تشكل «المعلومات » أحد المرتكزات الرئيسية للعمل الإعلامي، أكان الأمر يتعلق، بالإعلام المكتوب، أو السمعي البصري أو على مستوى جميع المجالات المرتبطة بهذه الممارسة. وقد تكون «المعلومات، خبرا آنيا، يعكس حدثا ما. وقد يكون، خبرا يسلط الأضواء على وقائع سابقة لها مدلول تاريخي متميز. وهي في حالات أخرى تجسد جملة من المعطيات «الكمية منها والكيفية، مما يسهل للباحث أو الممارس، بشكل عام - عمله - الذي يؤدي إلى نتائج غاية في الأهمية. ولا تقتصر «المعلومات » من الناحية المبدئية، على قطاع دون آخر، غير أنه، يمكن أن تكون جاهزة، في شكل، أرقام ومؤشرات وقد يتطلب الأمر إيجادها، مبدئيا بواسطة، عمل، مباشر يعتمد آليات وطرق عملية محددة . وفي كل الحالات، فان العمل الإعلامي، لا يمكن أن تبنى أسسه ومرتكزاته، دون «معلومات» لكن كيف يمكن التعامل مع واقع، لا يسمع بإيجاد نظرة مؤسسية لمفهوم «المعلومات» في عمل إعلامي ذي صبغة دائمة ومستمرة، أو عمل يكتسي، طابع العمل الأكاديمي، مهما كانت توجهاته. فالحدث العادي، الذي قد يشكل مادة خبرية، لصحيفة ما يمكنه أن يصبح «معلومة» ذات مدلولات متعددة في محيط يتعامل مع الأحداث ومتغيراتها. والمعلومات، معادلة يسهل معها، استخلاص أهمية ما تقوم بممارسته، أكان ذلك يرتبط بأسلوب حصر نوعية «معلومة» أو تمييزها، أو تصنيفها، أو توظيفها، أو أرشفتها. إن الواقع الإعلامي، في كثير من الدول السائرة في طريق النمو وبالأخص الدول العربية، لا يسمح بالتعامل مع «معلومة» بفكر «معلوماتي» ممارسة وتوظيفا، وبالتالي لا نجد، ذلك التقليد، الموجود في البلاد المتقدمة في تعاملهم مع المعلومات كمجموعة، من المعطيات، قد تكون محلية، وقد تكون دولية من شأنها أن تعضد العلاقات فيما بين المؤسسات، وفيما بين الأفراد فهي إما عرضة للتسيب والإهمال، أو حبيسة لمجموعة من التقنيات التي تحول دون الاستفادة من عديدة من أدوات الممارسة. وسأعمل من خلال هذه المداخلة، أن أناقش هذا الأمر، على أن أصل إلى بعض الخلاصات الأساسية في هذا المضمار. إشكالية استخدام المعلومات الممارسة الإعلامية من خلال » الموهبة « و » التجربة « لمعالجة إشكالية المعلومات، لدى الإعلامي الوطني، لا بد من التطرق إلى واقع الممارس، الذي يتعامل، وبصفة يومية مع كمية من المعلومات، ذات التصنيفات المختلفة، والتي تتجاوز حدود الأنباء، التي تعكس أحداثا معينة إلى الإنتاجات الثقافية، والمعرفية، المتعددة، تلك التي يحتاج إليها الصحفي أو يحتاج إليها الممارس، في مجال بحوث التنمية العلمية، والمستحدثات التقنية والأنشطة التجارية والصناعية ((1 . فالتعامل مع هذه الكمية، من المعلومات، تتم من طرف ممارس كسب «حرفته» بالموهبة، وصقلها بفعل التجربة، الأمر الذي يجعلنا أمام طاقم من العاملين، لا تتعدى موهبتهم، وإمكاناتهم، حدود ما اكتسبوه في إطار عملهم. إضافة لذلك، فإن المؤسسات محيط العمل، بحكم بنيات تكوينها، لا يمكن أن تقدم أي شيء، من شأنه أن يطور العمل فيها مهما كانت درجته ومستوى عمله. ((1 اليونسكو : التقرير النهائي للمؤتمر الدولي للسياسات الإعلامية في إفريقيا، ياوندي والكامرون ? 22 ? 3/7/80 2- تقنية العمل الإعلامي وحدود الحصول على المعلومات حينما نقرر، أن الممارسة الإعلامية اليومية في أكثرية البلاد العربية لا ترتكز على أي فهم في عملها، يرتبط بالمعلومات كمادة أولية آنية وبالمعلومات، كذخيرة أساسية، يعود إليها الممارس حينما يتطلب عمله ذلك. ولغياب وعي بأهمية المعلومات. ولغياب البنيات المؤسسية، التي تسهل عملية الاستفادة من المعلومات. فإنما لنؤكد حقيقة، لا يمكن تجاهلها، والتي تدلنا على أنه ليس لدينا تنظيم، واضح للاستفادة من المعلومات، ومن ثمة نتساءل عن ماهية المعلومات المطلوبة وكيف يتم الحصول عليها؟. وكما سبقت الإشارة إليه، فإن المعلومات، لا يمكن حصرها في مسألة الأخبار عن شيء معين، ذات طبيعة آنية، وتأثير ظرفي، وإنما تلك التي تشمل الإخبار وتمس الحياة العامة للفرد والمجتمع، بغرض معالجتها ونشرها وقد تكون ذات طبيعة علمية أو تكنولوجية أو إخبارية أو تقريرية .. ويمكن حصرها في مستويات ثلاثة: 1) المعلومات والبيانات التي يحتاجها الباحثون والتقنيون كأساس لبحوثهم، أو من أجل التطبيق العملي، وذلك بواسطة ? المكتبات ومراكز التوثيق، ومراكز المعلومات? 2) تبادل المعلومات بين بلدان المنطقة المعنية . 3) تبسيط العلوم، ونشر، وتعميم المعارف الأولية اللازمة لفئات عريضة، من السكان أكانوا في الحضر،أم الريف، بصفة خاصة. - وتنظيم هذه المجالات الثلاثة، على مستوى الشكل البنيوي المعد من طرف الدولة، يتم من خلال البحث، والتنقيب، ومن خلال شكل الاستفادة، وفي حجم المساعدة التي تقوم بها المؤسسات الإعلامية. غير أن ثمة عددا من الإشكالات، التي تكون عائقا كبيرا، في مسألة الاستفادة، وهذه الإشكالات، منها ما هو ذاتي. يتعلق بشخص الممارس وطبيعة تكوينه، ومنها ما هو موضوعي، وهو مرتبط بالتقاليد والقيم السائدة فيما يتعلق بالتعامل، مع المعلومات، وحينما يجتمع الذاتي والموضوعي، فإنهما يشكلان حدا فاصلا، يحدد ويقنن حجم الاستفادة كما ويحدد نوعية هذه الاستفادة. وإذا كانت كثير من الأنظمة، قد قللت من أهمية حجب المعلومات فإن الدول المتخلفة، قد وسعت منها مما شكل عرقلة حقيقية في وجه الممارس الإعلامي. وثمة قضية أساسية لا بد من مناقشتها وهو أن الممارس بغض النظر عن الحدود المرسوم لتصرفه، من لدن الحكومة أوالمؤسسة فإنه لا يقدم على طلب « المعلومات « لأن منهجية عمله، لا تسمح له بأن يركز في تحليله، أو كتاباته على استدلالات، ذات صفة مادية، وإنما سهل له الأمر بنهج أسلوب إنشائي يكيفه مع حجم القضية، المعالجة، لذلك لا تجد المؤسسات أو الحكومات كبير عناء، في خلق حواجز، وحدود الاستفادة من المعلومات وتقنيتها. أهمية المعلومات في العمل الإعلامي - نوعية المعلومات، المطلوبة في العمل الإعلامي: كما سبق التأكيد عليه، فإن «المعلومات» التي يتطلبها الممارس الإعلامي، تتعدى الأنباء، إلى كل ما يمت للإنتاج الثقافي والمعرفي بصلة، غير أن طبيعة الأحداث، ذات الطبيعة الآنية أو الظرفية تلزم الإعلامي، بأن يكون ملما،بمعظم الحيثيات، المكونة لعملية التداول الأنبائي، وهي من الناحية المبدئية ترتبط بجميع الفعاليات الإنسانية والاجتماعية ومن ثمة، فإن خبرا « ما لا يمكن فصله عن محيطه، حتى يمكن تحديد العوامل المباشرة أو غير المباشرة التي سببت فيه . وعدم الفصل هذه لا تتم دون معرفة المحيط، وبالتالي فإن « خبرا « ما، لا يرتكز على خلفية تذكيرية موثقة، لا يمكن اعتباره خبرا مكتملا من الناحية التقنية. ومن غير شك ، فإن الفعاليات، الموازنة في العمل الإعلامي، تتطلب رصيدا من المعرفة بالقدر الذي بإمكان الممارس أن يقدم إضافة، نوعية لما هو بصدد إنجازه والمعرفة المطلوبة هي كل ما يرتبط بالموضوع المعالج من علوم ومن حالات عامة، وحالات خاصة. فالممارس، لا يتعامل مع الأحداث، ومكوناتها بصفة مجردة حيث أنه مطلوب منه أن يندمج ويوظف كل المعطيات المتوفرة، توظيفا لا يتناقض مع الإطار العام، الذي يشتغل داخله، ولعل التصنيف الوظيفي للقضايا المعيشة، تلزم المتتبع لها، بأن يعلم عنها، الحد الأدنى من مسبباتها. ولتمكين هذا المتتبع، من تكوين نظرة عامة ومفصلة عن ما يدور من أحداث، لا بد من تقديم عمل بتضمن شروط الإفادة، ويتوفر على رصيد من المعلومات التي تفي بالغرض المطلوب، وهذا لن يتم ما لم تتوافر عناصر ذلك، ومن أهمها : 1. الوعي بأهمية «المعلومات» في أي عمل يستهدف التأثير على المستقبل. 2. إحداث مؤسسات « معلوماتية « تساعد على ذلك إضافة لهذا، فإنه لا بد من أن يكون واضحا لدى الممارس، كيفية توظيف « المعلومات « وبالتالي كيفية تطبيقها وتحديد نوعيتها، وأنه لمن شأن هذه العملية، أن تجعل الممارس يتعامل مع موضوع الحدث، طبقا لإمكاناته المتاحة، وفي حدود ما هو مسموح به، فليس بالإمكان التعامل مع « المعلومات « بطريقة غير معيارية، لا تراعي لما هو سائد، من قيم، وتقاليد تعكسها القوانين الجاري بها العمل. فالتصنيف وتحديد النوعية يسهل أمر التعامل مع التقنيات ويوضحان الإطار العام للصياغة. 3- الأرشفة، والتوثيق، ومدلولها الإعلامي: - من غير شك، فإن عملية التصنيف وتحديد نوعية المعلومات في العمل الإعلامي لا يمكن أن تتم في غياب مطلق، أو جزئي لنظام أرشيفي وتوثيقي في مؤسسة من المؤسسات ولا يمكن تصور « معلومات « بلا أرشيف، وبدون نظام توثيقي معين، يؤهل الممارس بأن يقوم بمهامه دون الخروج عن الإطار العام المحدد له، كما وتؤهله، بأن يقدم عملا يتوفر على الحد الأدنى، لما هو مطلوب. ويمس النظام التوثيقي، كل ما يتعلق بالممارسة الإعلامية أكانت تتعلق بنوعية الموضوعات وتوجهاتها، أو نوعية المواد المساعدة لذلك. ولعل نظاما توثيقيا وأرشيفيا متطورا يكمل البنيات التركيبية لأي عمل إعلامي، وهذا ما يفسر جدية ورزانة ما هو موجود في الدول المتقدمة وهزالة أغلبية الإنتاجات الوطنية في الدول المتخلفة و يطبع العمل الإعلامي، في بلدان المغرب العربي، على وجه الخصوص، غياب التعامل مع الأرشيف، حتى لا يجد المتتبع أي عناء في استخلاص هذه الظاهرة. والدارس للدوريات أواليوميات الصادرة في المغرب مثلا ، يمكنه أن يلاحظ بأن العمل المنشور بها، لا يعتمد على أية خلفية توثيقية، وبالتالي فإن التعرض للحدث، يتم بشكل مجرد دون ربطه بالعوامل المسببة فيه. ففي الوقت الذي نجد الممارس الإعلامي في الدول المتقدمة، بإمكانه أن ينجز تحقيقا مفصلا عن دولة من الدول ولو كانت مهمته طارئة، فإن الأمر يختلف عند الممارس في الدول المتخلفة، لأن الإمكانات المتوفرة لديه لا تسمح له بإنجاز مثل هذا العمل. والعجز المشار إليه لا يقتصر على القضايا البعيدة أو الدولية وإنما يمس القضايا المحلية أو الإقليمية..ولقد أدى إهمال الجانب التوثيقي في العمل الإعلامي ، إلى إتلاف عديد من المواد، التي تشكل في كيانها العام ذخيرة « معلوماتية « غير منظمة، بسبب أن الممارس ليس بإمكانه، أن يلتجئ إلى معين، يساعده على إنجازه، لأن هذا المعين المتمثل في التوثيق والتنظيم المعلوماتي، غائب، وعلى هذا فإنه من غير الممكن القيام بتحقيق مفصل من صحفي وطني في بلد متخلف، عن التطورات السياسية وبمناسبة تنظيم الانتخابات في دولة مجاورة، لأن المعلومات الأولية، غير موجودة ولا يمكنه الحصول عليها لطبيعة تنظيم المعلومات الموجودة في وطنه. ولعل خير مثال على ذلك، علاقة بلدان المغرب العربي فيما بينها، فالممارس، أكان إعلاميا، أم أكاديميا، لن يعثر عن البلد الآخر، أي شيء، بدءا بالمعلومات الأولية إلى الصحف اليومية إلى مختلف الإصدارات. وبالتأكيد، فإن مرد هذه الظاهرة، غياب الإحساس بأهمية وضرورة الاعتناء بالوثيقة، والتعامل معها وتصنيفها وتبويبها وتحديد نوعية ودرجة الاستفادة منها. بالقدر الذي يعرقل عملية تداول المعلومات في البلدان النامية. وتوجد هذه الظاهرة على ثلاثة مستويات هي : -1 قاريا : حيث تتمثل جوانب النقص في ضالة المعلومات المتداولة عن هذه البلدان في المناطق الأخرى. 2. إقليميا : وتنحصر في طبيعة تبادل وتداول المعلومات، بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب، بوجه خاص، حيث يتعرض لأكبر قدر من الاختلال ويعود ذلك بصفة أساسية، فيما يبدو إلى ضعف وسائل الإعلام الوطنية والإقليمية. 3. وطنيا : وتعود إلى الضغوط الدولية والوطنية التي تتسم كلها بالطابع الاقتصادي، علما أن عدم كفاية البنيات الأساسية تؤدي إلى الحد من برامج التوسع في معظم البلاد (1) . (1) اليونسكو، المؤتمر الدولي للسياسات الإعلامية في إفريقيا، نفس العدد 24 - 25 3-3 إشكالية الحصول على المعلومات، ومنظور السلطة: بينا فيما سبق أن الممارس الوطني، يفتقد إلى البنيات الأولية لإيجاد وتنظيم المعلومات، وهذه الخاصية تشترك فيها، حتى مؤسسة الدولة، أو السلطة في دول العالم الثالث، وذلك لأسباب متعددة أهمها افتقاد الوعي بأهمية المعلومات، غير أن أشكال أخرى، تتعدى الجانب التنظيمي، والإداري المتعلق بالمؤسسات، إلى اتخاذ مواقف أساسية من مسألة تبادل وتداول «المعلومات « على كافة المستويات، حفاظا على بعض الحدود، التي ترى فيها الدولة، مجال محرم على العموم. هذه التقنينية في المعلومات، تشترك فيها حتى الدول العظمى، التي سنت جملة من القوانين بموجبها، تم تحديد المعلومات ونوعيتها، وإمكانات الاستفادة منها، ويشكو الكثير من المتهمين العاملين في مجال الأعلام، من عدم قدرتهم وبصفة دائمة على النهوض بدورهم الواجب بسبب القيود المفروضة عليهم في ممارسة مهامهم. ولقد دعت كثير من المنتديات الدولية، المنظمة من طرف اليونسكو إلى ضرورة دراسة العلاقة بين المهتمين العاملين في وسائل الإعلام من جانب وبين الحكومات والجمهور المستقبل من جانب آخر. والملاحظ أن كثيرا من الندوات، قد أجمعت في بياناتها وتقاريرها على أنه توجد عوائق تقلل من موضوعية، وصدق المواد التي تتداول بين الأمم والمجتمعات وبين الأفراد وتتخذ هذه العوائق، شكل عقبات سياسية وإجراءات إدارية وقيود بيروقراطية وتتعارض هذه الظواهر مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلان الخاص بوسائل الإعلام. ولقد انعكست هذه العوائق على العلاقات الموجودة بين الدول فيما بينها، وبالأخص فيما بين دول العالم الثالث، وهذا بالرغم من المواقف الإجرائية، المتخذة لتنمية تداول المعلومات، على مستوى بلدان العالم الثالث، متمثلة في دول عدم الانحياز، بإنشائهم مجمع وكالات الأنباء سنة 1976، بغرض تقريب التعاون المباشر بين عدد من وكالات الأنباء، وتوزيع المعلومات فيما بين هذه البلاد. وتدعيما لهذا الإجراء من الإجراءات المماثلة، اتخذت اليونسكو عددا من الإجراءات والتدابير لإنشاء شبكة دولية لمراكز التوثيق والمعلومات في مجال بحوث الإعلام، وسياسته ولإنشاء مراكز للتبادل على الصعيد الإقليمي غير أن هذه الإجراءات صاحبها تخوف من أن تؤدي إلى إنشاء بنيات أساسية وطنية، لإنتاج الأنباء والبرامج الثقافية، والتقليل من تنوع الرسائل، أو من تنوع الأنباء أو إلى توحيد محتويات البرامج أو إلى منع الأجانب من الوصول إلى مصادر الأنباء، ولقد لفت، هذا التخوف الانتباه، إلى حقيقة وحدود تصرف وحركية الممارسين غير الوطنيين، أو الأجانب ذلك أن الحرية التي يوجد عليها الأجنبي لا تقارن بضالة ومحدودية الحركة لدى الممارسين الوطنيين. وتؤكد كثير من التجارب والحالات ذلك من خلال ما ينشر في صحف الدول المتقدمة، على أن الممنوع أو المحجوب على الممارس الوطني غير ممنوع على الممارس الأجنبي. فهذا الأخير تتاح له كل الإمكانات ليجمع ما يطلبه من معلومات، مهما كان شكلها أو حجمها، وهذه الظاهرة تعكسها حالة التبعية، التي مازالت تطبع حركية تداول المعلومات، ولقد حدد اليونسكو أشكال هذه التبعية في خمسة عناصرهي : 1. بقايا السيطرة الاجتماعية. 2. العجز الاقتصادي 3. الحالة الراهنة للبنى الأساسية للاتصال والإعلام. 4. التعريفات البالغة الارتفاع 5. العزلة الجغرافية والاجتماعية والثقافية التي تعاني منها هذه الدول. وإذا كانت هذه العراقيل أو المصاعب التي يتعرض لها الإعلامي الوطني ولا تمس الممارس الأجنبي، فإن هذا الأخير يعاني أيضا منها في بلده. فهذه المشكلات لا تعني وسائل الإعلام الوطنية وحدها،أو الصحفيين الوطنيين في الدول النامية وحدهم. ذلك أن الصحفيين في الدول الكبرى يعانون من نفس المشكل ويتعرضون لصعوبات كبرى في التعامل مع المعلومات. ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية، مثلا دخل رجال الصحافة والإعلام في معركة مع السلطات الرسمية لإزالة الحواجز القانونية التي تحول دول الاستفادة من المعلومات. الأمر الذي أدى إلى إصدار ما يسمى بقانون حرية المعلومات الأمريكي في 4/6/67 والذي تضمن إعفاءات كثيرة، كما تضمن قيودا. وبالرغم من المرونة التي أعطاها القانون المذكور إلا أنه تم رفضه واستنكار وجوده، وقاوم الصحفيون « سرية الحكومة» وكان من نتائج تصلب موقف الصحافة الأمريكية، أن صدر في عهد الرئيس فورد مجموعة من القوانين عام 1975، استهدفت تعديل قانون 1967 مما أعطى لوسائل الإعلام وغيرها سلاحا هاما ضد التغطية البيروقراطية فقد ظلت القيود قائمة. وسرعان ما طلب من الوكالات المتعددة الحصول على معلومات بموجب قانون خاص أو الالتجاء إلى المحكمة لتقديم طلبهم، واعتبرت الصحافة الأمريكية وكذا رجال الإعلام قانون 1975 ومن قبله قانون 1967 « مرهقا قديما وجديدا». وقد لخص بعض الكتاب وجهة نظر الصحافة الأمريكية في قانون 1975 بأن القانون المنظم للاستفادة من المعلومات وخصوصا قانون الأسرار الرسمي لن يفعل أكثر من أن ينص على فقرات من قانون الجاسوسية الصادر عام 1917 الذي لا يزال ينظم النشرات إذاعة المواد التي تمس الأمن القومي الأمريكي. وإذا كان الأمر في الدول الكبرى أو المتقدمة وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، على هذه الشاكلة، التي تعطي مؤشرات لا تعالج مسألة الوعي بأهمية المعلومات، ولكن تدخل مع المشرع في جدل حول حدود الاستفادة من المعلومات، وحول حماية، حدود وحماية الأمن القومي، فإنه في الدول المتخلفة كما سبق ذكره، فإن الأمر يأخذ بعدا آخر يتساوى مع فقدان الوعي بأهمية المعلومات. وهذه الظاهرة يعبر عنها، اتجاه عام سائد، له منظور، معين للفعاليات اليومية، وقد ترجم هذا السلوك في لجنة مكبرايد لحل مشكلات الإعلام، حينما طرح مبدأ مناقشة حق الإنسان في الاتصال، فجاء طرحا مقابلا لهذا الاتجاه ومناقضا له يؤكد على حق الإنسان في الامتناع عن الاتصال. يتبع