تحتفل كل نساء العالم اليوم بعيدهن الأممي إلا أنا، لم أجد مبررا في بلدي للاحتفال. كل يوم يذكرني وكأن أرحام المغربيات أضحت عقيمة، ولم تخصب سياسة بلدي إلا امرأة وحيدة لتكون وزيرة بين الرجال الوزراء، وقد كنا بالأمس نتباهى بريادتنا بين الأمم . كنا الوزيرات والسفيرات ، وكنا أول بلد إسلامي تعتلي منبره امرأة لتلقي درسا أمام ملك البلاد، وكنا أول عربيات يقدن الطائرة والباخرة والقطار... أصبح حظنا من التعيينات في كل مناصب بلدنا 12% فقط ونبلغ من العدد 54% ..أكثر من نصف المجتمع . حزينة لأنني بالأمس عشت مع بنات بلدي حلمهن في إثبات الذات والكرامة، وعاينت كم من أجساد بضة وشمت بالسياط ،من أجل مغربيات حرات غير مستعبدات . أصبحت اليوم أرى بنات بلدي يركنن للخلف ، كل حلمهن أن يرضى عليهن زوج، وكل حرصهن أن لا يظهر منهن اليد ولا الشعر ولا حتى الملامح ، حفاظا على مشاعر رجل وأحاسيس رجل، يستبحن أجسادهن في الجامعات طوعا بعد قراءة الفاتحة. حزينة أن تقبل بنات بلدي بعد أن استشهدت سعيدة المنبهي واعتقلت لطيفة الجبابدي وفاطنة البيه والأختان أزغار وغيرهن كثير، أن يقبلن أن يصبحن أشباحا يلفهن السواد وقد انمحت منهن الملامح والهويات والطموح وحتى الكبرياء، في أن يصبحن هن ويعشن لهن ولا لغيرهن .. حزينة لأن فتاة من بلدي وقد أينعت، اختارت أن تضع حياتها قربانا أمام قداس الحكومة لتفدي بنات جيلها، ولتقول لا لقانون يساند من استباح جسدها غصبا ويعطيه الحق أن يهينه يوميا باسم القانون، ووزير عدل وحريات وطني لم ينصف جسد هذه الأمينة لا حيا ولا ميتا. حزينة لأن وزير التعليم في بلدي أهان طفلة في عمر ابنتي ، كل أملها أن تحظى بمقعد في المدرسة ونظرة في وجه الوزير.. حزينة لأن نساء بلدي لا يحببن القراءة ولا يشترين الجرائد ولا يذهبن للندوات ولا للمتاحف ، يتهافتن بشدة على كتب الطبخ ووصفات شميسة ؛ حتى أصبحت حياة المغربيات ملخصة في كيكة .. يعتبرن السياسة رجسا من عمل الشيطان والندوات مضيعة للوقت والفن والسينما فجورا. حزينة وأنا أطالع كل صباح وجه ابنة جيراننا ، الدكتورة المعطلة التي استبشرت أمس خيرا بتوقيع وزير أول سابق على محضر بأنها ستصبح أخيرا موظفة، فرحت وفرحنا، سارعت للحاق ركب أوشك أن ينتهي فتزوجت، لتفاجأ بوزير أول لاحق يشطب على محضر وزير أول سابق، وحينما صرخت مع كل من صرخوا ضد من اغتصب محضرهم أجهزت عليهم العصي، فنالت من الرؤوس والأجساد وأصابت بطنها فأجهضت الأمومة وأجهضت الحلم أو الأحلام... فكيف أحتفل اليوم وأحلام المعطلات تداس بالعصي والأقدام .. حزينة أيضا لأن الأرامل في بلدي وأخريات يكدحن بعرق جبينهن ..يحملن هم عائلات بأكملها ، أصبحن شاردات يكلمن أنفسهن بعدما ضاقت سبل العيش، ولم يعد ما باليد قادرا على أن يشبع البطون.. نار ، نار في الأسعار ، زيادات و زيادات في كل شئ في بلدي.. إلا في الأرزاق . سأنتظر دستورا ينصفني ويناصفني ، و لن أحتفل هذا اليوم من هذه السنة.. لأنني فعلا حزينة.