هل هو مكر الصدف ؟ أم التاريخ؟ أم السياسة والانتخابات؟ أن تحتضن قاعة كبرى تحمل اسم العالم والوطني والمقاوم الفقيه اسموني، التي شيدها المجلس البلدي الاتحادي بحضور وفد حكومي بارز وبحضور الأمين العام السابق للمجلس الوطني للشباب والمستقبل برلماني المنطقة حبيب المالكي سنة 1996 لإعطاء الانطلاقة للحد من ظاهرة هامشية أبي الجعد.. لتستقبل يوم 1 يوليوز الحالي ، وفدا حكوميا من «ألوان حزبية» عدة للإقلاع السياحي والثقافي وبالصناعة التقليدية في هذه الحاضرة الصوفية؟. لا يهمنا برنامج الزيارة ولا الوفود التي تقاطرت باستدعاء أو بدونه لاستقبال عناصر من حكومتنا الموقرة يتزعمها ابن المنطقة الذي يتعهد باستمرار بجعل مدينته وجماعتها القروية قطبا في السياحة القروية من خلال توقيع رزنامة من اتفاقيات الشراكة مع الجماعات القروية التي انفتحت على العالم بفضل الاوكسجين الاتحادي الذي يرجع اليه الفضل في تعميم اولا الطاقة الشمسية، ثم الإنارة والماء الشروب والطرق والمسالك، وكذا تعميم شبكة التمدرس والنقل والإطعام المدرسيين على كل المنطقة ، كما كان يستفيد كل أبناء الإقليم من منح التعليم العالي.. لا نريد الغوص في سياق الزيارة ولا في الارتجالية التي طبعت انطلاق ما سمي باليوم الدراسي الذي أراد ملامسة آفاق التنمية بالمدينة، إلا أن المثير في عروض أغلب المتدخلين انها تجاهلت البصمات الاتحادية على المدينة ومحيطها القروي، بل الإقليمي والوطني كذلك ، وكأن وزير السياحة الذي هو في ذات الوقت رئيس مؤسسة أبي الجعد للتنمية المستدامة، يريد اختزال ذاكرة المنطقة في رمز سوريالي انتخابي من خلال إقحام رؤساء الجماعات القروية في النهضة السياحة والتنموية الموعودة التي أضحى يبشر بها سكان هذه المنطقة. ولكن هذا المعطى لا يمنعنا من إبداء الملاحظات التالية حول هذا اليوم الدراسي الذي هو حق أريد به باطل: كلمات مرتجلة وعروض منمقة وغزل سياسي انتخابوي بين الأطياف التي حضرت اللقاء الذي جاء متأخرا بساعة ونصف عن البرنامج الموزع على الحاضرين وجلهم نساء وأغلبهن مستواهن الفكري محدود.. - تناقض بعض مكونات المجلس البلدي حول مسطرة وتقنية إنجاز مشروع تصميم التهيئة مما خلق احيانا توترا في المناقشة - إن التنكر وتجاهل الإشارة الى الايام الدراسية الدولية والوطنية التي كان ينظمها المجلس البلدي الاتحادي بتعاون مع جامعة محمد الخامس بالرباط وجمعية أبي الجعد 2001 وكرسي اليونيسكو بالمغرب واللجنة الوطنية للتربية والتعليم ، يكشف عن النية المبيتة من وراء تنظيم اللقاء في محاولة يائسة للركوب على المجهود الاتحادي لتطوير البنية الثقافية والتعليمية والجمعوية بالمدينة والدائرة؟ إن الوقت جاء متأخرا للحديث وفي يوم دراسي عمته فوضى التنظيم، عن السياحة الايكولوجية والقروية في الوقت الذي كان الاتحاديون سباقين إلى إحداث غطاء غابوي قل نظيره في المغرب في المحاور المؤدية إلى قصبة تادلة وخنيفرة والفقيه بن صالح، كما كانوا سباقين الى إحداث أول محمية للغزال ادام في هذه الجهة بالمغرب، بالإضافة إلى سدود بتمويل دولي على واديي بوبكرة وسيدي السائح؟ فمن له القدرة لتكذيب ذلك؟ ولماذا لم يملك وزير السياحة الجرأة السياسية في عرضه وهو ابن المنطقة، للإشارة إلى هذه المنجزات بعد أن أخبر في سيرته الذاتية التي وزعت في المقاهي للمواطنين عن غزواته السياحية والعلمية في بلاد العام سام ؟ لماذا لم يعد يزور منطقته وقبيلته إلا في مثل هذه المناسبات والمواسم الدعائية؟ لقد كان من الممكن أن يتطرق اليوم الدراسي للآفاق المستقبلية للتنمية بأبي الجعد والدائرة، كما أن اجترار تصنيف أبي الجعد كتراث وطني في أفق تصنيفها كتراث عالمي، بالله عليكم سادتي الوزراء ، عودوا الى وثائق هذا التصنيف لتجدوا توقيع محمد الأشعري وزير الثقافة السابق، كما عليكم أن تسألوا حبيب المالكي وسعيد سرار برلماني المنطقة، الوزير ورئيس المجلس البلدي السابق اللذين سهرا مباشرة على هذا التصنيف، وأمامكم محاضر دورات المجلس للاطلاع والإفادة؟ و بالنسبة للصناعة التقليدية ، فسكان أبي الجعد حرفيون بحكم تجمعهم السكاني القديم لأزيد من خمسة قرون وحسن استغلالهم لموارد البيئة المجاورة لهم التربة في صناعة الفخار وتربية الماشية في الدباغة والنسيج وخشب الغابات المجاورة في صناعة النجارة ووفرة الحجر الكلسي، مما ساعد على وجود صناعة الجير (الكواشة) . وإذا كانت هذه الصناعات قد اندثرت، خاصة الدباغة، فإن صناعات أخرى تحتضر. . فما هو البديل الذي طرحه وزير الصناعة التقليدية خلال هذا اليوم الدراسي «العظيم»؟ ثقافيا وفنيا، بالتأكيد في الظرف الحالي لن تعود مجموعتا ناس الغيوان ولمشاهب لتصدحا بساحة محمد الخامس بأبي الجعد، وأكيد كذلك لن يغرد الطيب الصديقي في ساحة بني مسكين كما فعل في أواخر القرن الماضي حينما كانت للثقافة والفن اعتباريتهما ، كما كان الشأن في البرنامج الاتحادي المحلي... أتذكر المرحوم المانوني والمفكرين من أمثال حبيب المالكي ومحد كنبيب والمالكي المالكي وكمال عبد اللطيف وأيلي الباز... وهم يؤسسون لمستقبل ابي الجعد ودائرتها في لقاء علمي نظمته جامعة محمد الخامس بالرباط، في محاولة لقراءة ما سمي وقتها بظاهرة هامشية أبي الجعد مقارنة مع ماضيها الصوفي المشرق.. ثلاثة أيام من السجال الفكري حولت أبي الجعد أواخر التسعينيات من القرن الماضي، مما جعل المدينة مركزا للتبادل الفكري والحضاري بدل أن تعيش حاليا الخرف الفكري.. إذ من الصعب أن يجالس شباب المدينة حاليا إدريس الخوري أو داوود أولاد السيد أو الفنانة منى فتو.. ليس بالمستحيل ، ولكنه بغير الممكن مادام الفريق الحكومي الذي قاده وزير السياحة ابن قبيلة اولاد ابراهيم وعضو المكتب السياسي لحزب السنبلة، لا يعترف إلا باستغلال عامل الوقت والمناسبات للترويج للبرنامج الانتخابي المقبل..تتحدثون عن يوم دراسي ، فأين هي توصياتكم لهذا اليوم؟ أم أنها محطة انتخابية لا غير؟