الفني، فإن الفنان البناوي عبر عن أسف عميق وخيبة أمل للتجاهل الذي قوبل به من طرف المسؤولين عن الشأن الثقافي والفني بمدينة مراكش، واستغرب للأرقام الكبيرة التي ترصد للنشاطات الرياضية وغيرها عدا هذا اللون الفني الأصيل. وفي نفس السياق عبر عبد الحفيظ على الروح القتالية التي بذلها رفقة رفاقه في مجموعة ألوان الغنائية، وهي مجموعة تتكون من باقة من رجال التعليم الذين حاولوا أن يشحوا على أنفسهم ليوفروا طيلة السنة بعض الدريهمات التي لم تتجاوز في أعلى أرقامها مبلغ 14550 درهما وجهتها إدارة المهرجان لطباعة الملصقات ليس إلا. ختم البناوي حديثه بعرض سريع لبرنامج الدورة الثالثة للمهرجان، وفتح باب مداخلات الصحفيين الذين أكدوا على شغف المغاربة بالظاهرة الغيوانية ومدى تأثيرها في نفوسهم، لأنها تلامس ذلك المخبوء في كل واحد منهم دون استثناء. ودعا الجميع الفنان البناوي إلى ضرورة الاهتمام بالجانب التواصلي ونسج علاقات عامة من شأنها فتح أبواب الدعم المادي الحقيقية للمهرجان لرفعه إلى مراتب المهرجانات الأخرى التي تعرفها باقي المدن المغربية قصد المزيد من الاشعاع والتواجد القوي داخل برامج الوزارة الوصية. هذا، وسيعرف المهرجان مشاركة ناس الغيوان، السهام، مسناوة ميلود، بنات الغيوان، لرصاد، نجوم الحمراء، أكرزامن، وألوان. وبخصوص الدورة القادمة 2014 كشف الفنان البناوي عن أنها ستكون بلون مغاير، حيث سيعرف المهرجان حركية على مستوى المكان ليصبح عرسا غيوانيا متنقلا على أن يحط الرحال في دورته الرابعة بمدينة الدارالبيضاء معقل الغيوان. بصورة مفاجئة هذا الصباح اتصل الفنان عبد الحفيظ البناوي بجريدة «الاتحاد الاشتراكي» ليخبرها أن وزارة الثقافة برمجت عرضين مسرحيين بنفس القاعة، تداخلا مع برنامج المهرجان، مما سيحدث ارتباكا زمنيا بليغا، وهو ما اعتبره البناوي نوعا من«السابوطاج» المبيت والمقصود، الغرض منه محو معالم المهرجان الغيواني الذي ظل يواجه صعوبات منذ ولادته كفكرة سنة2005 . في هذا السياق كشف البناوي أنه لن يدخر جهدا في الابقاء على صيغة برنامج المهرجان كما أعد لها من قبل، مهما كبرت العقبات واجتهد الاخرون في وضع حد لمسار هذا المهرجان الغيواني.