(رويترز) دخل الفلسطيني محمد عساف برنامج المواهب الفنية التلفزيوني «أراب أيدول» هاويا ساعيا لأن يجد لنفسه مكانا في عالم الشهرة وخرج منه سفيرا أمميا للنوايا الحسنة بعد فوزه بالمركز الأول بالمسابقة. وخرج عشرات الألاف من سكان قطاع غزةورام الله في الضفة الغربية والمخيمات الفلسطينية في لبنان والأردن إلى الشوارع لمتابعة المرحلة الأخيرة من البرنامج الذي تقدمه شبكة «إم. بي. سي» التلفزيونية. وفور إعلان النتيجة تعالت الهتافات وصعد الكثير من أفراد الجمهور مع أهل عساف إلى المسرح لتهنئته بالفوز. وأهدى عساف فوزه إلى أهل غزة والضفة وفلسطين الذين دعموه وإلى الشهداء والأسرى في المعتقلات الاسرائيلية. وقال وهو يبكي «لم أتخيل ولا للحظة أن أصل إلى هنا...كلمة شكر لا تكفي لكل من أوصلني إلى المسابقة فلساني يعجز عن نطق الكلمات». وسلم المطرب اللبناني عاصي الحلاني عساف جائزة الفوز قائلا «مبروك لفلسطين ومبروك للوطن العربي لأن فلسطين هي حضن للوطن العربي». ومنح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أوفد نجله ياسر إلى بيروت لحضور حلقة إعلان النتائج النهائية، عساف لقب سفير فلسطين وجواز سفر دبلوماسيا فيما أعلنت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عساف سفيرا للنوايا الحسنة للشباب. وفور إعلان النتيجة سجد عساف على مسرح «أراب أيدول» باكيا من الفرحة مطوقا جيده بعلم فلسطين وسجد معه بعض المحتفلين في شوارع رام اللهوغزة ومخيمات اللاجئين. وتعالى إطلاق الرصاص والمفرقعات ابتهاجا بالفلسطيني الفائز في المخيمات الفلسطينية في لبنان وخرج الناس إلى الشوارع حاملين الأعلام الفلسطينية. وقال الشاب محمد سمير، الذي طوق عنقه بالكوفية الفلسطينية في مخيم برج البراجنة للاجئين: «نحن كفلسطينيين نحس أن نضالنا لاسترجاع أرضنا يكون بالثقافة وبالمقاومة وسنستمر بهكذا انتصارات». وقال الفلسطيني وسام عراب ل«رويترز»: «اليوم فرحة كبيرة. أرى توحد الشعب الفلسطيني في غزةورام الله والشتات. صوت محمد عساف وحدنا شكرا لكل العرب الذين ساعدونا ومبروك لمحمد». واجتذب عساف البالغ من العمر 23 عاما ويدرس الصحافة والذي جاء من مخيم للاجئين ملايين من مشاهدي التلفزيون بأناشيده الوطنية واغانية الشعبية الفلسطينية. وبعد متابعة فوز عساف على شاشات عملاقة في قطاع غزةوالضفة الغربيةالمحتلة أطلق عشرات الألاف من الفلسطينيين الألعاب النارية ورقصوا في الشوارع وانطلقت أغانيه من سيارات متوقفة بسبب ازدحام حركة المرور بشكل كبير. وقال عوض نجيب وهو موظف حكومي بعد مشاهدة جماعية خارج قصر الرئاسة في رام اللهبالضفة الغربية ان هذا يثبت ان الفلسطينيين لا يقاتلون ويناضلون فقط وانما يمرحون ويصنعون فنا عظيما. ونبذ بعض رجال الدين المسلمين في خطب يوم الجمعة المسابقة وقالوا إن اسم المسابقة يشجع على الوثنية وأنه سيكون من الأفضل توجيه طاقات الناس لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي. كما قال نشطاء فلسطينيون إن المشاهدة الممتعة لا علاقة لها بالمحنة الفلسطينية. لكن معظم الفلسطينيين لا يتبنون أيا من الفكرتين وكانت الاحتفالات السبت اشبه بنهاية شهر رمضان ممزوج بنهائي كأس العالم لكرة القدم. وفاق نطاق الاحتفالات معظم المسيرات السياسية أو الاحتجاجية في السنوات الأخيرة وتجاوز تلك المسيرات التي أقيمت بعد حصول الفلسطينيين على وضع دولة غير عضو في تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة في نونبر الماضي. وقال الرئيس الفلسطيني في بيان «إن هذا الفوز مفخرة وانتصار لشعبنا على طريق تحقيق حلمه بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.» وقال عماد أحمد وهو مدرس من غزة شاهد البرنامج مع أسرته في مطعم على شاطىء البحر «في خضم الفشل السياسي استطاع عساف تحقيق شيء ما جعل الفلسطينيين في كل مكان يشعرون بأن الأمل مازال ممكنا». وقبل إعلان النتيجة قال عساف إنه يشعر بمسؤولية جسيمة بتمثيل الشعب الفلسطيني في هذه المسابقة الفنية. وأضاف ل«رويترز» «بالفعل إنه لشيء رائع هذه الوقفة الرائعة من أبناء شعبي في ظل الظروف السياسية الصعبة والظروف القاهرة وظروف الاحتلال التي يعانيها شعبي منذ زمن طويل». وأضاف «أنا إبن هذا الجيل عشت جيل انتفاضة الأقصى عام 2000 عانيت مع هذا الشعب وعشت...بعض الصحف قالت عني إنه وحد الفلسطينيين بصوته...هذا شرف كبير لي». كما ذكر عساف أن رحلته الطويلة من قطاع غزة إلى مصر لحضور الاختبارات الأولى للمسابقة والصعوبات التي واجهته في الطريق كانت فعلا تستحق العناء. وكان البرنامج قد بدأ موسمه الثاني في مارس وكان يتنافس فيه 13 متسابقا وصل عددهم بعد التصفيات إلى ثلاثة. فمن سوريا المحاصرة بالموت اليومي أتت فرح يوسف ومن مصر المسكونة بفوضى ما بعد الانتفاضة جاء أحمد جمال ومن فلسطين الحكاية العربية التي لا تموت أطل عساف ليخوض الثلاثة حربا ضارية ذهبية الصوت وميدانهم الشاشة التلفزيونية. لم يحتج الثلاثة إلى مؤتمرات للتسلح فأدوات حربهم كانت حناجرهم الذهبية العابرة لحدود المدن. وفيما تعصف بالساحات العربية صراعات أمنية وسياسية اختار الثلاثة منصة «أراب أيدول» للدخول في أقوى سباق غنائي عرفته البرامج الفنية. ومثل سوريا صوت أسر للمرشحة فرح يوسف واستحضرت مصر كل جمالها الفني مع المرشح جمال (25 عاما) أما صوت فلسطين فقد رفعه عساف. واصطف وراء المرشحين الثلاثة جمهور يريد ان ينقل رياح المدن العاصفة إلى المسرح العربي فيحول الازمة إلى اغنية. ومن خلف صوت فرح يوسف (24 سنة) عادت حلب المقسمة مدينة موحدة تسترجع مجد قدودها الحلبية وكتبت فرح يوسف اسم بلادها سوريا «عالشمس الي ما بتغيب» لترسم للعرب صورة غابت عن اليوميات السورية لاكثر من عامين. ومن لحظة الفوضى المصرية قرر جمال الركون الى ثورة المنشأ والى زمن الستينيات ومجد الاغنيات التي لم يطأها الصدأ فغنى لعبد الحليم حافظ ذاك الزمان وحلف بأرض مصر وسمائها بأن لا تغيب الشمس العربية «طول ما أنا عايش في الدنيا.» وعلى المسرح العربي الذي كاد أن ينسى قضيته الأم ارتفعت كوفية فلسطين بصوت عساف الذي قال العديد من محبيه إنه عوض خسارات بلاده فخطف القلوب. وقالت مقدمة البرنامج أنابيلا هلال ل«رويترز» «هذا الموسم سيشكل بداية مشوار كل مشترك. المتنافسون اشتغلوا كثيرا على انفسهم وتمرنوا جيدا وتعبوا وكل واحد منهم اصبح نجما بغض النظر عن الفائز». وأضافت هلال التي كانت ملكة جمال لبنانية وارتدت ثوبا فيروزي اللون مرصعا بالذهب كانت قد ارتدته الممثلة البريطانية كاثرين زيتا جونز في احدى المناسبات من تصميم اللبنانية ريم عكرا «هذا البرنامج شكل متنفسا للبلدان التي ينتمي اليها المشتركون». وتألفت لجنة التحكيم في البرنامج من المغنية اللبنانية نانسي عجرم والفنانة الاماراتية أحلام والمغني اللبناني راغب علامة والموزع الموسيقي المصري حسن الشافعي. وقال علامة ل«رويترز» انه «موسم ليس عاديا حيث وصل الى النهائيات ثلاثة مشاركين من أقوى وأروع الاصوات. ماذا يمكن ان أقول. لا يوجد في العالم حديث الا الحرب او «أراب أيدول»». وأضاف «أشعر إن هؤلاء هم سفراء حقيقيون لبلدانهم مع تغيير الأنظمة في البلدان العربية وهم يشكلون نقطة ضوء في ظل هذا السواد الأعظم الذي نراه منذ فترة. هؤلاء المشاركون هم ممثلون حقيقيون للشعوب التي هي بحاجة إلى السلام والحب والأمان».