أصيب عمال الشركة المكلفة بإنجاز أشغال تأهيل شبكة التطهير السائل بالمدينة العتيقة للصويرة بصدمة إثر اكتشافهم عظاما بشرية أثناء حفرهم بمحاذاة سور باب مراكش. العظام البشرية، حسب شهود من أبناء المدينة، هي بقايا أجساد موتى المسلمين الذين كانوا مدفونين بمقبرة باب مراكش قبل اجتثاثها وتحويلها إلى ساحة عمومية. ولعل التدبير العشوائي لهذه العملية، يضيف أحد المواطنين، هو الذي أوصل هذه العظام إلى جانب السور أو لعلها قبور قديمة أهملت خلال إزالة المقبرة. وقد تم إبلاغ السلطات الأمنية والمحلية قصد القيام بالمتعين حفظا لحرمة رفات موتى المسلمين. والحال أن واقعة باب مراكش قد أعادت إلى الواجهة مظاهر الانتهاك المستمر لحرمة مقابر المسلمين بمدينة الصويرة على وجه التحديد، وخصوصا بمقبرة سيدي مكدول التي تتناثر على ممراتها عظام موتى المسلمين إثر حالات النبش والعبث بالقبور بدوافع الدجل، أو بسبب انتشار الحيوانات. ناهيك عن تحول المقبرة إلى مرتع للمتشردين والمنحرفين ومتعاطي الخمور وغيرها من الممارسات المنحرفة التي تنتعش في ظل غياب الحراسة والصيانة والنظافة بالتوازي مع غياب أي تنظيم لعملية الدفن مما يفسح المجال لانتشار القبور بشكل عشوائي يعدم حتى الممرات والمسالك . ولقد سبق لجريدة الاتحاد الاشتراكي أن أثارت واقعة انتهاك قبور بنفس المقبرة سنة 2008 مثيرة مسؤولية المجلس البلدي في اتخاذ ما يلزم من الإجراءات تماشيا مع مسؤولياته المضمنة في الميثاق الجماعي اعتبارا لكون المقابر مرافق عمومية تنسحب عليها مسؤولية الشرطة الإدارية التي أوكلت إلى المجالس المنتخبة التي صارت مطالبة بتدبيرها وصيانتها بما يحفظ حرمة أموات المسلمين، كما عليه الحال بالنسبة لمقابر المسيحيين واليهود. غير أن لا شيء من ذلك تحقق، ومازالت مقبرة سيدي مكدول عرضة للانتهاك ومعها رفات المسلمين. وفي واقع الأمر، ليست الوضعية المزرية لمقابر المسلمين تخصصا صويريا، بل هي ظاهرة وطنية لصيقة بمختلف المدن المغربية بما فيها المقابر التي تضم قبورا تاريخية. حيث سبق لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في معرض جوابه عن احد البرلمانيين سنة 2009 ، أن أقر بالوضعية المزرية لمقابر المسلمين بالمغرب مصرحا بالحرف «إن المقابر هي مقرنا الأخير، ونعرف أن وضعيتها مزرية، ومنذ سنة ونصف ونحن نعد لندوة حول المقابر تحضر فيها جميع الأطراف، وهناك ملف معروض على المجلس العلمي الأعلى، والترتيبات مازالت لم تتم». كما بادر المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2012 إلى إصدار دراسة لجمال بامي تحت عنوان « حالة مقابر المسلمين بالمغرب واقتراحات عملية من أجل إصلاحها» . وهو مجهود ذو خلفية حقوقية يقف على الوضعية الكارثية التي تعرفها مقابر المسلمين بالمغرب ويقترح في الآن ذاته مجموعة حلول ذات أسس قانونية وأخرى ذات بعد إبداعي خلاق بغرض تحويل المقابر إلى ما يمكن أن نطلق عليه اسم « المقابر المشاهد les cimetières paysages « » في إطار رؤية مندمجة لتدبير المجال في بعده الترابي، الثقافي، الحقوقي، والبيئي كذلك. الدراسة وقفت ابتداء على مظاهر الوضعية المقلقة التي تعيشها مقابر المسلمين معددة مجموعة مشاكل من بينها غياب الأسوار، انعدام الحراسة، غياب الربط بالماء والكهرباء، الاكتظاظ، غياب أي تنظيم أو تصور لعمليات الدفن بشكل يحافظ على الولوجية والممرات والمسالك. هذا الخصاص أدى إلى تحول مجموعة من المقابر إلى مزابل، ومرتع للمتشردين والمنحرفين ومتعاطي الخمر، بل وتحويل بعض المقابر إلى فضاءات للممارسات الجنسية المنحرفة، ناهيك عن انتشار الحيوانات. كما أثارت الدراسة تقاعس الجهات المسؤولة عن القيام بالمهام المنوطة بها وأساسا المجالس المنتخبة التي أوكل لها الميثاق الجماعي في إطار مهام الشرطة الإدارية، تدبير وصيانة المقابر باعتبارها مرافق عمومية، بمعية وزارة الداخلية ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تتدخل في إطار إشرافها على أراضي الوقف المخصصة للمقابر، وكذا وزارة الثقافة ، كلما تعلق الأمر بمقابر تضم قبورا تاريخية. كما اقترحت الدراسة مجموعة حلول من بينها إعمال القوانين المنظمة لتدبير وصيانة مقابر المسلمين عبر تحمل المجالس المنتخبة لمسؤولياتها في تدبير وصيانة المقابر وتوفير الاعتمادات اللازمة لذلك، مع التسوير الجيد للمقابر، وتزويدها بالماء الصالح للشرب والكهرباء، وتوفير الوعاء العقاري اللازم إجابة عن أزمة اكتظاظ المقابر، وإحداث ممرات بين القبور وتبليطها تفاديا لنمو الأعشاب العشوائية. كما اقترحت الدراسة إحداث مقابر نموذجية تجيب عن جميع الإشكالات المثارة سلفا عبر إشراك المواطنين ومكونات المجتمع المدني في عمليتي التدبير والصيانة بشكل مستدام. وقد تضمنت الدراسة اقتراحات عملية لصيانة المقابر وخلق تعبئة مجتمعية حولها وفق منظور تشاركي من بينها إحداث هيئة متخصصة بإحداث شروط إيكولوجية جيدة بالمقابر، إحداث جمعيات تعنى بصيانة المقابر بالمغرب، تعيين حراس دائمين للمقابر من طرف الجماعات المحلية، اقتراح يوم الجمعة الأول من رمضان كيوم وطني للدفاع عن حرمة المقابر، تجميع القبور وترتيبها في صفوف متماسكة بما يفسح المجال للممرات ولزراعة نباتات وأزهار ذات جمالية. وبالتالي فالدراسة التي أصدرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان تستحضر بالدرجة الأولى البعد الحقوقي للموتى الذي يجد أساسه في المرجعية الدينية أولا، والقيم الإنسانية والكونية ثانيا. إضافة إلى مقاربتها الموضوع من زاوية قانونية تضع المجالس المنتخبة ومعها وزارتي الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية أمام مسؤوليتها في حماية مقابر المسلمين. مع التركيز على كون المقابر معطى ثابت داخل المجال الترابي في بعده الثقافي، والعمراني، والايكولوجي كذلك. وبالتالي يجب التعاطي معه وفق منطق استشرافي يدمج كل هذه الأبعاد حتى لا تكون مقابر المسلمين بالمغرب حيزا هامشيا لا يستوعب إلا الموت، بل ذاكرة جماعية يحضر فيها حتى البعد الجمالي . وجاء ذلك بناء على شكاية تقدمت بها ساكنة تلك الأحياء منذ سنة 2004 إلى كل من وزير الداخلية ووالي جهة دكالة عبدة والوكيل العام بمحكمة الاستئناف بآسفي والذي أحالها بدوره على المركز القضائي للدرك الملكي باليوسفية قصد تقصي الحقائق والاستماع إلى أطراف الملف ومن بينهم المسؤول المذكور بصفته كصاحب مقاولة أشرفت على إنجاز الأشغال موضوع الشكاية. وقد حاولت الجريدة الاتصال بالمعني في أكثر من مناسبة من أجل أخذ توضيح حول القرار المذكور إلا أن هاتفه ظل خارج التغطية . وغاز كبريتيد الهيدروجين قابل للاشتعال وسام للغاية يكون له أثر السم عند استنشاقه ويؤدي إلى الإضرار بالجهاز التنفسي، وبالتالي شل نظام التنفس. ويمكن الحماية منه باستعمال اجهزة التنفس الكاملة المحمولة فوق الظهر بواسطة اسطوانة الهواء المضغوط . الضحيتان لا يتجاوز عمر كليهما 30 سنة، حيث أن احدهما من مواليد 1984 والثاني من مواليد 1987 .