ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ندوة وطنية نظمتها حركة التوحيد والإصلاح متخصصون يناقشون «الحق في الحياة»
نشر في التجديد يوم 04 - 07 - 2012

نظمت حركة التوحيد والإصلاح بمقرها المركزي بالرباط، مساء أول أمس الإثنين، ندوة وطنية حول «الحق في الحياة»، تندرج في إطار سلسلة من الندوات العلمية والفكرية التي أطلقتها الحركة، والتي تهدف إلى «المشاركة في النقاش العمومي حول مجموعة من القضايا والإشكالات المطروحة في الوسط المجتمعي في المغرب».
واستعرض المتدخولن في الندوة الخلفية الفلسفية المؤطرة لدعاوى حرية التصرف في الجسد، ومنهم دعاة تقنين ممارسة الإجهاض في العلن، ثم المقاربة الطبية لحق الجنين في الحياة، والمقاربة الاجتماعية السوسيولوجية، والمقاربة الشرعية، ومقاربات أخرى مكنت من دراسة موضوع الحق في الحياة في إطارها الموضوعي والشمولي.
«التجديد»، وتعميما للفائدة، تنتشر أهم مضامين الندوة العلمية والتي شارك فيها ثلة من المتخصصين في مجالات مختلفة ذات صلة بالموضوع.
حنان الإدريسي: هناك لوبي عالمي يقتات على دماء الأجنة
اعتبرت حنان الإدريسي، الفاعلة الجمعوية، أن هناك لوبي عالمي يقتات على دماء الأجنة، يعمل على استغلال الضعف النفسي للمرأة الحامل، في إطار علاقات خارج إطار الزواج، واعتبرت أن ما يروج مجرد غطاء تعمل الجهات الداعمة له من اجل الوصول إلى هدفها غير المعلن، وهو تحرير العلاقات الجنسية والإباحية في المجتمع. وذكرت الإدريسي بعدد من النماذج الغربي التي ظلت تدعم معسكر المطالبين بتقنين الإجهاض، قبل أن تصبح من أشرس مناهضيه. ودعت المتحدثة غلى تنمية الوعي في صفوف المجتمع والتحسيس بمخاطر الإجهاض بمختلف تجلياته.
عائشة فضلي: بعد ثمانية أسابيع يستقيم الجنين
تطرقت الطبيبة عائشة فضلي، إلى أطوار خلق الجنين داخل الرحم من الناحية الطبية، وانطلقت من قوله تعالى، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ».وتوقفت في البداية عند طور النطفة، وقالت «النطفة لغة القليل من الماء، وسماها الله عز وجل النطفة الأمشاج»، قال الله عز وجل، «إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاجٍ نبتليه فجعلناه سميعاً بصيرا»، وأفادت المتحدثة بأن تطور الإنسان من الناحية التشريحة، يبدأ بخروج البويضة في اليوم الرابع عشر من الدورة الشهرية، ثم التقاءها بالحيوانات المنوية في الثلث الأخير من قناة فالوب، وبعد اندماج نواة الأب ونواة الأم في خلية واحدة، وتكوين النطفة الأمشاج حيث تختلط كروموزومات الأب والأم تتكون خلية واحدة تنقسم فيما بعد لتعطي خليتين، كل واحدة تحمل نصف الكروموزومات من الأب ونصف الكروموزومات من الأم. الطور الثاني الذي توقفت عنده المتحدثة، هو طور العلقة، والعلقة مشتقة من علق، أي التعلق والالتصاق بشيء ما، وهو يتوافق وتعلق الجنين ببطانة الرحم، ثم هناك طور المدغة.. لتختم حديثها عن التسوية التي تكون بعد عملية الخلق، أي بعد ثمانية أسابيع حيث يستقيم الجنين، ويتخذ المقاييس الطبيعية.
محمد زهاري: الإجهاض اعتداء على الحق في الحياة
محمد زهاري، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قال أنه عندما نستحضر الحق في الحياة لا نجده على مستوى المرجعية الدولية إلا مقابلا لعقوبة الإعدام، أي ما يصطلح عليه بالاعتداء على الحياة الإنسانية، ويرى زهاري أن المقاربة الحقوقية باستحضار قضية الإجهاض لازالت لحد الساعة لم يتم تداولها بشكل مفصل، وهو ما يجعل الآخر يتناول الموضوع في إطار الحرية، ويتحدث في إطار المفهوم الشامل للحرية، وتتم مقاربته في إطار المجال الواسع للحريات الفردية. ودعا الفاعل الحقوقي إلى تعميق البحث في الفقه الحقوقي الدولي، مؤكدا على ضرورة التجاوب مع المواثيق الدولية، وأن المعركة ينبغي أن تفتح على المنتظم الدولي لإقناعه بأن الإجهاض هو اعتداء على الحق في الحياة.
بولوز: الله هو واهب الحياة وليس من حق أي إنسان أن يعتدي عليها
توقف محمد بولوز، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عند عدد من الأفكار المرتبطة بموضوع الإجهاض، أولها هي أن الله هو واهب الحياة وليس من حق أي إنسان أن يعتدي عليها، واستعرض العديد من الآيات القرآنية، منها قوله تعالى في سورة الملك «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ، وقوله تعالى، «وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وقوله سبحانه في سورة الأنعام «وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وكذا قوله عز وجل، من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»، وفي شأن الأولاد قال عز وجل في سورة الأنعام: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ».
أما الفكرة الثانية التي توقف عندها بولوز، هي أن المسلم يحترم الحياة ولو كانت للنبات والحيوان فكيف إذا كانت هي البدايات الأولى من حياة الإنسان المكرم عند ربه، وقال «لا يفسد في الأرض ولا يعبث بنبات أو حيوان وإنما يستفيد منها من باب تسخير الله له، قال تعالى في سورة الأعراف:» وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) وقطع النبات بغير غاية ولا مصلحة فساد وقتل الحيوان لغير منفعة ولا مصلحة فساد. لينتقل بعد ذلك إلى فكرة ثالثة، مفادها أن «مجرد التقاء النطفة والبويضة وبداية الحياة والنمو فيهما، تستوجب الاحترام وعدم مسها بسوء إلا لاعتبار مشروع». وأخيرا الفكرة الرابعة التي تقول ب»اشتداد الحرمة إذا صارت الحياة الأولى نفسا بشرية»، مؤكدا أن من الجرائم الشنيعة الاعتداء على الجنين إذا نفخت فيه الروح وأصبحت نفسا آدمية، فلا تقتل نفس إلا بحق، واستدل بقول عز وجل، «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا».
وبعدما عرف بولوز الإجهاض بأنه إسقاط الجنين قبل تمامه وكمال مدة ولادته، وهو «العمل المقصود لإيقاف الحمل سواء من الحامل أو غيرها، اعتبر أنه من خلال استقراء أصول الإسلام ومقاصده، يحرم أي تدخل من أي كان لإيقاف الحمل؛ ويعتبر الإجهاض إعتداء إجرامياً على الحياة الإنسانية، «إلا إذا كان هناك مسوغ شرعي معتبر»، يضيف المتحدث.
ويرى بولوز، أنه مع التساهل الكبير ولدواعي معتبرة وحاجة ملحة، «يمكن القول بأن حرمة الجنين تبدأ عندما يأخذ صورته الآدمية البشرية السوية، أي بعد أربعين يوما من جمع خلقه في بطن أمه، وهو بالتعبير القرآني عندما يصير خلقا آخر، فلا تسمى النطفة نفسا ولا العلقة ولا المضغة كذلك»، قال تعالى «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين».
ويعتقد أنه مع ظهور الملامح البشرية على الجنين، يصبح نفسا بشرية يحرم الاعتداء عليها وحرمانها من حق الحياة، وفي هذا المستوى يكون كل اعتداء عليه بالخطأ، جريمة يعاقب عليها في الشرع بما يسمى ب»غرة»، أي عشر دية أمه. أي حوالي 213 غراما من الذهب، مع الكفارة للمتسبب سواء كان المرأة نفسها أو من ساعدها من طبيب وغيره. المتحدث نفسه، يشير إلى أن الحرمة تشتد مع نفخ الروح، أي عند اكتمال 120 يوما، واستعرض بولوز حديث مسلم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره! إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».
وأما الإجهاض، إذا بلغ اكتمال انسانية الجنين، بنفخ الروح بعد أربعة أشهر فهو جريمة أشنع، يقول بولوز.
ليخلص المتحدث إلى أن «تقنين الإجهاض لن يحل الإشكالات التي تطرح من طرف دعاة تقنينه، بل سيزداد، وواقع الدول التي قننته شاهد على هذه الحقيقة، ولأن يبقى في الناس خوف وتردد من الإقدام على هذه الجريمة، خير من أن يأتوها وهم مطمئنون من المحاسبة والمتابعة، وإنما العلاج بالتربية ونشر العفة وتشجيع الزواج وتشديد العقوبة على الزناة والمغتصبين واستيعاب الآثار ورعاية المواليد الذين لا ذنب لهم».
خالد فتحي: الإجهاض لا أخلاقي حتى لو تم تقنينه والأرقام المروجة ليست لها مصداقية
اعتبر خالد فتحي، أستاذ في أمراض النساء والولادة ودكتور في القانون العام، أن لا أحد يعرف الخلفيات التي تنطلق منها الجهات الداعمة للإجهاض، خصوصا أنها تستعمل أسلوبا خادعا للرأي العام، يضيف المتحدث، «أسلوبا تمويهيا تريد به سلخ الشعب المغربي عن مقوماته الحضارية والدينية والاجتماعية». ويرى فتحي، أن المواجهة بين معسكرين، معسكر ينتصر للحق في الحياة، ومعسكر ينادي بحرية المرأة في التصرف في جسدها، لأنه «يريد أن يوهمنا أن الجنين جزء من جسد المرأة». ويشير المتحدث، إلى أنه في بداية القرن العشرين، بدأ تحرير الإجهاض في عدد من الدول منها روسيا والسويد ثم ألمانيا، ورغم تحريره فإن ذلك لم يساهم أبدا في تطهير هذه الممارسة في عيون الناس، بل ظلت غير مقبولة أخلاقيا.وتطرق فتحي إلى أنواع الإجهاض، فهناك الإجهاض التلقائي، و يمثل 10 بالمائة من مجموع حالات الحمل، ثم الإجهاض العلاجي تحت إشراف طبي، ويتطلب أن يكون الخطر الذي يهدد صحة الأم خطرا حقيقيا، ثم هناك الإجهاض العمدي وهو موضوع النقاش، وهو تدخل لوضع حد لحياة الجنين، ويتم لأسباب غير صحية، منها اجتماعية أو اقتصادية، وهو «الذي يطرح الكثير من الجدل في الأوساط الدينية والسياسية والقانونية»، يقول المتحدث.
وأشار فتحي، إلى أن المعسكر الداعم للإجهاض العمدي، يتحاشى الحديث عن الأضرار التي يخلفها هذا النوع من الإجهاض. ويرى أن الرد، يجب أن يكون علميا ومن الحداثة نفسها بالحجة والقرآن العلمي، لأن «ديننا الحنيف في النهاية يلتقي مع إعمال العقل»، واستعرض المتحدث بعض مضاعفات الإجهاض، منها الإلتصاقات التي تعقب عملية الإجهاض، وتؤدي إلى عدة مضاعفات أخرى، منها الولادة قبل الأوان واختراق المشيمة للرحم بأكمله، وهي مضاعفات تؤدي في حالات كثيرة إلى العقم، ومن الآثار التي توقف عليها فتحي، تلك المتعلقة بالآثار النفسية والتي اعتبرها الأخطر والأكثر وقعا، وقال إن المرأة التي تتعرض لعملية الإجهاض العمدي، تمر بمرحلة عصيبة في حياتها، وتحس بشعور دفين بالذنب.
ويرى فتحي، أن الهدف البعيد للمدافعين عن الإجهاض هو تحريره، من خلال استعمال خطاب تمويهي، يحاول أن يروج لفكرة محاربة الإجهاض السري، على حد قولهم. ويضخم الأرقام ويستغل بعض المآسي والحالات المعزولة، ويريدون من خلال حجتهم الأولى المتمثلة في الرقم المهول، حيث بدؤوا برقم 500 امرأة يوميا تلجأ إلى الإجهاض، ثم بعد ذلك وصلوا اليوم إلى رقم 1200 يوميا بشكل تدريجي، أي في السنة 350 ألف امرأة تلجأ للإجهاض، أي مدينة صغيرة تقدم على الإجهاض حسب زعمهم يضيف المتحدث. ويعتقد المتحدث أن هذه الأرقام غير ذات مصداقية، وقال إنه حتى لو افترضنا صحة هذه الأرقام، فذلك لا يضفي الشرعية على تقنين الإجهاض.
وتوقف فتحي، عند سؤال اعتبره جوهريا ومهما، وقال «السؤال الفلسفي هو ما دور القانون عند مناصري الإجهاض، هل هو التطبيع مع الظواهر التي تتفشى بين الناس من خلال تقنينها، أم إضفاء الطابع الإلزامي على الحقوق التي تستلزم مشروعيتها من ماهيتها وأخلاقياتها ؟»، ويرى المتحدث أن القانون وسيلة جبرية لإصلاح أحوال الناس ومحاربة كل الآفات والأمراض التي تنخر المجتمع، وليس الاستسلام أمام الأهواء.
ويعتقد فتحي، أنه حتى لو تم تقنين الإجهاض فسيظل سريا ولن يكون مرغوبا فيه، لأن الإجهاض العمدي بطبيعته سر تكتمه المرأة الحامل والطبيب، وتقنينه لن ينزع عنه طابع السرية ولا طابع الابتزاز الذي تخضع له المرأة، وكل ما سيقع هو أن هذا اللوبي من الأطباء، الذي يمارس الإجهاض سيكون في منأى عن المساءلة القانونية، وهو ما سماه ب»اللوبي المناضل من أجل أهدافه المالية الصرفة ضد ثوابت الأمة».ويرى فتحي أن الإجهاض دائما عملية لا أخلاقية حتى لو تم تقنينه، وقال «تقنينه يعني أننا سنستبدل الشعب المغربي بشعب آخر له قناعات أخرى شعب منسلخ عن هويته وقيمه». وأبرز المتحدث ما اعتبره تناقضات في خطاب المدافعين عن الإجهاض العمدي، منها أنهم مع الإجهاض العمدي وضد الإعدام، وقال «كيف أن مجرما مر بجميع أطوار المحاكمة العادلة يطلبون له الحياة، وجنين في بطن أمه لا حول له ولا قوة يطلبون له الموت، هذا تناقض صارخ».
شعباني: إذا كان الإجهاض سريا فمن أين لدعاة الإجهاض العلني بهذه الأرقام المهولة؟
يرى علي شعباني، المتخصص في علم الاجتماع، أنه لا يمكن أن نغطي الشمس بالغربال، أو أن ننكر واقع ظاهرة الإجهاض في المغرب، وأضاف قائلا «واقع الحال يقول إن ممارسة الإجهاض موجودة مع الأسف في المجتمع المغربي، فهي ظاهرة أصبحت متفشية بين أعين القانون، وأصبحت ظاهرة تدر أرباحا طائلة على بعض الأطراف، وموضوعا للمتاجرة السياسية والإيديولوجية والقانونية والدينية عند البعض الآخر، باطنها أضخم بكثير من ظاهرها، إضافة إلى أن هناك جهات قوية وجمعيات متخصصة تنادي بإباحة الإجهاض والسماح بممارسته علانية وتحت مظلة القانون، على أن لا تبقى سرية ومرتفعة التكلفة في السوق السوداء»، ويعتقد المتحدث، أن الإجهاض يتفشى في المجتمع المغربي متحديا كل القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع المغربي الفاضل، ويريدون أن يدخلوا هذه الممارسات التي تضر كذلك بقيمة الإنسان وبرعاية الجنين غير القادر على الدفاع عن نفسه، ليتساءل الشعباني قائلا، «لماذا نسمح بالإجهاض إن كنا ندافع عن الحق في الحياة؟»
ويرى شعباني، أن لا أحد يجرأ على إعطاء المعطيات الحقيقة لهذه الممارسات، هناك تضخيم لهذه الأرقام، وإن كان الإجهاض يعتبر سريا فمن أين لدعاة الإجهاض العلني بهذه الأرقام المهولة. مؤكدا أن هناك تضاربات في المعطيات، ليشير إلى الدراسة الوطنية حول انتشار وسائل منع الحمل، تشير إلى أنه من أصل 5243 فتاة عازبة مستجوبة، هناك 247 فتاة أي 4.7 بالمائة، صرحن بأنهن قمن بعملية الإجهاض لمنع اكتمال حمل غير مرغوب فيه، أما العدد الإجمالي لمن قمن بعملية الإجهاض من بين تلك العينة فيصل إلى 372 فتاة، أي 20 حالة خلال سنة البحث، كما سجل خلال سنة البحث، 1520 ولادة غير شرعية من بين أفراد العينة، وهي معطيات اعتبرها المتحدث بالغة الأهمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.