وأخيرا تنفس الجمهور الرائع للكاك الصعداء بعد 2700 دقيقة من المعاناة، الانتظار، الحسابات والمساندة اللامشروطة، وكان ذلك بعد تعادل فريقه أمام فريق النادي المكناسي في مباراة كان شعارها الانتصار أو الانحدار، نظرا لرتبة الناديين اللذين كانا معذبين ومعنيين بالنزول، إذ كان يلزم الفريق القنيطري على الأقل التعادل بميدانه للإبقاء على حظوظه كاملة، وبالتالي الحفاظ على مكانته ضمن الدوري الاحترافي، في حين كان الانتصار، ولا شيئ غيره، هو ما سينقذ المكناسيين من الهبوط للقسم الثاني، وكل هاته المعطيات جعلت اللقاء، الذي احتضنه الملعب البلدي بالقنيطرة عشية الأحد الأخير، يكتسي حساسية كبرى للمجموعتين معا اللتين دخلتا بعزيمة قوية لكسب نقاط النجاة، وهذا ما تجلى منذ البداية، التي لوحظ خلالها أسلوب الحيطة والحذر الذي نهجه الفريقان اللذان كانا ينتظران أية غفلة أو هفوة، مما جعل بداية المقابلة تعرف صراعا من أجل السيطرة على وسط الميدان، مما صعب الأمور على المهاجمين الذين ظلوا تائهين وغير قادرين على الوصول لزيارة الشباك، مما أكد للكل أن أمر التهديف لن يحسم إلا بجزئيات صغيرة، خاصة من الكرات الثابتة.. وفعلا هذا ما كان، إذ تمكن هداف الكاك بلال بيات من الوصول لمرمى غوفير في د27، بعدما سجل برأسية جميلة كرة أتته في القائم الأول من ضربة زاوية نفذها بدقة زميله بلال الصوفي، وقد كان لهذا الهدف المباغت الأثر السلبي على الزوارالذين تعقدت الأمور لديهم، ورغم ذلك ظلوا مستمرين في نفس أسلوبهم الذي طغى عليه الحذر، مما سهل نوعا ما مهمة المحليين الذين لم ينجحوا بدورهم في مضاعفة التهديف لينتهي الشوط الأول بتفوق المحليين رغم غياب عقلهم المدبر العميد رشيد برواس لجمعه أربعة أنذارات. مع بداية الجولة الثانية اتضح أن النادي المكناسي سيرمي بكل ثقله للرجوع على الأقل في النتيجة، وذلك من خلال التغييرات التي قام بها، وفعلا تغيرت ملامح الفريق، وصار يزعج الدفاع المحلي الذي ارتبك في مناسبات متفرقة لم يحسن الزوار استغلالها، وفي الوقت الذي عجز فيه زملاء عادل احليوات عن التهديف، نجح المهاجم توفيق ايجروتن في إضافة هدف ثان، زاد من صعوبة مهمة الزوار وذلك بعدما توصل بكرة فوق طبق من ذهب من رجل الهداف بلال بيات، الجمهور المحلي ظن أن فريقه حسم المقابلة، لكن الزوار عمدوا إلى لعب الكل للكل، وهذا ما نقصهم في البداية، وفعلا وبعد اعتمادهم هذا الأسلوب خلقوا عدة متاعب للمحليين الذين تفاجئوا بعد هذه الاستيقاظة المتأخرة للزوار، وركنوا للدفاع عن سبقهم، لكن احليوات تمكن من تقليص الحصة في د79، مما أدخل نوعا من الشك في صفوف المحليين الذين تضاعفت مخاوفهم بعدما تمكن المهاجم ياسين بيوض من تسجيل هدف التعادل لفريقه في وقت متأخر جدا د92 بعدها اندفع لاعبو الكوديم في محاولة يائسة للحصول على هدف يؤمن بقاءهم ضمن أندية الدوري الاحترافي، لكن صفارة النهاية أقبرت كل أمالهم للوصول إلى هدفهم وأشرت على نزولهم رغم المجهودات الجبارة التي بذلها الرئيس أبو خديجة الذي صرح أن ما وصله النادي المكناسي راجع إلى الإهمال واللامبالاة التي تمارسها بعض الجهات بالمدينة، وأنه بمفرده لايستطيع تحمل أعباء فريق يمثل العاصمة الإسماعلية. وأكد أنه رغم كل هذا، سيبقى على رأس الفريق حتى يستعيد مكانته ضمن الكبار. تحكيم اليد رضوان جيد كان كاسمه، جيدا جدا، ونجح في اكتساب احترام وتهنئة الفريقين رغم حساسية اللقاء الذي قاده باقتدار. أما عدد الجماهير التي جاءت لمساندة فرقها، فقد فاق العشرة الآف. أغلبهم من مناصري الكاك. الآن وفريق النادي القنيطري تمكن من ضمان بقائه رغم أنه وقع على أسوء موسم له منذ صعوده الأخير، وجب تضافر كل الجهود وتذويب كل الخلافات لمصلحة النادي وجمهوره العريض الذي مل هذه الوضعية الصعبة التي صارت تميز ناديه هذا الجمهور الواعي جدا الذي فطن أخيرا للخيوط العنكبوتية التي يريد الحزب المسير حاليا للمدينة نسجها على الكاك وجعل جماهيره العريضة مطية لقضاء وتأثيث مآربه الانتخابية، فالكاك يا سادة يا كرام ملك لكل القنيطريين الذين ضحى أباؤهم وأجدادهم وسجنوا وقاوموا من أجل سطوع نجم هذا النادي الكبير الذي تأسس سنة 1938من طرف مجموعة من المقاومين الذين كان بعضهم في السجن المركزي ولا يسمح لهم بالمشاركة في المباريات إلا بعد أن يبقى الرئيس آنذاك رهينة لايطلق سراحه إلا بعد رجوع اللاعبين. فمثل هذا الهرم لن يسمح القنيطريون الحقيقيون باستعماله في أي مجال بعيدا عن الرياضة خاصة السياسة التي تعتبر مقبرة لأي ناد يزج به فيها في الحملات الانتخابية، وقد أعذر من أنذر.