(و.م.ع) أكد محمد الخضراوي، القاضي المكلف بالتواصل بمحكمة النقض، ورئيس قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي، أن هذه المحكمة تسعى إلى خلق فضاء للتكوين والتواصل لإزالة «سوء الفهم والريبة» الذي قد يشوب العلاقة بين القضاء والإعلام، من أجل حماية حرية الإعلام من جهة، وحقوق دستورية أخرى كالحق في قرينة البراءة وحماية الحياة الخاصة وسرية التحقيق من جهة أخرى. وقال الخضراوي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش الدورة التواصلية الثانية التي نظمتها محكمة النقض مؤخرا، بمراكش، إنه «في بعض الأحيان قد يقع تعارض بين القضاء والإعلام، على اعتبار أن هاجس الصحفي هو السبق الصحفي، بينما يبقى هاجس القاضي ضمان إجراءات محاكمة عادلة». واعتبر أن هذه المعادلة تستوجب تعزيز آليات التكوين والتواصل وتطبيق الضوابط القانونية والأخلاقية لحماية حرية الإعلام من جهة، وحقوق دستورية أخرى كالحق في قرينة البراءة وحماية حرمة الحياة الخاصة وسرية التحقيق من جهة أخرى». وسجل أن هذا المعطى يحتم ضرورة إرساء صحافة مهنية متخصصة واعية بالإشكاليات القانونية والقضائية التي يثيرها الخبر ذي الصلة بمجال القضاء، وكذا الإسراع بتعيين قضاة مكلفين بالتواصل مع مختلف المنابر الإعلامية داخل مختلف المحاكم. فالقضاء والإعلام، في نظر المتحدث، شريكان بهدف واحد يتمثل في خدمة العدالة، مبرزا أن هذه الشراكة تقتضي اعتماد آليات للتواصل منها الدورات التكوينية، على غرار أول دورة تكوينية نظمتها محكمة النقض في يونيو 2012 بمراكش لفائدة صحافيين من مختلف المنابر الإعلامية، بهدف تمكينهم من فرصة للتكوين العملي من طرف قضاة ممارسين. ويرى المسؤول القضائي أن الفترة الفاصلة بين الدورتين كانت «سنة من الشراكة البناءة والتواصل المثمر، حيث حققت نتائج جد ايجابية»، مبرزا أن الجسم الصحافي كان شريكا لمختلف أنشطة المحكمة، كما كانت هذه الأخيرة حاضرة في العديد من الأنشطة التي نظمتها منابر إعلامية مثل المؤتمر الوطني الأول للصحافة الالكترونية الذي نظم في شتنبر الماضي بالرباط. وأشار إلى أن الدورة الأولى انطلقت بعدد لا يتجاوز 30 صحافيا، في حين شهدت الدورة الثانية مشاركة 70 صحفيا من مختلف المنابر الإعلامية المكتوبة والسمعية والبصرية والالكترونية. وأضاف الخضراوي أن الدورة الثانية تميزت أيضا بالتنويع على مستوى المتدخلين والمؤطرين من ذوي الاختصاص في المجالين القضائي والإعلامي من خلال إشراك ممثلين عن الإدارة العامة للأمن الوطني والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومن مؤسسات إعلامية وقضائية بمختلف أنواعها من نيابة عامة وقضاء التحقيق وقضاء الحكم. وبخصوص موضوع الدورة، أوضح الخضراوي أنه كان أكثر تخصصا من خلال الانكباب على «الخبر» بكل تفاصيله ذات الصلة بالجوانب القانونية والقضائية وتداعياته على حقوق أخرى لا تقل أهمية كالحق في قرينة البراءة وعدم المساس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم أو التأثير على مجريات المحاكمة، أو الإخلال بمجموعة من مقومات المجتمع ومؤسساته، مما قد يحيد برسالة الإعلام الحقيقية عن مسارها. وإلى جانب الدورات التواصلية، أشار الخضراوي إلى أن المحكمة عمدت إلى تعيين مؤسسة القاضي المكلف بالتواصل لأول مرة في تاريخ المحكمة بهدف فتح قنوات جديدة للوصول إلى المعلومة بكل شفافية ومصداقية. وأضاف أن المحكمة، في إطار خطتها الاستراتيجية للفترة 2013 2017 ، بصدد إنجاز مشروع قناة تلفزية إلكترونية «قناة محكمة النقض»، مؤكدا أن الهدف من كل هذه الآليات هو إرساء قضاء في خدمة المواطن. ولم يفت الخضرواي التذكير بتطلع محكمة النقض إلى أن تصبح محكمة رقمية بحلول 2017، فضلا عن مشروعي المداولة الرقمية ورقمنة الأرشيف والملفات من بدايتها إلى نهايتها. ومن جهة أخرى، أكد المسؤول القضائي أن الموقع القانوني والاعتباري للمحكمة على رأس الهرم القضائي المغربي يفرض عليها أن تكون نموذجا للإصلاح من خلال نهج حكامة جيدة وإدارة قضائية متميزة. وخلص الخضراوي إلى أن مجهود الإصلاح الذي انخرطت فيه المحكمة مند مدة والذي شمل الجوانب البشرية والتنظيمية والهيكلية، توج بتحقيق «نتائج جد مشجعة»، كما تجسد ذلك مدة البت في الملفات المعروضة على محكمة النقض التي لم تتجاوز السنة بالنسبة ل82 في المائة منها دون المساس بجودة الأحكام.