يعرض الفنان اليزيد خرباش ابتداء من يوم الخميس 18 أبريل 2013 برواق الفنون مولاي الحسن، أعماله الفنية الجديدة المندرجة في إطار تجربة وسمها الفنان بعنوان» الروض العاطر «، وذلك بمبادرة من «شبكة فنون 48 «، وقد أعد كاتالوغ المعرض الفنان إدريس الرحاوي. اليزيد خرباش شفاف مثل أجنحة فراشة. ضاج بأزيز الجمال كما لو أن بداخله خلية نحل. يتحدث بجسده كله ليترجم الكون إلى أقواس قزح.يلتقط أشياءه الفنية من قارعة المشاع ليحولها إلى وميض. يتغلغل في خبايا المعاني ليعيد تركيبها من الداخل. يحفر عميقا في أعالي الكينونة التشكيلية ليرسم أخاديد الوجود. يستكين مثل حسّون خائف من اهتزاز الغصن و يجلجل في سماء الإبداع مثل رعد ..إنه الفنان اليزيد خرباش الذي راكم على مدى أكثر من ثلاثة عقود تجربة تشكيلية غنية ، وذخيرة فنية ثرية. تخرج من مدرسة الفنون الجميلة بتطوان، ثم من معهد فنون التزيين بليموج، وأخيرا من المعهد الكبير المتمثل في خلواته الإبداعية، ليتفرغ نهائيا لأعماله الفنية. إنه مسار تجربة فنية تؤرخ لنضج جمالي متواصل، يقف الآن على مشارف تعميق فلسفة الاستعادة، وإعادة الحياة إلى الأشياء من خلال وضعها في سياقات جديدة، وإلى استشراف العمق الشعري للتشكيل من خلال سيرورة حفر فني انطلق مع تجربة « المعلقات» وتعمق مع تجربة» حين تتحول النار إلى أشعار» وتجربة « الحلم الأزرق» حيث يتم الاحتفاء التشكيلي بالنص الشعري علانية، ليصل هذا التجلي لحظته الصوفية اليوم في روائع « الروض العاطر». يغوص خرباش اليزيد تدريجيا في جوهر «فلسفة الاستعادة « التي تؤطر رؤيته الجمالية، ويلامس بشكل عميق الجوهر الشعري للتشكيل. يشتغل بأناة على تحقيق ذلك التلاحم الإبداعي بين فنون مختلفة، ليروضها على التجاور والتفاعل داخل تقنية عملية الاسترجاع أو الاستعادة، من أجل بناء أعمال فنية باذخة الجمال،مرفوقة بمجسمات تشكل امتدادات فيزيقية للوحات، تقوم في مادتها الخام على أشياء مثخنة بدلالاتها الرمزية، لتتم استعادتها من أجل إكسابها معنى جديدا.. إنه اندثار جميل في المدى التشكيلي الشاسع.. إنه استنطاق فني للجوهر الجمالي عبر امتداداته البصرية الآسرة. للشعر مكانة مائزة في أعمال اليزيد خرباش، إنه حاضر باستمرار في تجربته التشكيلية كجوهر وليس مجرد توظيف عابر، فأغلب عناوين أعماله ذات صلة وطيدة بالشعر بدءا ب» المعلقات» مرورا ب» حين تتحول النار إلى أشعار» و «الحلم الأزرق» حيث يكتسب النص الشعري سلطته الكاملة ليطفو على سطح اللوحة، وصولا إلى «الروض العاطر»، الذاهب بتقنياته الفنية وإيحاءاته الجمالية إلى تحقيق لحظة الإمساك التشكيلي بمفهوم اللذة في بعديها الإنساني والصوفي. فالفنان التشكيلي هو شاعر في العمق بأحاسيسه وبنظرته للأشياء، فإن كانت «المعلقات الخرباشية» تزخر بحضور شعري قوي تتم قراءته بطريقة تشكيلية بصرية، وكانت مجموعة أعمال «حين تتحول النار أشعارا» تميل إلى استعمال أشكال وأحجام تخلق منها النار فضاءات تشكيلية بصرية زاخرة بالإيحاء الشعري ، فإن تجربة أعمال « الروض العاطر» تستحم بروح الشعر وتمنحه تجليات حسية وبصرية تلهج بابتهالات اللذة .. ففي لحظة الذرة الفنية لا فرق لدى اليزيد بين ما هو تشكيلي وما هو شعري .. إنه مثل نهر تماما يحفر مجراه بإصرار الماء.