تشكل الدواوير الصفيحية نقطا سوداء في العديد من المناطق بجهة الدارالبيضاء، بعضها جاء على شكل حزام يحيط بتراب العديد من مقاطعات ولاية الدار البيضاء، إلا ان تلك التي توجد وسط تجمع سكني تشكل عائقا كبيرا لما يصاحب هذا النوع من السكن من سلوكات و«عادات» ونمط عيش قد يختلف تماما عن العيش في المجال الحضري الصرف. من ضمن هذه الدواوير، دوار القاضي بن ادريس الذي يوجد وسط حي مولاي عبد الله بمقاطعة عين الشق. وما يميز هذا التجمع الصفيحي هو وجود العديد من الاسطبلات، و« الحظائر» التي تستخدم ، خصوصا، لتربية العجول التي تزود بها مجازر الدار البيضاء وبعض الاسواق المجاورة المحيطة بالمدينة. هذه الوضعية جعلت من الفضاء المحيط بالبنايات القصديرية او المسقفة بالقصدير، تعرف انواعا واشكالا عديدة للقبح والتلوث ! فكل ما يوجد داخل هذه الاسطبلات و«الزرايب» وما شابهها يتم إخراجه الى هذا الفضاء، من روث هذه الحيوانات، تضاف اليه نفايات هذه الدور التي تعج بالسكان، خاصة الاطفال ، حيث تحولت الى مطارح تجمع كل أنواع الازبال، إلى جانب انواع مختلفة من الحشرات، وتتسرب منها مياه عادمة نتنة. أما في صباح كل يوم فإن هذه المطارح يقصدها قطيع من الغنم، تبحث وسطها وبمحيطها، عن ما يمكن ان تقتات به. بعد ذلك تنتشر في جنبات الحي باحثة عن حاويات الازبال الموجودة في رأس كل درب، وهناك « أعداد من القطيع» تنتشر داخل أزقة الحي للتنقيب في «الاكياس» الموجودة قرب بعض ابواب المنازل ! هذه الوضعية التي تبعد الملاحظ عن المجال الحضري وتجعله أمام واقع يحيل على المجال القروي، غالب ما تتسبب في وقوع حوادث سير، بعد أن يجد بعض اصحاب السيارات والدراجات أنفسهم امام مجموعة من الخرفان او النعاج، فإن غضب او أو أبدى رد فعل ثائر، واجهه رد فعل أعنف من بعض السكان أو احد افراد العائلة التي تملك ذلك القطيع! ولا يقف أمر الاضرار عند التعفن او المطارح او قطع الطريق من قبل قطعان الغنم ، بل يتعداه، حيث أن كل من يملك عربة مجرورة «يوثق» دابته في الهواء الطلق خارج البيوت، ليعاين المار من المنطقة بعد غروب الشمس ،اسطبلات في الهواء الطلق لعشرات الحمير والبغال، مع استحضار ما تشكله من أضرار للبيئة داخل أكبر مدينة بالمغرب ، جمعت كل المتناقضات! طبعا لابد من الحديث، أيضا ، عن أسراب البط والدجاج، والتي جعلت من مجاري المياه العادمة أحواضا تستحم بها، حتى أن لونها يتغير عن طبيعته ليأخذ لون مجاري المياه! زد على ذلك عشرات الكلاب ، فبعد نزول الظلام يتضاعف عددها ، حين تلتحم معها مجموعات من الكلاب الضالة، وساعتها يستحيل المرور بالقرب من هذا الموقع، إلا من كان «مولوعا» بالمخاطرة ، علما بأن الخطر يكبر عقب غزوها لمختلف الأزقة بحي مولاي عبدالله! أمام هذا الوضع الكارثي لم يجد سكان المنازل المجاورة من سبيل سوى رفع شكاياتهم المتعددة الى المسؤولين، والذين من حين لآخر، يقومون بعملية تحسيسية وأخرى تمشيطية، أسفرت إحداها إلى إراغ عدد كبير من المحلات الموجودة بالداخل من العجول والابقار ورؤوس الاغنام! إلا أن هذا «الواقع غير الحضري» ، حسب بعض أبناء المنطقة ، لا يمكن التخلص منه بهذه الطرق المتجاوزة ، بل لا بد من إيجاد حلول جذرية تستحضر مختلف الجوانب ، الاجتماعي منها والبيئي ، خدمة للصالح العام! وقبل تحقيق هذه الخطوة ، يجدر التذكير أن بعض المواطنين المجاورين لهذا التجمع القصديري قد استأنسوا بالوضع، ومنهم من فتح محلا تجاريا لبيع بعض أنواع العلف، واصبح، بالتالي ، جزءا من الوضعية والمشكل، الذي يزداد تعقيدا يوما عن يوم، خصوصا وأنه اصبح مرتعا لعدة تجاوزات، كانتشار ترويج كل انواع المخدرات والخمور، التي تنظم للحد من تداعياتها حملات أمنية تقوم بها عناصر الشرطة التابعة للمنطقة الامنية لعين الشق، إلى جانب تشديد المراقبة من قبل السلطات المحلية للحيلولة دون اتساع رقعة البناءات العشوائية بهذا التجمع الصفيحي.