لم يمر خبر استعدادات «الجزيرة» للنطق بالفرنسية مرورا سريعا في الصحافة الفرنسية. فالمجموعة القطرية التي أعلنت الإثنين الماضي على لسان مديرها العام نيتها إطلاق محطة إخبارية باللغة الفرنسية، أثارت من جديد الحديث عن هذه «الإمبراطورية الإعلامية» التي تستفيد من «الامكانات اللامحدودة للإمارة الغنية بالغاز». وفي الوقت الذي اشارت الصحف ومواقع الانترنت إلى الإعلان عن قرب بث »الجزيرة« بالفرنسية من خمس إلى ست ساعات يوميا في أوقات الذروة، فإن بعضها لم يتوقف عند حدود نشر الخبر والتعريف بشبكة الجزيرة بل تعداه إلى التحليل والتساؤل عن الأهداف الحقيقية للمجموعة الإعلامية. «لا شيء يوقف الجزيرة» وفق تعبير «الاكسبريس». وها هي المحطة، بعد أن «غزت العالم العربي»، ستجعل من القارة الإفريقية «ملعبها الجديد» بحسب «الفيغارو». ورغم الهدف المعلن للمجموعة وهو «مد جسور التلاقي مع مختلف الثقافات والشعوب الصديقة...»، عكست التحليلات الصحافية الفرنسية توجسا من الدور الذي يمكن أن تلعبه«الجزيرة» في دول أفريقية فرانكوفونية (مثل ساحل العاج ومالي والكاميرون والسنغال) وفي بلدان المغرب العربي. وتبين تلك أن للمحطة هدفا «واضحا» من هذا البث وهو منافسة المحطات الفرنسية ولا سيما «فرانس 24» ذات النظرة «المغايرة في ما يتعلق بالقضايا العالمية». ومن هنا الخشية، فالجزيرة الفرنسية ستحد من التأثير الإعلامي لفرنسا ليس في أفريقيا وحدها بل وفي عقر دارها وهذا لاستقطابها المحتمل للفرنسيين من ذوي الاصول الإفريقية والمغاربية. ويضاف إلى ذلك ما يراه البعض (»ليبراسيون« مثلاً) من «ميل زائد» للجزيرة نحو إسلاميي الربيع العربي. المحطة ستبث من داكار في السنغال، وهذا ما يبعدها عن تعقيدات القوانين الفرنسية والشروط الإلزامية التي يخضع لها السمعي/البصري الفرنسي. ويبدو أن المشروع كان قديماً لكن قطر لم ترغب حين حكم ساركوزي «بمنافسة فرانس 24» كما ذكرت «الفيغارو» بسبب العلاقات المميزة بين الرئيس السابق والإمارة القطرية. لكن المعطيات اختلفت مع وصول هولاند. تعليقات القراء على الانترنت تبدي خشية مماثلة من «الأثر» الإسلامي للمحطة. لكن بعضا آخر، مثل الموقع الخاص بتواقيع العرائض، وجّه عريضة إلى «الجزيرة» مطالبا إياها بنشرة أخبار «حرة تتوجه لهؤلاء الذين لا يعرفون اللغة العربية والمتعطشين للحقيقة»! وكما كان لقدوم محطات إخبارية بالعربية، ك «فرانس 24» وغيرها، أثره المؤكد في إغناء السوق الإعلامية العربية، فإن الدور جاء الآن على السوق الفرنسية لتغتني بقناة جديدة.