تجتاح هذه الأيام موجة من الحرارة بمنطقة الجنوب الشرقي ،الرشيدية، أرفود، الريصاني و مرزوكة على وجه الخصوص، لأن هذه الأخيرة تستقطب سياحا من نوع خاص ، الذين يقصدون هذا المنتجع النشيط خاصة في فصل الصيف حيث الحرارة ترتفع لتصل الى مستويات تفوق الأربعين درجة، قصد التداوي من مرض الروماتيزم. موجة الحرارة بدأ يحس بها سكان هذه المناطق في الأيام الأخيرة و إن تأخرت هذه السنة ، لأن المألوف في هذه الجهة الجنوبية الشرقية ، أن تنطلق بوادر ارتفاع الحرارة ابتداء من شهر أبريل و ماي ، لكن هذه السنة ورغم قلة الأمطار، فإن المنطقة عرفت شتاء و ربيعا قارين ، ما أخر موجة الحرارة التي اجتاحت المنطقة في أواخر يونيو من هذه السنة. الحرارة والشمس المحرقة ، عهدها السكان ، لأنها جزء من طبيعة المنطقة ، يبقى الهم الوحيد هو كيف يقضي السكان حياتهم اليومية وسط هذه الحرارة التي تجعل الشخص يبحث عن مكان تخف فيه وطأة الحر و القر. بديهي أن تفتقد مدن المنطقة كل ما يخفف عن السكان معاناتهم من شدة الحر، لأن المسؤولين و المنتخبين ، ليس لهم الهم المشترك مع الساكنة ، فجل مدن الجنوب الشرقي تفتقد الى المساحات الخضراء الكافية ، والى المسابح والى أشجار باسقة تحاصر الأشعة الشمسية الحارقة وتلطف الجو.... وتعاني ساكنة الرشيدية من عدم وجود مسابح عمومية بالمدينة ، هذه الأخيرة التي كانت تتوفر على أكثر من مسبح ، في الفترة الماضية « المسبح البلدي ، مسبح المكتب الوطني للماء ، مسبح المكتب الفلاحي ...»، ليبقى المتنفس الوحيد لشباب وساكنة المدينة هو العين الزرقاء لمسكي البعيدة عن المدينة بعشرين كلم ، ورغم تواجد هذا المتنفس الذي يزخر بعيون نابعة ومتفجرة من كهف مسكي ، منذ مطلع القرن الماضي ، لا يرقى الى متنزه أومصطاف يستحق الزيارة و الاستجمام ، لأن نفوذه يقع تحت إدارة جماعة مدغرة القروية ، ما جعله يدخل في دوامة الهشاشة وسوء الرعاية ، إذ لا يتوفر على العناية التي ينبغي أن تكون في كل مسبح أو مصطاف في مستوى العين الزرقاء. لا وجود لمراحيض ،ولا وجود لرشاشات ولا نظام في استغلال أماكن الراحة أو في ركن السيارات، الأوساخ تغزو جميع الأركان و الممرات ، الأتربة تتناثر هنا و هناك ، المقهى الوحيد لا يحترم المواصفات : «عيب أن تكون هذه العيون الزرقاء ذات الماء الزلال وسط واحة من النخيل الباسق، في منطقة شبه صحراوية ، يقول مصطاف (عباسي.م) ولا يوجد من يعتني بها ، وتترك في هذه الوضعية التي يندى لها الجبين» . سكان مدينة الرشيدية ،والحرارة بدأت ترتفع يوما بعد يوم ، لا ملاذ لهم إلا الذهاب الى العين الزرقاء نهارا، أو البحث عن رقعة خضراء هنا أو هناك ليلا، في مختلف أركان شارع م. علي الشريف الطويل ، لينتهي بهم الأمر الى «الرومبوان» الذي تتجمع فيه مختلف البقع الخضراء والمقاهي ، لقضاء وقت ممتع ورطب حيث لا تنقطع الحركة به، لاعتدال الطقس و الجو حتى الصباح، لتعود أجواء الحر والشمس المحرقة، فتجد السكان يهرعون الى ما يخفف عنهم أشعة الشمس، ولو لوقت غير قصير. وانطلاقا من هذه الوضعية التي تميز واقع المسابح، وما تعانيه الساكنة من حرمان ، فإن العديد منهم يقصدون منتجع مسكي رغم علاته، أو وادي زيز عندما يكون جاريا ، كما هو الحال هذه الأيام . لماذا لم يتم من خلال المشاريع والتخطيطات في إطار مشاريع التنمية البشرية، التفكير في خلق مسابح لأبناء الشعب من ساكنة مدن الجنوب الشرقي المغربية؟ لماذا لم يتم التفكير في خلق منتزهات كبيرة تحتضن الصغار، وتكون مجهزة بالألعاب؟ لماذا تهدر ميزانيات في مشاريع لا تفيد الساكنة، ولا يستفيد منها الصغار والمحرومون والأيتام. معاناة ساكنة هذه المناطق تتطلب الإسراع بإتمام مشروع «واحات الرياضات» الذي تتباطأ فيه الأشغال، رغم أنه لا يتوفر إلا على مسبح واحد ، ولم يكن في متناول الساكنة جميعها ، لتبقى و تظل هذه الأخيرة عرضة لمخاطر الرومبوان الذي تتكدس فيه الساكنة بشكل لا يليق وكأن ليس لها من يأخذ بيدها نحو مستقبل أفضل.