في الوقت الذي يتواصل فيه الجدل حول الملكية الإسبانية على إثر الهزات المتلاحقة التي تتعرض لها ، وآخرها استدعاء ابنة العاهل الإسباني أمام القضاء في قضية فساد ضد زوجها ، نشرت يومية « لاراثون» ملفا حول خوان كارلوس ، تضمن تحقيقا حول المحاولات التي بذلها منذ سنواته الأولى لاستعادة عرش عائلته، ومنها الاتصالات التي كان يجريها مع الرايخ الثالث، ثم الحلفاء بعد ذلك، وكيف حاول الاستفادة من الصراع القائم بين الطرفين ، قبل أن يقتنع في الأخير أن مستقبله كملك للبلاد في يد الجنرال فرانكو. في بداية 1941 ، قام مبعوث من طرف دون خوان ، لاحقا الملك خوان كارلوس الأول ، بالاتصال ب«فون ريبنتروب»، وزير خارجية هتلر ، وذلك من أجل إقناعه بأن هناك احتمالا بإزاحة الديكتاتور فرانكو بواسطة قوة إنجليزية وأن الطريقة الوحيدة لتبقى إسبانيا صديقة لألمانيا هي أن يصبح دون خوان ملكا عليها. لم تمر سوى أيام قليلة حتى قام الرايخ بإطلاع فرانكو على فحوى هذه الرسالة ، التي تؤكد أيضا معلومات تفيد بأن والدة دون خوان ، فيكتوريا أوخينيا متعاطفة مع الألمان ، وهكذا وفي 30 شتنبر 1941 ، سيكتب فرانكو إلى دون خوان ، الذي كان ما يزال صغير السن ويعيش خارج البلاد ، يخبره فيها بأن الطريق الوحيد أمام إسبانيا هو الملكية, وأنه الممثل الوحيد والشرعي للملكية ، وكان جواب دون خوان أن على حاكم إسبانيا ، الجنرال فرانكو، أن يترجم هذه الأقوال على أرض الواقع. وفي نفس الاتجاه ، وخلال اجتماع لقيادة الجيش الاسباني سيدعو عدد من الجنرالات الملكيين فرانكو إلى ضرورة الفصل بين قيادة الحكومة وقيادة الدولة ، بل إن بعضهم سيراهن على الدعم النازي ، حيث سيتوصل الماريشال غورينغ برسالة يطالب فيها الريخ بالمساعدة على عودة الملكية مقابل مساندة ألمانيا عسكريا ، بل إن الجنرال الإسباني ياغي سيكتب بكل وضوح إلى دون خوان قائلا : يجب أن نتقرب من أصدقائنا وبعبارة واحدة من هتلر. إعادة الملكية لم تكن فقط مشروعا مرتبطا بالنازيين, ولكن أيضا بالحلفاء ، ففي أبريل 1941 ، أقرت بريطانيا خطة عسكرية تقضي بمداهمة جزر الكناري ، ومن تمة إعلان دون خوان ملكا على إسبانيا ، وكانت هذه الخطة تحظى بدعم عدد من الجنرالات الإسبان في الأرخبيل ، لكن الجنرال فرانكو سرعان ما أقدم على استبعادهم ، وعلى إثر الانتصارات التي حققها الألمان في 1942 ، آلت هذه الخطة إلى الفشل. في غشت من نفس السنة ، سيسعى دون خوان إلى الحصول على دعم الجنرال مونيوز غراندس إلى صفه ، لكن هذا الأخير كان أكثر وضوحا بشأن رؤيته للملكية الإسبانية ، وأجابه أن المخرج الوحيد أمام المتطلع إلى عرش إسبانيا هو ملكية مقربة من النازية تحقق « الثورة المستمرة»..وهكذا سيجد دون خوان أن الجنرالات المتحمسين لعودة الملكية ، وأغلبهم متعاطفين مع النازية ، بدأ إبعادهم واحدا تلو الآخر أو ابتعدوا عنه ، لنجده في نونبر 1942 يتحدث عن الحياد ، بشأن النزاع الدامي الذي تشهده أوروبا ، ولتبدأ المسافة تتسع بينه وبين ألمانيا والمؤيدين لها في بلاده. طوال سنة 1943 سيواصل دون خوان الضغط على فرانكو من أجل التنازل له عن السلطة ، وفي شتنبر سيلتحق بهذا الطلب عدد من الجنرالات ، لكن فرانكو اكتفى بالوعد بإقرار قانون تداول السلطة والإعلان صراحة عن حياد إسبانيا ، وعود لم تجد طريقها للتحقق. في 19 مارس 1945 ، سيوقع دون خوان على بيان لوزان الذي سيتم تسليمه إلى سفارة إسبانيا في سويسرا ، وكانت عبارته قوية تتهم فرانكو بالوقوف إلى جانب المحور ، وينص على ضرورة إقرار نظام ملكي دستوري في إسبانيا تتمتع فيها الجهات باستقلالية واسعة. هكذا سيظل التجاذب بين الاثنين ، وقد باءت محاولات الأمير الصغير للعب على حبل التناقضات بين دول المحور والحلفاء لإقناع فرانكو بعودة الملكية أو فرض ذلك عليه ، وانتهت الحرب العالمية الثالثة ، لتتواصل جهود دون خوان ومعها وعود فرانكو التي تراهن على عامل الزمن ، إلى ذلك اللقاء الشهير الذي تم على متن يخت « آزور» بين الاثنين ، وريث العرش وحاكم البلاد ، سنة 1948 ، حيث سيتم الاتفاق بينهما على عودة دون خوان إلى إسبانيا واستكمال دراسته بها وأنه سيصبح ملكا على إسبانيا بعد وفاة فرانكو ، وهو ما حصل بالفعل.