بهذا الخط البديع، نقش زجّال «الحمراء» الكبير محمد شهرمان آخر إبداعاته الزجلية وبعث بها ، في أواخر أيامه، إلى صديق العمر، فنان ومبدع فرقة جيل جيلالة الرائدة مولاي الطاهر الأصبهاني. يقول هذا الأخير في كتاب «لما غنى المغرب»، إنه تعرف على محمد شهرمان في سنة 1967، وكان عمرهما لا يتجاوز 19 سنة، في أحد الأنشطة المنظّمة من قبل الشبيبة الاستقلالية بمراكش، حيث كان شهرمان يرافق محمد الوفا وزير التعليم الحالي، وكان إذاك، يضيف الاصبهاني، يكتب بعض المسرحيات والتمثيليات القصيرة، عبارة عن سكيتشات جميلة وناجحة، باعتبارها ذات قالب فكاهي. مولاي الطاهر سيطلب من شهرمان، الالتحاق بجمعية شبيبة الحمراء، المهتمة بالمسرح، والتي كانت تضم ، بالاضافة الى الاصبهاني، عبد العزيز الطاهري، مصطفى تاه تاه، مولاي احمد بنمشيش ، عبد اللطيف الملاخ، و المخرج عبد الكريم بناني، وستنظم الجمعية في عام 1969 مهرجانا للمسرح والقصيدة شارك فيه شهرمان بمسرحية «خدوج»، وهي عبارة عن عمل فكاهي، لقي ترحيبا من طرف الجمهور. وفي عام 1970، يقول مولاي الطاهر الاصبهاني، ستُحدث جمعية شبيبة الحمراء محترَفا للتأليف، ضم في صفوفه عبد العزيز الطاهري وبنمشيش، بالاضافة الى شهرمان، وسيتمكن هذا الفريق من تأليف مسرحية «التكعكيعة»، التي سيقوم بإخراجها عبد الكريم بناني وستفوز بالجائزة الثانية بالمهرجان الوطني لمسرح الهواة، الذي احتضنه مسرح محمد الخامس بالرباط، وكان من المعروف أن الجائزة الاولى بمهرجان الهواة عادة ما تحجب ويتم الاكتفاء بالجائزة الثانية. في عام 1971 سيؤلف محمد شهرمان رائعته «نكسة أرقام»، وهي المسرحية التي ستحقق شهرة واسعة، وستتمكن هذه المسرحية لأول مرة في تاريخ مهرجانات مسرح الهواة ، من الحصول على الجائزة الاولى. ويوضح مولاي الطاهر أن تقليد الجائزة الثانية كسره «شكسبير المغرب» الطيب الصديقي، الذي كان يترأس لجنة التحكيم، وسيفرض على اللجنة منح هذا العمل الجائزة الاولى، أي ان الصديقي كان من أوائل الأعلام، الذين وقعّوا بصمة الاعتراف بفنية هذا الزجال والكاتب المراكشي محمد شهرمان رحمه الله. عندما تأسست مجموعة جيل جيلالة سنة1972 ، اقترح مولاي الطاهر الاصبهاني على حميد الزوغي، الذي بادر الى تشكيل هذه المجموعة، بأن يتصل بشهرمان، كي تستفيد الفرقة من قصائده. وبالفعل كانت أولى أزجاله هي فاتحة ما غنته الفرقة، ويتعلق الامر بأغنية «لكلام لمرصع»، التي كتب الجزء الاول منها فيما كتب محمد الدرهم الجزء الثاني . كما ألف للمجموعة أغنية «الدورة» وهي من أروع الأعمال الفنية لجيل جيلالة، والتي احتفى من خلالها المخرج كمال كمال بهذه المجموعة الرائدة، في فيلم «السمفونية المغربية» بتوزيع موسيقي راقٍ . كما ساهم شهرمان في كتابة أغنية «العيون عيني»، المقطوعة الرائعة التي ساهمت في تعبئة المغاربة للمشاركة في المسيرة الخضراء، حيث أتم ما بدأه عبد العزيز الطاهري الذي كتب مقدمتها، ليتممها شهرمان بمقطع: «بجاه العظيم الرحمان العدل جا و جاب البرهان وافي حقنا ف الميزان عمامة فوق روس العربان». تكريما للزجال الكبير المرحوم شهرمان، اخترنا أن ننشر بعض نصوصه الإبداعية التي خطها بيده، إحياء لذكراه، وهي النصوص التي أمدنا بها رفيق عمره مولاي الطاهر الأصبهاني.