ماذا تكتب الآن..؟ أكتب قصيدة بدأتها قبل مدة ليست باليسيرة، وهي تحثني على عدم وضع نقطة لنهايتها؛ وكلما رجعت إليها بهدف توظيبها للنشر تتملكني رغبة في مواصلة كتابتها شاعراً بمتعة لا تضاهى.. وفي الوقت نفسه أضع اللمسات الأخيرة على سيرة روائية بدأتها قبل خمس سنوات تحمل عنوان (بيوت بلا جدران). إلى أي حدٍّ يسعفك هذا الفصل في الكتابة؟ الفصول مؤثرة في الكتابة، مثلما لكل فصل فواكهه.. فكلها تسعفني ما دامت فصول الباطن كذلك.. كتابتي لا تتأثر لا بالبرودة ولا بالحرارة التي تجود بها الطبيعة، بل تتأثر ببرودة وحرارة البشر. وهكذا، فأنا أكتب عندما أكون غاضباً أو واقعاً تحت إحساس من حنين جارف؛ فيكون «الغضب» لكتابة الشعر، و»الحنين الجارف» لكتابة السرد. أي فصل من فصول السنة يلهمك أكثر؟ الفصول لا تلهم بل ما يحدث فيها.. في بداياتي كان الخريف فيما أحسب ملهما، لأن كتابة البدايات تكون عادة مرتبطة بالحزن وما تسخو به المراهقة من مشاعر .. أما الآن فالفصول لا تلهم بل ما يختمر فيها من تجارب، فكم من تجربة تعاش في الصيف ولا تؤتي ثمارها الإبداعية إلا في الشتاء. أي شعور يعتريك عندما تنهي نصك؟ بلا شك هو شعور بالانتشاء، وكأنك تفرغ من معركة تنتهي بالنصر.. شيء من هذا القبيل.. إحساس بالرضى والتفرد والغرور.. وعادة ما أكافئ نفسي مادياً بعد انتهائي من كتابة نص. وأنت تكتب هل تستحضر المتلقي؟ أنا أكتب بدافع الضرورة، ولا أتوفر على ورشة للتمرينات على الكتابة، لذلك لا أشغل نفسي بالمتلقي المفترض.. لكن يحدث عند المراجعة والضبط وتصحيح الأخطاء أن يمر طيف المتلقي أمام ناظري فأبتسم له !! هل تمارس نوعا من الرقابة على ذاتك وأنت تكتب؟ بل هي التي تمارس نفسها عليّ.. وفي الرأس مطارقها ما زالت تتصادى. لقد بدأت الكتابة في أوائل الثمانينيات، وكانت الكتابة تخضع يومئذ للرقابة.. فهل تكفي هذه المدة ليقف تأثيرها القديم؟!وهل نستطيع اليوم أن نكتب كما نريد؟ لقد عاد السلفيون والمتطرفون بشراسة أقوى.. ولكن دعني أقلْ لك: ربما أسعفتنا الرقابة وحواجزها في ابتداع تقنيات للتضليل فيكون منها أثر إبداعي وجمالي مكين. إلى أي حد تعتبر الكتابة مهمة في حياتك؟ إلى حدود التماهي معها. أنا كائن يعيش للكتابة: قارئاً وكاتباً ومنتظراً لها إذا تأخرت قليلا. لذلك تصيبني كل أنواع الإحباط إذا مر علي زمن تعذرت علي فيه أسباب الكتابة.. لقد كنت أمارسها في الشباب من أجل إثبات الذات، وتراني أمارسها اليوم لتبرير وجودي وقهر المجهول. الكتابة.. ما تعريفك لها؟ الكتابة تشبه امرأة جميلة جداً تتبعها طول حياتك فلا تنال منها غير الوعود.. الكتابة لا تُعرَّف.. الكتابة تُعاش.. إلى أي حد أنت راض عما كتبت؟ بصراحة لن أقول لك بمثالية وتواضع بعض الكتاب:(لست راضياً وأنا أنتظر النص الأمثل)، لأنه ببساطة لا وجود لهذا النص المثالي. بل أقول لك: هناك نصوص كتبتها ونشرتها، ولما أعيد قراءتها تشعرني بالرضى والزهو، وأعجب من كونها لي.. وربما لهذا السبب أنا مستمر.. عادة هل تعيد قراءة ما كتبت قبل اتخاذك قرار النشر؟ بالطبع أقرأ وأعيد وأكرر القراءة مرات وأتردد كثيراً قبل اتخاذ قرار النشر.. بل هناك نصوص غيرت رأيي فيها محجماً عن نشرها وهي ما تزال بحوزتي..