ماذا تكتب الآن..؟ أكتب قصصا قصيرة، وأراكم المخطوطات والمسودات، ولا أعرف متى ستنشر، قد لا ترى النور أبدا، وأنا لا أشتكي على غرار الفنانين عندما يمرضون، لكن الشيء الأكيد هو أن تاريخ نشر تلك المخطوطات لن يعكس الزمن الحقيقي لكتابتها. إلى أي حد يسعفك هذا الفصل في الكتابة..؟ لا أعير اهتماما لفصول السنة، يمكن لي الكتابة في جميع الفصول، أحب فصول السنة كلها، لم أعد أميز بينها، ربما بسبب تلوث المناخ، أو ربما بسبب ضعف بصري، يقولون إننا نعيش حاليا في فصل الخريف، أنا لا أصدق ذلك، الخريف في ذاكرتي هو تساقط أوراق الشجر بفعل الريح، وليس بفعل عمال البلدية، لو أنهم يوقرون تلك الأشجار. فصول السنة لا تسعفني في الكتابة، بل يسعفني في ذلك التوفر على أوراق بيضاء وقلم حبر جاف ومشهد قصصي، ولا بأس أن تكون هناك موسيقى، والأهم من ذلك كله هو ذلك الدافع الباطني الذي يحث على الكتابة. أي فصل من فصول السنة يلهمك أكثر..؟ (آش كنعاود لك من كبيلة؟) فصول السنة لا تلهمني أي شيء، بقدر ما تلهمني بعض الجزئيات الصغيرة، من قبيل إيقاع الجملة الأولى، مثلا عندما أردت الشروع في كتابة إحدى قصصي، لم يكن في ذهني غير هذه الجملة «اسمحي لي أن أقدم لك نفسي..»، لقد كان إيقاع هذه الجملة كافيا لكي يحفزني على الكتابة بشكل حماسي، أما أن يكون الفصل خريفا أو شتاء أو ربيعا أو صيفا؛ فهذا يهم الفلاحين والرومانسيين ولا عبي كرة المضرب أكثر من الأدباء في اعتقادي. أي شعور يعتريك عندما تنهي نصك..؟ غالبا ما أشعر بأنني تخلصت من عبء ثقيل، وصرت خفيفا، وذا قوة ذهنية، حيث أغادر في الحال موضع جلوسي، وأرغب في المحادثة والمشاركة في حل مشاكل الآخرين، أما مشاكلي.. وأنت تكتب هل تستحضر المتلقي..؟ المتلقي الأول هو أنا، هذا المتلقي الذي هو أنا، أعتبره أكثر قسوة من أي متلق آخر، إنه لا يجامل وله سلطة كاملة في إعدام النص إذا لم يعجبه. هل تمارس نوعا من الرقابة على ذاتك وأنت تكتب..؟ الرقيب الأول كذلك هو أنا، نعرف الخطوط الحمراء وكيف نتجاوزها بدون خسائر. الإشكال يكمن في الجانب الإبداعي والعناصر الجمالية للنص، أحيانا تدور بيننا حرب طاحنة بخصوص ذلك. إلى أي حد تعتبر الكتابة مهمة في حياتك..؟ في فترة بعيدة من حياتي، خصوصا عندما كنت أنشر قصصي بشكل منتظم في إحدى الجرائد الوطنية، كنت أتساءل باستغراب كيف يتحمل الناس العيش دون كتابة نصوص إبداعية ونشرها. كنت أنظر في وجوه الناس لأرى مدى التأثير الذي أحدثته قصصي فيهم، متوهما أنهم قرؤوها لا محالة. الكتابة..ما تعريفك لها..؟ أعتقد أنها تساعد على مقاومة الإحباط والجنون، لدرجة أنني أستبعد كثيرا فرضية انتحار الأدباء. إلى أي حد أنت راض عما كتبت..؟ منذ مدة طويلة وعيت بأن ما نبدعه، ينبغي أن لا نتسرع في نشره، بل نضعه جانبا، ومن وقت إلى آخر نلقي نظرة عليه، ونصب عليه قليلا من الماء حتى لا يحترق. بالمناسبة أدعو إلى تجنب النشر في الوسائط الإلكترونية؛ لأنها أكبر محفز على النشر السريع. عادة، هل تعيد قراءة ما كتبت قبل اتخاذك لقرار النشر..؟ عملية تنقيح النص، عادة ما تنشط في لحظة الإقدام على نشره. لكن المخطوطات تتراكم دون أن تجد طريقها نحو النشر ولا أحد يطلع عليها، فليكن. عبد العالي بركات في سطور عبد العالي بركات: كاتب قصص، من مؤلفاته: أشياء صغيرة (مجموعة قصصية، جائزة اتحاد كتاب المغرب سنة 1994)، المشروع (مجموعة قصصية، بدعم من وزارة الثقافة المغربية سنة 2007).