تتواصل بمراكش أشغال المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية الذي تنظمه مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة في الفترة الممتدة من 9 إلى 14 يونيو 2013 تحت الرعاية السامية لجلالة الملك . وتميزت فعاليات يوم الاثنين 10 يونيو ، بعقد الجلسة العمومية الأولى التي تابعت أشغالها الأميرة للاحسناء ، وترأستها أمينة بنخضرا الوزيرة السابقة والمديرة العامة للمكتب الوطني للمحروقات والمعادن ، في موضوع « التربية دعامة الانتقال الإيكولوجي « بمشاركة أكيم ستاينر المدير التنفيذي للبرنامج الأممي للبيئة وإرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو وعبد العزيز عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم الإسيسكو ويان إريكسون رئيس المنظمة الدولية للتربية على البيئة والحسين التيجاني الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة. وتغيب عنها الفيلسوف الفرنسي إدغار موران لأسباب صحية . أسئلة كثيرة طرحتها مداخلات المشاركين في هذه الجلسة، مست جوانب مختلفة من المفارقات التي تسم عصرنا وتجعله في مواجهة تحد كبير يتعلق بالبيئة . فكما أشارت إلى ذلك أمينة بنخضرا فعالمنا يحتاج إلى ثورة على مستوى نماذج الإنتاج والاستهلاك ، وعقلنة استغلال الموارد الطبيعية . هناك مسؤولية يتحملها كل أفراد الاسرة الإنسانية ، تدفعنا إلى تغيير سلوكاتنا تجاه البيئة، فلا تحول بيئي من دون تربية بيئية، بدون تغيير للعقليات والسلوكات والممارسات الموروثة وهو ما يفتح أمام المنظمات المدنية ووسائل الإعلام والمواطنين والجهات الرسمية ورشا كبيرا للمساهمة فيوضع استراتيجية تسمح للأفراد بالوصول للحلول وتنفيذها في حياتهم اليومية . أكيم ستاينر المدير التنفيذي لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة ، بنى تصوره على مقدمة أساسية هي أن ما نقوم به اليوم يؤثر على المستقبل، وذلك كاف لإظهار مدى ملحاحية التربية البيئية وإعداد أجيال تكون صديقة للبيئة والطبيعة . فالأمر لا يتعلق هنا ببرامج تدرس في المدارس فقط ، وإنما بالمعرفة التي هي سلطة و قوة تمكن من استيعاب طبيعة المشاكل التي تطرحها البيئة وتفتح باب البحث عن الحلول كما أن هناك حاجة ملحة لتغيير المنظور السياسي الذي تهيمن عليه المصلحة الاقتصادية . والتربية البيئية حسب ستاينر لا تتوقف عند حدود التعليم في المدارس ، وإنما ينبغي أن تمتد إلى التثقيف المباشر لكل الفئات العريضة التي تعاني من الأمية. أما الأمين العام للمنظمة الأممية للزراعة والأغذية الذي بعث برسالة قرأها ممثل عنه في الجلسة المذكور ، فقد نبه إلى خطورة انعكاسات التغيرات المناخية واختلالات البيئة على المنظومة الغذائية ، حيث أن أزيد من 870 مليون نسبة يعانون بسبب ذلك من المجاعة اليوم . كما ن سكان القرى هم الأكثر هشاشة إزاء مشاكل البيئة وتوسع التمدن . واعتبرت إرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو ، في مداخلتها بالجلسة العمومية الأولى ، أن المطلوب هو تغيير سلوكياتنا ، وأن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق بترتيبات سياسية فقط ، بل إن التربية والثقافة تكتسيان أهمية كبرى في هذا الإطار ، و من هنا فالهدف المنشود من التربية البيئية هو تسخير التعليم من أجل التنمية المستدامة .وتلح إيرينا بوكوفا على ضرورة جعل التربية البيئية أولوية في التعليم ، لأنها تشكل أفضل الاستثمارات في هذا الباب، وذلك بضمان ولوج التعليم للجميع ، وتوفير تربية ذات جودة عالية ، وإعطاء كل فرد فرصة اكتساب المعرفة. إن الأمر يتعلق حسب المديرة العامة لليونسكو ، بمعرفة من أجل مواطنة كونية ، يكون فيها الجميع مسؤولا تجاه البيئة ، ومن أجل مجتمع أخضر . المواطنة العالمية المسؤولة ، أكد عليها أيضا عبد العزيز عثمان التويجري المدير العام للإسيسكو. فموضوع البيئة يهم الأسرة الإنسانية ككل ولا يقف عند حدود مجتمع بعينه . كما أن التربية البيئية هي أصل حماية البيئة، إذ ينبغي تدبير الكون بمسؤولية أخلاقية ، مذكرا بمبادئ الإسلام في مجال حماية البيئة واحترامها، انطلاقا من مبدأ الاستخلاف. وشدد على ضرورة أن تكون مناهج التعليم مناهج لبناء العقل وترشيد السلوك ، مبرزا أن العمل من أجل البيئة لا يمكن أن يتحقق إلا بفضل تضامن كوني بين كل الشعوب ، بالإضافة الى عنصر آخر هو القانون والتشريع الحاسم الذي يزجر المتلاعبين بالبيئة، ملاحظا أن الشركات الكبرى التي يقودها جشع الربح المادي لا تكترث بالكوارث البيئية التي ترتكبها ، ولا يهمها إطلاقا الأضرار التي تلحقها بالموارد الطبيعية وسلامة النظام الإيكولوجي . ونبه التويجري في مداخلته الهامة، إلى ضرورة الرفع من جودة التربية، مؤكدا أن مردوديتها الحقيقية ، تكمن في قيام المستفيد منها في حياته اليومية بنفس ما تعلمه في المدرسة ، لا أن يتعلم شيئا و يقوم بعكسه في الشارع ، مبرزا أن التربية الصحيحة هي التي تنمي الشعور العام بملحاحية موضوع البيئة. مغربيا ، قدم الحسن التيجاني الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، المجهودات التي تقوم بها المؤسسة على مستوى التربية البيئية و الأوراش التي فتحتها منذ تأسيسها بمبادرة ملكية. وتميزت أشغال اليوم الثاني من المؤتمر العالمي بحضور الأميرة للاحسناء التي واكبت أشغال الجلسة العامة الأولى ، وعادت في المساء في زيارة لأروقة المعرض الذي يقام على هامش المؤتمر . كما تميزت أشغال ذات اليوم ، بتوقيع مؤسسة محمد السادس على مجموعة من الاتفاقيات مع أطراف وطنية ودولية تهم إنشاء المدارس الإيكولوجية ، والتعاون في مجال التربية البيئية.