استحضارا لفصول ملاحم الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال والوحدة، ووفاء لأرواح شهدائها الأبرار، خلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وسكان الدارالبيضاء يوم الاثنين 8 أبريل 2013 الذكرى 66 لأحداث 7 أبريل 1947. ففي هذا اليوم من شهر أبريل 1947 أقدمت قوات الاحتلال على اقتراف مجزرة رهيبة ضد ساكنة الدارالبيضاء للحيلولة دون قيام جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه بزيارة الوحدة التاريخية إلى مدينة طنجة يوم 9 أبريل 1947 ,لما كانت تهدف إليه تلك الرحلة الميمونة من تأكيد مطالب المغرب باستقلاله وسيادته الوطنية وتحقيق وحدة أراضيه وتمسكه بهويته العربية والإسلامية. وإن الذاكرة الوطنية لتختزن أياما مشهودة من أيام هذه المدينة المجاهدة الحافلة بالنضال والمقاومة والتضحيات الجسام التي بذلها أبناؤها في رياض العمل الوطني ومعترك المقاومة وجيش التحرير, دفاعا عن مقدسات الوطن وتحديا لقوات الاحتلال الأجنبي أثناء مواجهات يوم 7 أبريل 1947، إذ تصدى المواطنون بكل شجاعة وإقدام وإيمان لحملات التنكيل والتقتيل التي شنها الاحتلال في حقهم، والتي طبعتها أعمال وحشية وهمجية. فقد اختلقت السلطات الاستعمارية أسبابا أوهن من بيت العنكبوت ليدفع رئيس ناحية الدارالبيضاء «بونيفاس» جنوده إلى ترويع وقتل المواطنين بكل من أحياء ابن مسيك وكراج علال ومديونة ودرب الكبير والأحياء المجاورة دون تمييز بين أطفال وشيوخ ونساء، فسقط المئات من المواطنين بين شهداء وجرحى ومعطوبين واعتقل العديد من الوطنيين والنقابيين والمناضلين. بيد أن بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه تحدى قوات الاحتلال وأدرك أبعاد وأهداف المؤامرة الدنيئة التي أقدمت عليها سلطات الإقامة العامة، فتوجه إلى مدينة الدارالبيضاء ليواسي عائلات الضحايا ثم بعدها إلى مدينة طنجة للقيام بزيارته في موعدها المقرر، محبطا مناورات سلطات الاحتلال. وكذلك ألقى خطابه التاريخي بطنجة الذي أكد فيه للعالم أجمع إرادة الشعب المغربي وعزمه على المطالبة بنيل استقلاله, معلنا أن المغرب متمسك بسيادته ووحدته وصون كيانه الوطني. وقد كان من آثار أحداث 7 أبريل 1947 الدعوة إلى تنفيذ إضراب عام بالمدن المغربية وتعبئة فعاليات المجتمع لتقديم العون والدعم للأسر المتضررة، وتعزيز المواقف المنددة بالاحتلال الأجنبي وشجب مؤامراته التي أودت بحياة الأبرياء وروعت المواطنين. غير أن هذه الأحداث المؤلمة زادت في تأجيج الروح الوطنية وإذكاء مشاعر النضال الوطني لإنهاء الوجود الاستعماري وإصرار العرش والشعب على مواصلة الكفاح الوطني وخاصة إثر إقدام السلطات الاستعمارية على نفي جلالة المغفور له محمد الخامس وأسرته الكريمة يوم 20 غشت 1953 إلى المنفى السحيق، ولم تهدأ المقاومة إلا برجوع السلطان الشرعي حاملا لواء الحرية والاستقلال. وإن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وهي تخلد ذكرى الأحداث الأليمة ليوم 7 أبريل 1947 لتتوخى استحضار ملاحم الكفاح الوطني والتضحيات الجسام التي قدمها الشهداء والمقاومون الأماجد، والإشادة ببطولاتهم والتعريف بإسهامات جميع شرائح المجتمع المغربي بقيادة العرش العلوي المجاهد في سبيل الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية واستلهام ما تزخر به هذه الملاحم البطولية من رصيد القيم الوطنية والمثل الإنسانية وأمجاد وروائع الكفاح الوطني.