أصبح إعراض الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» عن زيارة إسرائيل شعار الحملات الانتخابية للجمهوريين. فهم يقولون أن أوباما زار جيران إسرائيا مثل مصر و السعودية و تركيا، و توقف في السالفادور و في البرتغال لكنه لم يجشم نفسه عناء زيارة حليف قريب، إلى درجة أن «ميت رومني»، خصمه الجمهوري، اتهمه بإهمال علاقة مهمة قائلا: «أول زيارة لي للخارج بعد انتخابي ستكون إلى إسرائيل». إلا أن أوباما لم يزُر إسرائيل في تلك الفترة الانتخابية رغم إلحاح مساعديه، بسبب علاقته المتدهورة مع «بنيامين نتانياهو» من جهة و لأن الزيارة ستبدو بأنها زيارة انتخابية بشكل سافر من جهة ثانية، و خاصة أن «بيبي» لا يخفي تعاطفه مع المرشح الجمهوري. شهران بعد تنصيبه الثاني، شرع «باراك أوباما» في تصحيح أخطائه. و في هذا السياق سيصل الرئيس الأمريكي يومه الأربعاء 20 مارس إلى إسرائيل في أول تنقل له خارج الولاياتالمتحدة بعد ولايته الجديدة. و هو أمر ذو دلالة حسب الخبراء، و في هذا يقول المستشار السابق لبيل كلينتون «أرون ديفيد ميلر»: «فمن بين 11 رئيسا منذ هاري ترومان، أربعة فقط زاروا إسرائيل أثناء ممارستهم لمهامهم». فخلال 65 عاما من وجود إسرائيل لم تحظ هذه الأخيرة سوى بثماني زيارات لرؤساء أمريكيين، من بينها أربع لبيل كلينتون وحده. لماذا يقوم اليوم الرئيس الأمريكي بهذه الجولة ? سيزور رام الله ثم عمان قبل أن يعود في 24 إلى واشنطن- فيما أولوياته الحالية ذات طابع داخلي، و في الوقت الذي بدأ فيه مفاوضات عصيبة مع الجمهوريين حول الميزانية؟ لماذا الاستثمار في الشرق الأوسط في حين مُني مسلسله للسلام 2009-2010 بفشل ذريع ؟لماذا يظهر على بعد 200 كيلومتر من دمشق رغم أنه قال قبل 18 شهرا أن على بشار الأسد أن يرحل فيما لا زال الدكتاتور باقيا؟ بالنسبة ل»آرون ديفيد ميلر» فإن باراك أوباما، على غرار جميع الرؤساء، مهتم بالإرث الذي سيتركه للتاريخ «فهو لا يريد أن يكون ذلك الرئيس الذي يترك إيران قوة نووية ، و لا الذي يترك حل الدولتين ينتهي» و يواصل الخبير قوله أنه لا يمكن توقع الشيء الكثير من هذه الزيارة، فقد يكتفي الرئيس بالإنصات و هو نفسه أكد ذلك للمنظمات اليهودية التي جاءت للقائه قبل جولته «ليس لدي مخطط سلام كبير لتقديمه». و بالنسبة لدنيس روس، الذي كان كبير المفاوضين في عهد بيل كلينتون و الذي عاد للخدمة ما بين 2009 و 2011 بالبيت الأبيض، فإن الزيارة «مناسبة لانطلاقة جديدة» في العلاقات بين واشنطن و إسرائيل، فالإدارة الأمريكية تعود إلى بداية الفيلم أملا في تغيير توالي الأحداث. ففي 2009 اختار باراك أوباما القاهرة و تجاهل إسرائيل . و كانت تلك بداية الابتعاد عن إسرائيل على أمل الحصول على تنازلات عربية. و هي السياسة التي تم اتخاذها داخل الدائرة المصغرة لمستشاري الرئيس و التي اصطدمت مع الإكراهات الانتخابية. فما أن بدأت حملة 2012 لم ينبس أوباما ببنت شفة حول المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية التي طالب بتجميدها طيلة سنتين تقريبا. في هذه المرة يتوجه الرئيس أولات إلى إسرائيل. في سنتي 2009 و 2010 حاول أوباما لي ذراع الوزير الأول الإسرائيلي آملا أن يدعمه الرأي العام الإسرائيلي كما فعل مع بيل كلينتون حين أسقط نتانياهو سنة 1999. أمل الآن فسيحاول إقامة «ربط مباشر» مع الرأي العام الإسرائيلي، حسب دنيس روس، إذ سيحاول إقناع الإسرائيليين أنفسهم إن لم يقنع نتانياهو، فهو يريد اليوم أن يضع الرأي العام الإسرائيلي إلى جانبه، فقد فهم أنه ينبغي تطمين الإسرائيليين «ليس فقط بالأنظمة المضادة للصواريخ أو بإغراقهم في الدولارات و لكن أيضا بالحب» فعوض التوجه إلى نواب الكنيست ، قرر الرئيس الأمريكي التحدث إلى الشباب الإسرائيلي.لكن هل سيتمكن من الإقناع؟ برنامج الزيارة يوضح أنه يعتزم تصحيح ما اعتُبر ، قبل أربع سنوات، عارا، و سيؤكد على أنه واحد من الذين عملوا أكثر من أجل أمن إسرائيل، و سيزور واحدة من بطاريات الصواريخ التي تشكل القبة الحديدية لحماية إسرائيل التي أُنجزت بفضل 300 مليون دولار قدمتها الحكومة الأمريكية. لكن هل هذا كاف؟ كثيرون يشكون في قدرة أوباما على أن يُظهر حرارته، كما يقدر على ذلك نائبه «دجو بايدن». سيكون ذلك صعبا عليه حسب المراقبين... و إذا كان أوباما يأمل إقناع الإسرائيليين بأنه يفهمهم، عليه أولا أن يُقنعهم بضرورة ترك المسلسل الدبلوماسي يأخذ مجراه فيما يخص الملف النووي الإيراني، فإيران ?كما قال ? بحاجة إلى القدرة على النزول دون أن تشعر بالإهانة». هل يعتزم فعلا الانخراط في مسلسل السلام الإسرائيلي الفلسطيني؟ الاعتقاد العام هو أن الشروط غير متوفرة و لا مجتمعة من أجل خلق تقدم « فاستراتيجية الدولتين لا يمكن تطبيقها كما لا يمكن التخلي عنها». فالوضع كما لخصه المفاوض الفلسطيني السابق غيث العُمري هو أن باراك أوباما يبدو و كأنه يقول «فيما يتعلق بمسلسل السلام، من غير المُجدي الحديث معي، تحدثوا حوله مع دجون كيري». «كورين لين» «لوموند» الفرنسية ? 18 مارس 2013