شكل موضوع «الصحافة بين التأريخ والتوثيق في عهد الحماية» محور مائدة مستديرة نظمت أول أمس الثلاثاء بتطوان. وتم خلال هذا اللقاء، الذي نظمه المركز المغربي للدراسات والأبحاث الإستراتيجية في وسائل الإعلام والاتصال، تسليط الضوء على دور الثقافة الوطنية الأصيلة والحركة الوطنية في بروز الصحافة في عهد الحماية ودور الصحافة في تعزيز الوعي بالذات الوطنية. وأكد الباحث والإعلامي محمد الحبيب الخراز في مداخلته بمناسبة هذه الفعالية الفكرية، أن الصحافة المغربية الوطنية في عهد الحماية اطلعت بدور مهم في الدفاع عن قضايا المغرب، ومواجهة الفكر الاستعماري، والمساهمة في تنوير الرأي العام الوطني آنذاك، وكذا التعبئة في مواجهة الغزو الاستعماري الفكري والمادي . وأضاف في عرض حول «الشق القانوني في الصحافة الوطنية خلال فترة الحماية»، أن بروز الصحافة في شمال المغرب خاصة والمغرب عامة مع مطلع عشرينيات القرن الماضي ساهمت في «تحريك العجلة السياسية وواكبت التفاعلات الاجتماعية المناهضة للمستعمر». وأبرز أنه بالرغم من قلة المنابر الصادرة آنذاك، شكلت الصحافة «مرآة للمجتمع وأرخت لمسارات المجتمع المغربي وتطوره وعكست إلى حد ما انتظارات المغاربة لتحقيق الاستقلال وتحسين أوضاعهم التعليمية والاجتماعية وتحررهم الفكري ضد فكر الاستلاب الذي حاول المستعمر فرضه في فترات دقيقة من تاريخ المغرب». واعتبر أن القوانين المجحفة التي استصدرها المستعمر الفرنسي والاسباني والرقابة القبلية والبعدية ومتابعة رواد الحركة الوطنية ومحاولة تضييق الخناق على الصحافة ومنع صدورها في أحيان كثيرة أو بيعها في الأماكن العمومية لم تحد من طموحات الصحافة المغربية «المناضلة» للدفاع عن الوطن ولم تثنها عن فضح الممارسات الاستعمارية. ومن جهته، أكد الباحث عبد القادر الخراز، في عرض حول «دور الثقافة الوطنية في بروز الصحافة في عهد الحماية»، أن الصحافة الوطنية، بالإضافة إلى نضالها ضد المستعمر اضطلعت ب«دور طلائعي في المجال الإصلاحي والتنويري والتثقيفي والتعليمي»، معتبرا أن هذا الدور جعل منها «ليس فقط منبرا لمواجهة المخططات الاستعمارية في بعدها السياسي، بل ساهمت أيضا في معالجة القضايا المجتمعية والتعليمية والثقافية مقابل الغزو الفكري الاستعماري الممنهج الذي حاول المس بوحدة الأمة دينيا وعقائديا وثقافيا». واعتبر أن التجربة التي راكمتها الصحافة المغربية في عهد الحماية صاحبت أيضا نمو الوعي الثقافي والسياسي للمغاربة، مما جعلها «حلقة مؤثرة في تطور المجتمع المغربي، و في نفس الوقت متأثرة بالتحولات العميقة التي عرفها المجتمع المغربي ونمو الوعي بالذات الوطنية». وخلص الباحثان إلى أن الصحافة المغربية في فترة الحماية عامة أسست لتطور الصحافة المغربية «الحديثة» وساهمت في مرحلة بناء المغرب الحديث، الذي انتقلت فيه البلاد إلى مرحلة تعزيز البنيات والمؤسسات الديموقراطية وضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان ودعم الحياة الاقتصادية والاجتماعية.