دعا المشاركون في أشغال المنتدى العربي للتوثيق، الذي اختتمت أشغاله، أول أمس السبت، بمدينة مراكش، إلى تعزيز ديناميكية إصلاح التوثيق العدلي وفلسفة الشراكة العربية، لتقوية أواصر التعاون في إطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية. وأكد المشاركون في المنتدى العربي، المنظم برعاية ملكية سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حول موضوع "التوثيق العدلي بين الخصوصية المغربية والتجارب العربية وتحديات العولمة"٬ على ضرورة تبادل الخبرات والتجارب التوثيقية بين مختلف الدول العربية. وأبرز المشاركون، الذين يمثلون الهيئات والمنظمات التوثيقية بالعالم العربي، التي تعمل في مجال التوثيق العدلي، الأهمية التي يكتسيها التوثيق العدلي في تعميق وترسيخ عنصري الحكامة والجودة في التوثيق وتحقيق الأمن القانوني والتعاقدي والنجاعة القضائية. وشدد المشاركون على ضرورة تعديل وتطوير وتوحيد وسائل الأنظمة والقوانين المنظمة لمهنة التوثيق العدلي، وإجراءات ترخيص مزاولتها مع مراعاة المعايير الدولية. وأهم ما ميز أشغال المنتدى، الذي عرف حضور وفود خمس دول عربية (تونس ومصر والسودان واليمن والمغرب)، الإعلان عن تأسيس الاتحاد العربي للتوثيق، من أجل الحرص على تحسين وضعية مهن التوثيق وعصرنتها، لكسب رهان الاندماج داخل المحيط الإقليمي والدولي، وتحقيق التعاون والتداول في الشأن التوثيقي وتبادل التجارب والخبرات بين الهيئات المكونة للاتحاد. ويهدف الاتحاد إلى وضع برنامج التكوين المهني المستمر، وتنفيذه والمساهمة في التطوير العلمي والعملي لتأهيل مزاولي المهنة، بما يمكنهم من مواكبة التطور المالي والاقتصادي العالمييين مع مراعاة الظروف الخاصة لكل بلد، ووضع الأساليب المناسبة لتخليق أداء المهنيين، وتحديث وتقويم الممارسة المهنية، والتنسيق بين الهيئات والجمعيات وغيرها من الجهات المعنية بتطوير المهنة وتبادل التجارب والخبرة بينها، وتشجيع الاتصالات والعمل المشترك بين الممارسين والعمل على دعمه وتطويره. وتمحورت أشغال المنتدى، الذي نظم على مدى يومين، حول مجموعة من المواضيع، تهم "التوثيق وتعدد المرجعيات"، و"التوثيق الإلكتروني ومتطلبات الحداثة"، و"التوثيق والتنمية الاقتصادية والاجتماعية"، و"الشهادة والكتابة في التوثيق العدلي: نظرات اجتهادية"، و"خطاب القاضي بين المقتضيات الفقهية والحاجيات الواقعية". كما تناول المنتدى محاور أخرى تشمل "التوثيق العدلي في سياق إصلاح منظومة العدالة بالمغرب"، و"أنظمة التوثيق في الدول العربية بين الوحدة والتنوع"، و"المرأة والتوثيق العدلي"، و"التوثيق العدلي والحكامة الجيدة". وقال مصطفى الرميد٬ وزير العدل والحريات، في افتتاح أشغال المنتدى العربي للتوثيق، إن الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، رهين بإصلاح منظومة التوثيق العدلي. وأضاف الرميد أن الوزارة، من منطلق إيمانها بدور التوثيق في حفظ الحقوق وإثبات الالتزامات٬ حريصة على صيانة الأمن التوثيقي باعتباره أحد أوجه الأمن القضائي٬ مؤكدا على ضرورة تطوير مجال التوثيق بما يتيح المحافظة عليه باعتباره إرثا ذا أصول ثابتة. من جانبه، أكد خالد العثماني، رئيس المنتدى العربي للتوثيق، أن هذا الحدث الإقليمي شكل فرصة لإثارة انتباه المؤسسات الرسمية والاقتصادية والرأي العام بأهمية التوثيق العدلي بالمغرب، والاستفادة من تجارب الدول العربية في تطوير هذا القطاع٬ ومناسبة لفتح النقاش حول القضايا المستجدة في مشروع تعديل القانون 16.03 المنظم لمهنة التوثيق العدلي. وأضاف العثماني، في تصريح ل"المغربية"، أن فكرة تنظيم المنتدى انبعثت من حاجات واقعية، جرى إدراكها من خلال ممارسة مهنة التوثيق العدلي، والاطلاع على بعض أخبار مهنيي التوثيق في عدد من الدول رغم اختلاف القوانين والنظم والتسميات. وأوضح أن "الخصوصية المغربية، التي تتميز بالتعددية والأصالة والتحديث، تحاول أن تبرهن أنها قادرة على التطور حسب الحاجيات والمستجدات"، مؤكدا أن "الهيئة الوطنية للعدول عازمة على العمل على إعادة بلوره هذه الخصوصية وتعميقها، من خلال العمل على إجراء إصلاحات جذرية في منظومة التوثيق بالمغرب، سيرا على النهج الذي سطرته الثورة المغربية في الإصلاحات السياسية، واعتماد دستور يؤسس لعهد جديد، وفي إطار الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة".