أسماء لمرابط من مواليد الرباط سنة 1959 عاشت مع والدها احمد لمرابط, المناضل اليساري في المنفى. وفي سنة 1992 أنهت دراستها لتصبح طبيبة بيولوجية. في سنة 2000 أصدرت كتابها الأول «مسلمة بكل بساطة». في سنة 2009 أصبحت أول مديرة لمركز الابحاث والدراسات النسائية في الاسلام. وفي سنة 2012 أصدرت مؤلفها الخامس تحت عنوان النساء والرجال في القرآن: أية مساواة؟ في هذا الحوار مع مجلة تيل كيل، نكتشف ان القضية النسائية وعلاقتها بالدين ليست قضايا شكلية او ترف فكري, بل قضايا وافكار وقناعات وايمان جعلتها تنخرط بكل قوة وتقبل قيادة مركز لدراسة قضايا النساء في الاسلام وتأليف كتب بمجرد ما تنزع بذلة الطبيبة البيولوجية. امرأة لا تقدم نفسها كمناضلة ولا تتوفر على اي شهادة في مجال الدين، لكنها وجدت نفسها منخرطة بقوة في عالمين: عالم البحث الاكاديمي وعالم النضال المرتبط بقضايا النساء بما يقتضيه من صرامة واستقلالية وحرية في الرأي. لماذا انشغلت بالإسلام منذ الصغر؟ في عهد الحسن الثاني، أجبرنا التزام والدي على مغادرة المغرب. ولذلك عشت طفولتي في الخارج، في سوريا، فرنسا وفي الجزائر. وفعلا في الجزائر اكتشفت الايمان في مدرسة تديرها راهبات. هل أصبحت منذ ذلك متدينة؟ لا، بعد انتهاء دراستي أحسست بحاجة: البحث عن معنى. انا مسلمة بثقافتي واصبحت كذلك بالممارسة مع الاستمرار في طرح العديد من الاسئلة. لم ترثي عن والدك التزامه السياسي؟ لم أنخرط أبدا في أي حزب، ولكن أعترف انني اقدر عموما الافكار الثورية. اعتقد ان هذه الافكار هي التي تصنع تقدم المجتمعات. حتى في المجال الديني؟ عشت فترة في امريكا اللاتينية، وقرأت الكثير عن ديانية التحرير وهو تيار فكري مهم لدى بعض الكاثوليكيين هناك. وفي الاسلام نجد بعض الاشخاص امثال الايراني على شرياتي او الجزائري مالك بناني يبلورون افكار الاسلام يساري اسلام تقدمي. هل تتساءلين حول الشرعية العرفية للإسلام؟ اذا اخذنا القرآن، سنلاحظ ان ثلاثة بالمئة تقريبا من الآيات يمكن تفسيرها لإعطاء قواعد قانونية. والقراءة القانونية تتم ايضا على حساب الروحانية والتصوف. هل هناك مشكل تكوين لسلطاتنا الدينية؟ التعليم في المسالك الإسلامية، كارثة حقيقية، فيها يمارس فن التقليد، أي التبعية ولا يدرس فيها تقريبا سوى كتاب عصر الانحطاط ما بعد القرن 10، وأمثال الفارابي وابن رشد والرازي مغيبون عن البرامج التعليمية. مؤخرا، عادت مسألة العذرية والبكارة إلى واجهة النقاش، كيف تنظرين لهذه القضية؟ في النصوص المقدسة عموما لا يتحدث عن العذرية. أحس بأن هذه المسألة هي قضية ثقافية، ونجدها في كل حوض المتوسط. ما رأيك فيما قامت به علياء الشابة المصرية التي عرت جسدها احتجاجا على الوضع في البلاد؟ أنتقد مثل هذه الأشكال في التعبير عن الاحتجاج لسبب بسيط: فهي تساهم في تشييء جسد المرأة. كما لو أن الجسد هو ما يميز المرأة: فالمرأة مختصرة في الكثير من الأشياء في هذا الوضع: في الاشهار، لبيع مواد التنظيف، من طرف الإسلاميين الذين يرون في هذا الجسد مصدر كل فتنة. وأنا أصارع ضد هذا الوضع. ألم يتعبك الحديث عن حجابك؟ كثيرا! نوع من الخطاب الإسلامي ركز على هذه القضية. ولخص إيمان المرأة في الحجاب، بينما القرآن يقر بالمساواة الروحية بين الرجال والنساء الذين يحكم عليهم بالأفعال، وإلى جانب هذا الخطاب. تطور خطاب آخر يجعل من المرأة المحجبة إمرأة مقموعة، يتعلق الأمر بالعودة إلى احترام الآخر واختياراته. يكثر الحديث خاصة في تونس عن تكامل بين الجنسين، هل هذا الطريق مقبول بالنسبة للنساء؟ الحديث عن التكامل يحمل في طياته أن هناك طرفا دونيا، وهو لا يلائمني. وللتاريخ الكلمة استعملت منذ القرن 19 من طرف مفكرين مسلمين أخذوها عن الغرب، من القانون النابوليوني. العديد من المسلمات يعبرن عن إحباطهن بخصوص زواج النبي محمد مع عائشة التي كانت صغيرة السن عن زواجهما، ألا يزعجك هذا الأمر؟ أثارني هذا الموضوع لفترة طويلة. أجد صعوبة في قبول هذه الفكرة وأعرف أنه منذ فترة، هناك باحثون و مؤرخون أعادوا النظر في مسألة سن عائشة خلال زواجها، من المحتمل أن يكون سنها أكبر عند زواجها. هل يتطابق الشك مع الإيمان؟ الإيمان يدفع الى النقد. وعندما يكون الإنسان مقتنعا، لا يخشى أن ينطلق في البحث عن الحقيقة. هل يمنع الإجهاض جذورا دينية؟ بالنسبة للإجهاض الإسلام يوفر عدة عروض مهمة. لدى أغلبية علماء المسلمين، كان الاتجاه العام هو الإجازة، وبإمكان القانون أن يأخذ عن هذا التقليد ويبدي نوعا من الواقعية لتمكين النساء من الحق في اتخاذ القرار الذي يمليه عليهن ضميرهن حول هذه القضية الأخلاقية الحساسة. مارأيك في مؤسسة المرشدات؟ رمزية هذه المسألة قوية جدا، وهذ سيعيد الاعتبار لصورة المرأة ولكن التجربة توقفت عند هذا الحد، وفي العمق هذه المرشدات يروجن لخطاب ذكوري يختاره الرجال. هل تؤيدين فكرة المساجد المختلطة؟ نعم، المساجد يجب أن تكون مختلطة، وفي عهد الرسول كانت هناك مساجد مختلطة. وفي كل الأحوال، المكان ليس مقدسا بل الصلاة هي المقدسة، للأسف، إذا ما تم غدا اقتراح هذه الفكر، فإن النساء هم أول من سيعارضها. هل تقصدين أن النساء مستلبات؟ أقول بأن المقهور يحس بسرعة بالقهر. وثقافة المساواة يجب أن تبدأ منذ الطفولة واليوم من الصعب التراجع عن تربية جعلتنا نقبل للامساواة. تجالسين العلماء، هل هناك تفاهم وانسجام؟ الكاتب العام لرابطة العلماء، الأستاذ العبادي اقترح علي قبل ثلاث سنوات تسيير مركز الدراسات والأبحاث النسائية في الإسلام. كان ذلك سابقة، ولم يكن هناك فقط مؤيدون. خاصة وأن العلماء غيورون بشهاداتهم في الدين بينما أنا لا أتوفر على أي دبلوم. كثير منهم لا يشاطرون تصوري، ولكنهم يبقون منفتحين على الحوار والأمور عموما تسير بشكل جيد. هل ساعدت الثورات العربية قضية النساء؟ هذه الثورات تشكل حدثا رائعا. للأسف التاريخ يعيد نفسه كما كان في عهد الكفاح من أجل الاستقلال، نطلب تضحيات من طرف النساء: الكفاح من أجل الجميع لكن يطلب منهم الصمت بخصوص الحقوق. هل العلمانية حمي حقوق النساء؟ العلمانية تسمح بالسير نحو مزيد من المساواة وحماية الإيمان والاعتقاد من الاستعمال السياسي.