الثانية زوالا، عدت لتوي الى البيت بعد يوم حافل، قضيت جزءا منه في التبضع، فأنا و كلما أحسست بنزوع اكتئابي سارعت الى تجديد خزانة ملابسي او على الاقل الى تطعيمها بثياب جديدة علها تطرد الجمود الذي يصيب جوانب أخرى من الحياة و تزرع الامل..انها طريقتي عندما اعجز عن التغيير, اشتري آخر و لو مزيفا..لم تكن ميزانيتي تسمح بشراء الكثير..جبت محلات كثيرة..تخفيضات هنا و هناك 70 % 50 % مازالت الاثمنة مرتفعة..اكيد خفضوا اشياء أخرى..وجدتها! خفضوا من طول الفساتين و التنانير و قصروا الاكمام و ربطوا الاحزمة..انها «لا نوفيل كولكسيون» الصيف آت لا ريب فيه و مع اشتداد الحرارة تقل التغطية ,لم تختف كما كل الأشياء الجميلة التي تصيبها حمى المسخ.. لست من رواد التعري و لا أحب الصيف..بحثت عن بقايا الربيع في الرفوف لم اجد الكثير, و لكنه كان كافيا لي و لدراهمي..فرحت كثيرا و لو بزهور ذابلة و الوان بنفسج باهتة ركنوها بعيدا عن بهرجة الصيف..اتجهت نحو «لاكيس» لأدفع ثمن ما اقتنيته..طابور طويل..من قال ان المغرب في ازمة؟ اخذت مكاني في سلم الانتظار آه كم اكره الانتظار قد نشيخ و لا نصل..اصبحت كثيرة النقمة لم اكن هكذا من قبل..ترى ما الذي تغير؟ ..كان الوقت في الطابور كافيا لأجيب عن السؤال انا من تغير, انا التي أعتدي علي بسبب عبارة «العلمانية هي الحل» كانوا على حق, نحن لا نحتاج للدفاع عن العلمانية هي واقع الكثيرين ممن اختاروها دون حاجة للافصاح عن ذلك..انهم عفاريت (عذرا بن كيران..حقوق المؤلف ) ارفع لهم شارة النصر..كل من حولي سعيد بعلمانيته. نساء و رجال شباب و كهول اقتنوا ملابس صيفية شفافة بألوان جذابة في محلات مختلطة وعطورا تثير الشهوة و أحذية تصدر اصواتا من بعيد..لا احد منعهم من ذلك, لم يقل لهم احدا ان «الاسلام هو الحل» انا بالفعل احسدهم..علي ان اقع في حب هذا الصيف و انسى الربيع, لم يجلب لي سوى المتاعب..انتهت رحلة التسوق على بساطتها..مازال النهار طويلا و لا رغبة لي في قضاء بقيته في البيت..ما العمل؟ لا اريد اجابات لينينية اريدها صيفية..انه البحر الملاذ الوحيد في هذه المدينة..في البحر تختفي التغطية «آ را ليك الفراجة» اين انت يا بن كيران؟ يا من اعلنوا سخطهم عن جيسي ج؟ يا من احصوا عدد المغاربة الراغبين في حكم المفتى؟..اخاف على نفسي من الجنون..فإما الجنون او الانخراط في السكيزوفرينيا..افضل الجنون..كان البحر هادئا يغري بالسباحة استسلمت للاغراء و سلمت له نفسي..انه المحيط لا احد يقوى على مقاومته..اكتفيت من السباحة فانا لا اود الغرق و انهيت رواية لاحلام و غربت الشمس لتسدل الستار على اجساد محترقة..وعدت ادراجي اجر خيبات امل يوم انفقت الكثير لإنجاحه.. لم اكن لأكتفي بهذا القدر من الخيبات, تحملني رغبة كبيرة في الاستمرار و الاستثمار لإنجاح هذا اليوم.. ارتديت ملابس الربيع, الوجهة هذه المرة عوالم الليل الاكاديرية الصاخبة..قصدت محل «الكاراأوكي» المفضل لدي..المكان مكتظ رقص و غناء وخمر لم يكترث احد لشعبان و ايامه الاربعين..غيرت المكان على مضض, لم تكن هناك طاولة تسعنا نحن الاربعة..نفس الشيء في مكان آخر و آخر حتى تمكن احد الاصدقاء من حجز طاولة في رابع مكان و استعمل نفوذه لذلك..في وطني كل شيء «بالبستون» ..مكان جميل وجوه جميلة و ملابس صيفية جدا..خمر و زيتون و راقصات روسيات و برازيليات..كم انت عظيم يا شعبي لا تطالب بشيء و تمارس كل شيء ,هكذا هم العظماء يمرون للفعل مباشرة..موتوا بغيضكم ايها المناضلون من اجل الحرية..لكم بهدلة النضال و لنا ترف العيش..تبا لكم ايها العلمانيون تثيرون الانتباه لوجودنا .. لا احد يستطيع ايقاف زحف الصيف.. سأخلد للنوم اتمنى لي احلاما سعيدة