قضت المحكمة الابتدائية بالجديدة، في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة الماضية في الملف الجنحي التلبسي الذي أصبح معروفا بقضية معتصم الجرف الأصفر، وذلك بمؤاخذة جميع المتهمين من أجل المنسوب إليهم، والحكم على كل من رشيد مخلص بسنة واحدة حبسا نافذا، فيما حكمت على كل من الشقيقين عبد الحق الجرموني وعبد الكريم الجرموني بستة أشهر حبسا نافذا، وكانت عقوبة شهرين نافذين من نصيب كل من مصطفى الخالدي ونور الدين العسري وسعيد السلالي . وكانت القضية التي انطلقت شرارتها قبل أسبوعين باعتصام أزيد من 300 محتج يتحدرون من دواوير الحراشفة والسراحنة أمام بوابة المركب الكيماوي، التابع للمجمع الشريف للفوسفاط مطالبين بحقهم في الشغل وحماية البيئة وتحديد ثمن واقعي لعملية نزع ملكية أراضيهم، وتعويضهم عن آثار التلوث التي جعلت الحياة النباتية وتربية المواشي مستحيلة في المنطقة، فضلا عن آثاره على صحتهم لاسيما أن عددا من الأمراض التي أصابتهم يقول، سكان المنطقة، «جديدة عليهم» ويعتقدون أنها من مخلفات التلوث كالربو والضغط الدموي وأمراض القلب والمعدة وتساقط الأسنان والشعر . تظاهرة الاثنين ما قبل الماضي التي عرفت مناوشات بين قوات الأمن والمعتصمين جراء إغلاق المتظاهرين لكل المنافذ التي تؤدي الى المركب الكيماوي، أسفرت عن إصابة 9 أفراد من قوات الأمن العمومية بعد رشقهم بالحجارة من طرف المعتصمين ، نقلوا على إثرها الى المركز الاستشفائي محمد الخامس بالجديدة لتلقي العلاج جراء إصابتهم بجروح متفاوتة الخطورة. وقد جاء تدخل القوات العمومية لوقف المسيرة الاحتجاجية، التي أغلقت الباب الرئيسي لمعمل الفوسفاط بالجرف الأصفر، حيث كانت المسيرة تتجه لاقتحامه بالقوة. وأفادت مصادر عليمة أن دركيين من بين الأربعة أصيبا بكسور جراء الاعتداء الذي تعرضا إليه، بالإضافة إلى إصابة قاصر يبلغ من العمر 14 سنة من ابناء منطقة الجرف الأصفر بحجر طائش، حيث تم نقله هو الآخر الى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة لتلقي العلاج. كما أصيب القائد الجهوي للدرك بحجر طائش حيث اعتقل مباشرة بعد الحادث أربعة أشخاص تم وضعهم رهن الحراسة النظرية بسرية الجديدة بأمر من وكيل الملك، حيث تمت متابعتهم من أجل عرقلة حرية العمل والتجمهر دون ترخيص، وإصابة رجال القوة العمومية بجروح واحتلال طريق عام وتخريب ممتلكات عمومية ليتم اعتقال اثنين آخرين بناء على تسجيلات بكاميرا رقمية لتقرر المحكمة ضم الملفين في ملف جنحي واحد. ومع اعتقالات الاثنين، نظمت العائلات عدة وقفات احتجاجية تطالب بإحقاق العدالة وإطلاق سراح المعتقلين، وتحديد أثمنة معقولة لتعويض السكان عن نزع ملكيتهم من طرف المكتب الشريف للفوسفاط . وكان قد تطوع للدفاع عن المعتقلين الستة، عدد من المحامين من هيئة الجديدة تقدموا بطلبات السراح المؤقت، إلا أن المحكمة رفضت غير ما مرة. وكانت قد قررت أن تكون جلسة الجمعة الجلسة الأخيرة على اعتبار أن القضية جاهزة، حيث تقدم خلالها دفاع المجمع الشريف للفوسفاط بمذكرة مطالب مدنية تفوق 40 مليون لما لحقه من أضرار حسب زعمه، فيما طالبت النيابة العامة بإدانة جميع المتهمين بعقوبات مناسبة لأفعالهم، وهو ما استجابت له المحكمة بعد أن متعت المتهمين بظروف التخفيف، حيث مباشرة بعد النطق بالحكم أصيبت أمهات المعتقلين وعائلاتهم بنوبات هستيرية فيما تم نقل المعتقلين الى السجن المحلي تحت حراسة أمنية مشددة، وتم تطويق مقر قصر العدالة بقوات الأمن. وقد علمنا أن النيابة العامة ودفاع المتهمين ودفاع المطالب بالحق المدني استأنفوا الحكم الابتدائي.