تحتضن مدينة الصويرة، كدأْبها كل سنة، مهرجان «كناوة وموسيقى العالم»، في دورته السادسة عشرة، وذلك خلال الفترة ما بين 20 و23 يونيو الجاري. وهو المهرجان الوحيد الذي يعمل على تخليد استحضار هذه اللوْن الموسيقي الرّوحي الذي تتجاذبه الإيقاعات الإفريقية والمغربية والعالمية التي تحتفل بالروح والجسد في الآن ذاته. وبذلك يؤكد هذا المهرجان على إثبات ذاته بفضل حرصه على التعريف بتراث كناوة باعتباره إرثا موسيقيا مشتركا، وقاعدة فنية للتأسيس لقيم التعايش والحوار بين الحضارات. والجدير بالذّكْر أنّ النجاح الذي عرفته الدورات السابقة للمهرجان قد شجّع المنظّمين على التقدم بطلب لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) من أجل إدراج موسيقى كناوة ضمن التراث اللاّمادي الشفهي العالمي، وكذا إعداد أنطولوجيا للفن الكناوي توثق لمسارات مْعلمي كناوة، وتتضمن تسجيلات موسيقية وكلمات القطع المؤداة باللغتين العربية والفرنسية، وكل ذلك من أجل صيانة هذه الموسيقى وضمان استمراريتها، خاصة أنها نجحت في استقطاب جمهور من فئات عمرية واجتماعية مختلفة من داخل وخارج المغرب. ومن جهة ثانية، يواصل برنامج هذه الدورة حرصه على خلق انسجام توْليفيّ بين ألوان موسيقية مختلفة. المهرجان سيكرّس للحظات موسيقية فريدة تجمع بيْن التوْليف والحوار والأصالة والتنوّع، وهي القيم التي ظل مرتبطا بها. دورة هذه السنة ستتمحْور حول موضوع: «مجتمعات متحرّكة وشباب العالم» تنعقد موائدها صباحات أيام 21، 22، 23 يونيو، تؤطرها شخصيات مختلفة ستنكبّ على إبراز دور الثقافة في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي المغربي. كما سيتم تقديم عروض تجمع بين معلمي كناوة وفنانين مغاربة وأجانب يمثلون أجناسا موسيقية مغايرة كالجازْ والبْلوز والصّول والملحون. ويتضمن برنامج الدورة كذلك موكب الافتتاح الذي سينطلق من باب دكالة بمشاركة «المعلمين» مرفوقين بدمى كبيرة، كما تتواصل عروض التوليف الموسيقي (الفيزيون) بحفلات تجمع محمود غينيا بالعازف الكوبي على البيانو عمر سوزا، والمعلم عبد القادر أمليل وعازف الناي رشيد زروال، والمعلم عبد الكبير مرشان بالفنانة البريطانية إيسكا التي تعود جذورها إلى زيمبابوي، والمعلم عزيز باقبو بالفنانة ماجدة اليحياوي. وسيستضيف المهرجان أسماء عالمية أخرى بينها على الخصوص المغنية الألمانية من أصل نييجيري نيكا، والمجموعة الإفريقية موكومبا، إلى جانب فرق وفنانين مغاربة حققوا نجاحات فنية كبيرة داخل وخارج المغرب كالفنانة أوم، والمغني الحساني محمد بايعة، ومجموعتي مازاغان وأماينو، وفرقة هاوسة. كما يحافظ المهرجان على برمجة وصلات موسيقية انفرادية يحييها كبار معلمي كناوة فضلا عن عروض من التراث الموسيقي المغربي الأصيل تحييها فرق حمادشة الصويرة وهوارة وعيساوة الصويرة، وعروض شبابية تقدمها فرق كناوية شابة تنتمي إلى الصويرة. وسيختتم مهرجان «كناوة موسيقى العالم» بحفل ساهر يجمع بين المعلم باقبو والفنان الأمريكي ويل كالون، الذي يعد من أبرز العازفين على الطبل في العالم، في دويتو موسيقي يتيح للجمهور اكتشاف عالمين موسيقيين مختلفين في اللحظة نفسها. كما يخصص مهرجان كناوة حفلا تكريميا احتفاء برموز كناوية رحلت خلال الفترة الاخيرة وهي المعلم عبد الرحمن باكو، رائد مجموعتي جيل جيلالة وناس الغيوان، وأحد الأسماء التي ساهمت في تقريب فن «تاكناويت» إلى عموم الناس والمعلم الشريف الركراكي والمعلم عبد الله غينيا.