أكد الرميد٬ مساء أمس الجمعة بمراكش٬ أن الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة لا يمكن أن تكتب له سبل النجاح إلا بإصلاح المحيط الحيوي للقضاء. ولا سيما المهن القضائية ومن بينها مهنة التوثيق العدلي. وأضاف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال المنتدى العربي للتوثيق المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ أن الهيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة أدرجت هذا المعطى ضمن محاور الحوار وعمدت إلى طرح الاشكاليات التي تواجه مهنة التوثيق العدلي بغية إيجاد حلول تتيح تطويرها من منظور إصلاحي وفي إطار من التشاور البناء مع الفعاليات الممثلة للمهنة.
وأبرز أن الوزارة ومن منطلق إيمانها بدور التوثيق في حفظ الحقوق وإثبات الالتزامات٬ حريصة على صيانة الأمن التوثيقي باعتباره أحد أوجه الأمن القضائي٬ مؤكدا على ضرورة تطوير مجال التوثيق بما يتيح المحافظة عليه باعتباره إرثا ذي أصول ثابتة مع عدم إغفال ما ينبغي تنقيحه وتحسينه تماشيا مع روح العصر في مزاوجة مرنة بين قيم الأصالة ومتطلبات المعاصرة.
كما شدد الوزير على أهمية تكثيف سبل التعاون بين الدول العربية في شتى المجالات ٬ معربا عن تأييده لكل المبادرات الرامية إلى خلق اتحادات مهنية عربية تتوخى تبادل الرؤى وتنسيق الجهود وتوحيد العمل من أجل النهوض بواقعها.
من جهته٬ أبرز رئيس الهيئة الوطنية للعدول محفوظ أبو سكين٬ أن هذا المنتدى يكتسي أهمية كبيرة بالنظر لكونه يعد الأول من نوعه في تاريخ خطة العدالة بالمغرب٬ كما أنه يعتبر مناسبة لتمتين أواصر التعاون بين الدول العربية من أجل إرساء إطار توثيقي بينها.
وأبرز أن العدول مطالبون اليوم بتطوير قدراتهم وتنويع خدماتهم من أجل مواكبة المستجدات ومسايرة التطورات التي تشهدها الساحة القضائية٬ داعيا إياهم إلى الانخراط في التوجهات الهامة للهيئة من أجل المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاستجابة لمتطلبات الحداثة والعصرنة.
وأكد٬ من جانب آخر٬ على أن الهيئة الوطنية للعدول منخرطة في مسلسل إصلاح منظومة العدالة وذلك من خلال الاقتراحات التي تقدمت بها إلى الهيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة.
من جانبه٬ أكد رئيس المنتدى العربي للتوثيق خالد العثماني٬ على العزم الراسخ على إعادة بلورة الخصوصية المغربية في مجال التوثيق العدلي وتعميقها من خلال العمل على إجراء إصلاحات جذرية في منظومة التوثيق بالمغرب .
كما أكد على أهمية النهل من التجارب الانسانية بكل تلاوينها مع الحرص على المحافظة على المبادئ والقيم وذلك في سبيل الرقي بمهنة التوثيق العدلي ٬ مبرزا أن مطلب التحديث يتطلب جهدا كبيرا وجرأة في عرض الأفكار ومراجعة الموروث.
وكشف العثماني٬ من جهة أخرى٬ عن مبادرة الهيئة الوطنية للعدول إلى اقتراح تأسيس الاتحاد العربي للتوثيق بغية التمكين للتوثيق العربي في الهيئات المهنية الدولية ذات الأهداف المشتركة بهوية عريقة وإرادة قوية من أجل الانخراط في المحيط الإقليمي والدولي٬ مشيرا إلى أن هذه المبادرة لقيت تجاوبا من قبل الجميع وأنه تم تأسيس لجنة لمتابعة هذا الأمر.
أما ممثل منظمة الاسيسكو٬ فأكد على أن التوثيق العدلي يكتسي أهمية كبيرة بالنظر لكونه يعتبر مدخلا لتحقيق العدل والمساواة وصيانة الشخصية العربية والإسلامية ٬ وكذا لإيجاد حلول للمشكلات التي يتخبط فيها الوطن العربي.
كما أعرب عن دعم المنظمة لكل الجهود المبذولة من أجل إصلاح قطاع العدل بالدول العربية ٬ داعيا إلى توحيد الرؤى العربية وإحداث بنك مرجعي للمعطيات والمعلومات في مجال التوثيق العدلي من أجل المساهمة في تحول المجتمعات.
أما باقي مداخلات الوفود العربية المشاركة في هذا المنتدى فأجمعت على الحاجة الماسة إلى بناء اتحاد عربي للتوثيق من أجل إرساء أسس التعاون العربي المشترك في كافة المجالات وخاصة مجال التوثيق العدلي٬ مؤكدة على أهمية تقريب وجهات النظر بين الموثقين العدول بالمنطقة العربية لمواجهة التحديات التي تفرضها العولمة.
ويعرف هذا المنتدى٬ المنظم على مدى يومين حول موضوع "التوثيق العدلي بين الخصوصية المغربية والتجارب العربية وتحديات العولمة"٬ مشاركة عدول من مختلف مناطق المملكة وممثلي هيئات ومنظمات توثيقية بمصر وتونس واليمن والسودان وسلطنة عمان.
ويهدف هذا المنتدى٬ المنظم بتنسيق مع وزارة العدل والحريات٬ إلى إبراز أهمية التوثيق العدلي في تعميق وترسيخ عنصري الحكامة والجودة في التوثيق وتحقيق الأمن القانوني والتعاقدي والنجاعة القضائية.
ويتطرق المشاركون في هذا الملتقى إلى عدة مواضيع تهم "التوثيق وتعدد المرجعيات" و"التوثيق الالكتروني ومتطلبات الحداثة" و"التوثيق والتنمية الاقتصادية والاجتماعية" و"الشهادة والكتابة في التوثيق العدلي : نظرات اجتهادية" و"خطاب القاضي بين المقتضيات الفقهية والحاجيات الواقعية".
كما يتناول المنتدى محاور أخرى تشمل " التوثيق العدلي في سياق إصلاح منظومة العدالة بالمغرب" و"أنظمة التوثيق في الدول العربية بين الوحدة والتنوع" و"المرأة والتوثيق العدلي" و"التوثيق العدلي والحكامة الجيدة"٬ فضلا عن استعراض تجارب الدول العربية المشاركة في مجال التوثيق العدلي.