بعد انهزامه داخل قواعده بإصابة يتيمة، في المباراة التي جمعته بالدفاع الحسني الجديدي بالملعب الشرفي بمكناس، اقترب فارس الإسماعيلية من فوهة القسم الوطني الثاني، خصوصا بعد انتصار كل من النادي القنيطري على الوداد البيضاوي بعقر داره والنهضة البركانية على الفتح الرباطي، وابتعاد وداد فاس عنه بخمس نقط، مع توفره على مباراة ناقصة. وبدا جليا منذ الوهلة الأولى الارتباك الواضح للعناصر المكناسية، وتفكك خطوطها، فيما ناور أشبال حسن مومن، وضغطوا بقوة لإرباك دفاع الكوديم، الذي ظهر شاردا في العديد من المرات، وتمكنوا من بسط سيطرتهم على مجريات الجولة الأولى من خلال الانتشار الجيد داخل رقعة الملعب، وخلق عدة فرص للتهديف لم يستغلها الثلاثي الخطير (محمد جواد، زكرياء حدراف وكارل ماكس)، في حين تصدى الحارس أيوب لاما لأول تهديد حقيقي لمصلحة الكوديم، إثر تسديدة قوية من رجل حسن عبد الوهاب، ليعلن الحكم عبد العالي الزداني عن نهاية الشوط الأول بالتعادل السلبي. وعرفت الجولة الثانية نفس سيناريو سابقتها، أي سيطرة الزوار من خلال تبادل كروي جيد وانسجام تام بين الخطوط، مع إهدار فرص عديدة للتهديف، فيما كان تحرك المحليين محتشما لم يزعج الحارس أيوب لاما في المناسبتين اللتين أتيحتا لكل من طنيبر والولجي، دون أن تسفرا عن أي نتيجة تذكر. ليتضح جليا عدم قدرة العناصر الكوديمية على الرفع من إيقاع التباري وفرض طريقة لعبها لربح ثلاث نقط بميدانها تؤمن لها مواصلة الكفاح من أجل البقاء ضمن حظيرة القسم الوطني الأول من البطولة الاحترافية. وظهر ذلك فيما بين الشوطين، حين رفض قلب الدفاع زكرياء الإسماعيلي مواصلة اللقاء بدعوى أن الرئيس أبو خديجة سبه أثناء الجولة الأولى، الأمر الذي أرغم المدرب عزيز كركاش على تغييره بشكل اضطراري، حيث أقحم الحيمر وبعده طنيبر، ويعمد إلى تغيير تموضعات اللاعبين لخلق التوازن داخل الفريق، لمواجهة لاعبين يتوفرون على مهارات فردية عالية ولعب جماعي محكم. وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر إعلان الحكم الزداني (الذي لم يكن موفقا في العديد من قراراته) عن نهاية اللقاء، يفاجئ البديل المنصوري الحارس غوفير بتسديدة من حوالي 35 م استقرت في شباكه، بعد أن اعتقد أنها خارج المرمى. إصابة ثمينة في الأنفاس الأخيرة من اللقاء عقدت مأمورية الكوديم، ومنحت البهجة للدكاليين بعد سلسلة من النتائج السلبية التي حصدوها. لينتهي اللقاء بانتصار مستحق للزوار. وبهذه النتيجة يكون الكوديم قد وضع رجله الأولى في القسم الوطني الثاني. فحسب أحد اللاعبين، الذي فضل عدم ذكر اسمه، فقد كانت الهزيمة غير منتظرة لكنها غير غريبة، بالنظر إلى الضغط الذي مورس على اللاعبين طيلة الأسبوع، جراء عدم صرف مستحقاتهم، ما جعلهم يهددون بعدم إجراء اللقاء، «كما أن الغياب التام» للمسيرين، وعلى رأسهم أبو خديجة، الذي فضل الهروب إلى الأمام وترك الفريق يتخبط في مشاكله يجعل المرء يحتار مما يخطط خارج رقعة الملعب. وستكشف الأيام المقبلة الأيادي التي تعمل على زعزعة استقرار الفريق. وقال المدرب عزيز كركاش في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي»، «لقد أدهشني أداء اللاعبين الذين لعبوا بدون روح. لقد قبلت تدريب الفريق، وهو في وضعية صعبة، وقلت آنذاك أنه ليس بيدي خاتم سليمان ولا عصا موسى لإخراج الفريق من المأزق الذي وضع فيه، لكن قلت إن المهمة ليست مستحيلة، إذا توفرت الشروط التي وضعتها للمساهمة في ذلك، وأن الفريق سيعرف الطريق الصحيح، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث لم أجد الدعم والمساندة الكافيتين. فلولا تدخل الكاتب العام للولاية قبل الذهاب إلى أكادير وقبل إجراء مقابلة اليوم لصرف جزء من مستحقات اللاعبين لكانت الكارثة. ويبدو لي أن مشكل صراعات الأشخاص هو المتحكم في مصير فريق عريق إسمه النادي المكناسي». وبخصوص بقائه مع الكوديم من عدمه، قال إنه بعث برسالة استقالة إلى رئيس الفريق، هذه الرسالة أمهلت المسؤولين وقتا كافيا لتدبير أزمة الفريق (15 يوما وفق شروط العقد) «ولا أخفيكم سرا أنني تمنيت تنفيذ طلبي في حالة انتصارنا في هذا اللقاء، خصوصا وأنني لم أتلق أي جواب عنها، لكن والحالة هاته لا يمكنني المجازفة بقرار قبل التفكير فيه مليا خلال 24 ساعة المقبلة، وأتخذ القرار الذي يريحني ويريح ضميري وجماهير هذه العاصمة الإسماعيلية، التي أكن لها كل التقدير والاحترام كما أحييها على روحها الرياضية، التي تعاملت بها مع فريقها على الرغم من انتظاراتها وأقول لها معذرة».