على مدى يومين، اجتمع بأحد فنادق مراكش حوالي 600 من أصل 3628 عدلا (عدول) خلال النصف الثاني من شهر ماي المنصرم، وذلك لمناقشة واقع مهنتهم والقوانين المنظمة لها ورسم آفاق المستقبل وربط جسور التعاون وتبادل الخبرات مع إخوانهم العرب الذين حضروا من تونس، والسودان واليمن ومصر، وسلطنة عمان للمنتدى العربي للتوثيق المنعقد تحت شعار: «التوثيق العدلي بين الخصوصية المغربية والتجارب العربية وتحديات العولمة». كلمات الجلسة الافتتاحية ألقاها كل من وزير العدل والحريات مصطفى الرميد الذي اعتبر أن الاصلاح الشامل للعدالة، لا يمكن إلا بإصلاح المهن القضائية، ومن بينها مهنة التوثيق التي تعتبر من أعرق المهن، إذ جاء ذكرها في القرآن من خلال الآية الكريمة: «يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين فاكتبوه إلى أجل مسمى...». وتوقف الوزير عند إمكانية ولوج المرأة لخطة العدالة، وتوحيد مهنة التوثيق، كما هو الحال بتونس مثلا. رئيس الهيئة الوطنية للعدول محفوظ أبو سكين بلغ الحاضرين كون الهيئة منخرطة في مجال المكننة والعصرنة مع الحفاظ على الهوية لتساير متطلبات العصر حماية لحقوق المواطنين، وفق الشرع والقانون، وأنها ليست بمعزل عن الحركية والاصلاح اللذين يعيشهما القضاء، ودعا الى توسيع مجال عمل العدول بدل تحجيمهم، كما وقع من خلال حرمانهم من تحرير بعض العقود والمعاملات، معبراً عن طموحهم في الانخراط في النسيج التنموي للوطن. ممثل الإيسيسكو بالمغرب اعتبر أن عقد لقاء للعدول العرب، هو نقطة انطلاقة لجمع شمل العدول المسلمين، مؤكداً على أن مهمة العدول واسعة أكثر مما يعتقد البعض، وحاملا بشرى استعداد الإيسيسكو للتعاون مع العدول في البلدان العربية والاسلامية في أفق التوحيد والخصوصية. كلمات ممثلي جمعيات العدول العرب من الدول الحاضرة في هذا اللقاء أكدت دعمها لنضال زملائهم في المغرب. وشددت على توسيع مجال التعاون والمطالبة بإدماج المرأة وتوحيد التوثيق العتيق مع العصري... كلمة رئيس الاتحاد العربي للتوثيق الأستاذ خالد العثماني ركز فيها على: «الخصوصية المغربية التي أردنا أن ننقل لغيرنا صورة عنها من الداخل، والتي تتميز بالتعددية والمزاوجة بين الأصالة والتحديث، والتي تحاول أن تبرهن أنها قادرة على التطور حسب الحاجيات والمستجدات، عازمين على العمل على إعادة بلورة هذه الخصوصية وتعميقها من خلال العمل على إجراء إصلاحات جذرية في منظومة التوثيق ببلادنا سيراً على النهج الذي سطرته الثورة المغربية في الاصلاحات السياسية واعتماد دستور جديد يؤسس لعهد جديد، وفي إطار الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة». وعلى «التجارب العربية التي تعرف تنوعاً وغنى بحيث يمكن أن تملأ جميع درجات الخط الرابط بين أقصى المحافظة إلى أقصى التحديث، مما يغري بدراسة هذه التجارب والاستفادة منها، فلكل تجربته واجتهاداته الفقهية وأجوبته على نوازل الوقت، ولا يمكن لأحد أن يبخس أي تجربة قدرها ففي كل منها بدون شك شعاع نور يلزم أن نبحث عنه ونستنير به». وعلى «رياح العولمة التي تشكل تحدياً حقيقياً بحيث تحاصرنا من كل الاتجاهات، فلا مناص لنا من الاغتراف من التجارب الانسانية بكل تلاوينها مع الحرص على المحافظة على المبادىء والقيم». وقد جرت أشغال ندوة التوثيق في جو صريح من النقاش، انطلاقاً من المواضيع والمداخلات التالية: 1 التوثيق وتعدد المرجعيات. 2 التوثيق الإلكتروني ومتطلبات الحداثة. 3 التوثيق والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. 4 التوثيق وأهميته في المعاملات البنكية. 5 الشهادة والكتابة في التوثيق العدلي: نظرات اجتهادية. 6 خطاب القاضي بين المقتضيات الفقهية والحاجيات الواقعية. 7 المرأة والتوثيق العدلي. 8 التوثيق العدلي والحكامة الجيدة: الأطر والآليات. 9 أنظمة التوثيق في الدول العربية، بين الوحدة والتنوع. واختتمت الندوة بإطلاق «نداء مراكش» الرامي إلى توسيع المشاركة العربية إلى كل الدول الاسلامية.