على عكس ما كان منتظرا، فاجأ وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة أعضاء المجلس الإداري للوكالة الحضرية لبني ملال بتراجعه عن قرار محاربة البناء العشوائي الذي أعلنه السنة الماضية، بمناسبة انعقاد المجلس الإداري للوكالة في دورته الثانية عشرة . فقد قال الوزير في كلمته في بداية أشغال الدورة 13 للوكالة التي عقدت بمقر الجهة بالولاية بني ملال « لا يمكن أن نستمر في الزجر، وهدم المساكن وسط تجمعات وأحياء سكنية أصبحت واقعا ولو أنها عشوائية و غير قانونية « ! كلام يتناقض تماما مع ما أعلنه الوزير السنة الماضية حيث قال « إن عدة مدن مغربية تعرف حاليا اختلالات كبيرة في ميدان التعمير رغم عمليات إعادة الهيكلة التي كلفت الدولة عدة ملايير ، فهناك تفاقم للبناء العشوائي بشكل مهول بموازاة مع الحراك المجتمعي ، لكن هناك مساطر وحدا أدنى من تقنين الأمور و إلا سقطنا في الفوضى . لذا يجب أن نعلن الحرب على البناء العشوائي، والوزارة الوصية لن تتحمل لوحدها هذا العبء وستعمل بتنسيق مع الشركاء كالجماعات المحلية والسلطات والقضاء». إعلان اعتبر آنذاك شجاعة كبيرة استحسنها أعضاء المجلس الإداري والمتتبعون بالنظر لما تعرفه مدن وقرى الجهة من خرق سافر لقوانين التعمير، وخاصة مدينة بني ملال التي تعاني من تنام مهول لظاهرة البناء العشوائي حتى أضحت محاصرة من جميع الجهات بتجمعات سكنية عشوائية على شكل أحياء ودواوير شاسعة، مشوهة جمالية المدينة ومتسلطة على المناطق الفلاحية (أدوز - أولاد عياد - أوربيع - أولاد ضريد - امغيلة ...) . قرار الوزير السنة الماضية واكبته حملة مشتركة بين السلطات والجماعات المحلية لهدم بنايات عشوائية في أحياء أوربيع ودوار جغو والمدار السياحي لعين أسردون وأدوز، وكذا بعض البنايات المخلة بقوانين التعمير داخل المدينة . لكن إعلان وزير السكنى بشكل رسمي توقيف عمليات الزجر والهدم، خلف قلقا لذا المنتخبين وعموم السكان والسلطات العمومية التي كانت تواجه بشكل مباشر بمقاومة شرسة من أصحاب البنايات العشوائية، وذلك بالاعتداءات الجسدية بواسطة السلاح الأبيض أو الرشق بالحجارة، حيث أصيب عدة أعوان للسلطة وموظفو الجماعات كقائد الملحقة الرابعة ببني ملال وقائد الملحقة السادسة وخليفة قائد جماعة فم العنصر ومقدم وتقني ببني ملال ... حرب تجندت لها السلطات آنذاك لوقف النزيف لكن تراجع الوزارة الوصية مؤخرا سيعيد الحالة إلى درجة الصفر، وسيشجع من جديد على استفحال الظاهرة وخرق القانون . بالمقابل أكد وزير السكنى في مداخلته على ضرورة توفير وثائق التعمير بتغطية جميع مناطق الجهة من قرى ومراكز ، ونهج سياسة استباقية بتوفير العقار وفتح وتجهيز مناطق للتعمير عوض الانتظار والتفاجؤ باستنبات أحياء عشوائية ثم الوقوع في صعوبة معالجة الموجود. كما حث السلطات ورؤساء الجماعات المحلية على تفعيل قانون 25 دجنبر 2012 المتعلق بالتعمير بالعالم القروي ومحاولة تفادي اللجوء إلى مسطرة الاستثناء بالمدن . وبخصوص قرية أدوز بضاحية بني ملال والتي قام الوزير رفقة والي الجهة بزيارتها صباح يوم الجمعة، والتي تعتبر «نموذجا» صارخا لظاهرة انتشار البناء العشوائي الذي انتقل بسرعة فائقة من الجبل نحو السهل، ثم انتشر بمنطقة امغيلة، فقد تقرر في اجتماع رسمي معالجة مدار هذه المنطقة بإعادة الهيكلة مع توفير المرافق و الخدمات اللازمة على غرار مختلف مناطق الجهة . كما تم التأكيد على بلورة مخطط جهوي للتعمير خاص بجهة تادلة أزيلال يحترم الخصوصيات الجبلية والقروية والحضرية للمنطقة، مع خلق مراكز توفر السكن وتحسين مصدر الرزق مع إمكانية اللجوء إلى صندوق التضامن للسكن وصندوق التنمية القروية وكذا ميزانية الوزارة لتمويل هذه المشاريع المهيكلة . من جهة أخرى أثنى جميع أعضاء المجلس الإداري المتدخلون على العمل الجيد الذي تقوم به الوكالة الحضرية لبني ملال رغم قلة الإمكانيات و محدودية ظروف العمل . كما طالب بعضهم بمنح جهة تادلة أزيلال عناية خاصة من طرف الوزارة وخاصة على مستوى الميزانية المخصصة لها، وتساءل بعضهم كذلك عن مأل مشروع المدينةالجديدة المزمع إنشاؤها بمنطقة امغيلة والتي قدمت قبل سنوات إلى جلالة الملك خلال زيارته للجهة .