عادت «المينانجيت» لتفرض نفسها على الخريطة الصحية، ليس في المغرب لوحده، وإنما على مستوى دول العالم ككل خلال سنة 2012 ومطلع السنة الجارية، وأصبحت بتسجيلها لعدد من الوفيات بشكل متلاحق، حديث المجالس الخاصة والعامة. المرض الذي يعيش 150 مليون شخص في حزامه على امتداد 25 بلدا، يصاب به سنويا حوالي 1.2 مليون شخص، تسجل من بينها حوالي 135 ألف حالة وفاة، بينما حالات الإصابة التي يكون مردها إلى «المينانجكوك» يبلغ عددها حوالي 500 ألف حالة إصابة، 50 ألفا من بينها يكون مصير أصحابها الوفاة. ويقدر عدد حالات الإصابة بهذا النوع مابين 0.2 و 14 حالة لكل مائة ألف ساكن. هذا في الوقت الذي تسجل في البلدان الصناعية ما بين 2.5 و 10 حالة إصابة لكل 100 ألف شخص، وهو الرقم الذي يتضاعف بحوالي 10 مرات وبشكل أكبر في الدول السائرة في طريق النمو. وبالنسبة للمغرب، فقد أصيب بداء التهاب السحايا سنة 2012 ما مجموعه 1006 أشخاص، فارق الحياة منهم 111 مريضا من أعمار مختلفة، مقابل 1058 حالة إصابة تم تسجيلها في 2011 و 126 حالة وفاة. المينانجيت: من نصدق.. وزير الصحة أم ضحايا المرض العائد؟ خفت النقاش حوله 1006 أشخاص أصيبوا بداء التهاب السحايا أو ما يعرف ب «المينانجيت» خلال سنة 2012، توفي من بينهم 111 شخصا من أعمار مختلفة، مقابل 1058 حالة إصابة تم تسجيلها في 2011 و 126 حالة وفاة. أرقام سبق وأن صرّح بها وزير الصحة الحسين الوردي بعد ارتفاع حدة الاحتجاج على ظهور هذا المرض الذي سجل عدة وفيات بشكل متسارع سيما في صفوف الأطفال، الأمر الذي جعله بمثابة الكابوس الذي بات يؤرق الأمهات والآباء على وجه التحديد فور ظهور أعراض الحمى المصحوبة بالقيء على فلذات أكبادهم. حالات الإصابة والوفيات المترتبة عن هذا الداء وإن اعتبرها الوردي «لا تبعث على القلق ولا على الخوف، ولا تبعث على الهلع»، إلا أن هذه التطمينات لم تؤت أكلها، هذا في الوقت الذي يؤكد فيه المختصون على الجانب الوقائي وعلى المبادرة باستشارة الطبيب لعلاج سريع وفعال في حال تسجيل الإصابة فعليا بالمينانجيت، عوض الاكتفاء بالوصفات التقليدية أو تقديم أدوية غير ذات فعالية في غياب استشارة طبية ناجعة. مؤشرات عامة أكدت مصادر طبية ل «الاتحاد الاشتراكي» ، أن 450 مليون شخص يعيشون في حزام المينانجيت على امتداد 25 بلدا، يصاب بها سنويا حوالي 1.2 مليون شخص، تسجل من بينها حوالي 135 ألف حالة وفاة، بينما حالات الإصابة التي يكون مردها إلى «المينانجكوك» يبلغ عددها حوالي 500 ألف حالة إصابة 50 ألفا من بينها يكون مصير أصحابها الوفاة، وتقدر عدد حالات الإصابة بهذا النوع مابين 0.2 و 14 حالة لكل مائة ألف ساكن. هذا في الوقت الذي تسجل في البلدان الصناعية ما بين 2.5 و 10 حالة إصابة لكل 100 ألف شخص، وهو الرقم الذي يتضاعف بحوالي 10 مرات وبشكل أكبر في الدول السائرة في طريق النمو. وضعية المينانجيت في المغرب يتراوح معدل الوفيات بسبب المينانجيت باختلاف الأنواع ما بين 7 و 12 في المائة خلال العشرية الأخيرة، على أن حالات الإصابة، وفقا لمصادر طبية، هي مستقرة في 3 لكل مائة ألف مواطن، علما بأن المخطط المتعامل به مع المرض هو نفس المخطط الوطني لسنة 1989، هذا في الوقت الذي توجد فيه مساع من أجل تقليص الرقم إلى 1.5، وتقليص حدة الوفيات إلى 10 في المائة. وقد عرف المغرب 3 حالات وبائية، الأولى خلال 1966 -1967 بفاس ومكناس، ثم تعممت على سائر المغرب خلال السنتين، حيث أصابت المينانجيت أكثر من 10 آلاف مصاب . ثم حالة وبائية ثانية ما بين 1988 و 1989 ، خلال السنة الأولى تم تسجيل 1351 حالة إصابة، ثم 1915 حالة إصابة في السنة الثانية، فحالة وبائية ثالثة محددة في بعض المناطق سنة 2005 بشفشاون، علما بأن حالات متفرقة كانت قد سجلت سنة 1989، ومنذ 2005 أصبحت تسجل حوالي 1000 حالة إصابة بالمينانجيت سنويا. كل ما له علاقة بداء التهاب السحايا داء التهاب السحايا أو المينانجيت، هو عبارة عن التهاب يصيب الطبقة التي تحمي وتغطي المخ والحبل الشوكي. وهناك نوعان من التهاب السحايا، الأول بكتيري، والثاني فيروسي، هذا الأخير الذي يعد أخفّ ضررا مقارنة، إذ لا يتطلب علاجا خاصا ولا يستدعي وقاية للمحيطين بالمريض، ويشفى المصاب به تلقائيا خلال ثلاثة أيام أو ثمانية، وتتوزع أعراضه بين الحمى، وآلام الرأس، والقيء، وتصلب الرقبة. أما التهاب السحايا البكتيري فهو راجع لعدة جراثيم مثل المكورات السحائية والمكورات الرئوية والهيموفيليس، التي تعطي أشكالا مختلفة حسب نوع الجرثومة المسببة للعدوى، مما يغير من نمط التكفل الطبي والعلاج كذلك. يمكن أن تظهر أعراض المينانجيت عند الرضع على شكل تغير في سلوك الرضيع من خلال بكاء متواصل مع حدوث تشنجات، بالإضافة إلى الحمى وحالات من القيء المتواصل وفقدان شهية... إلا أن هذه الأعراض قد لاتكون نفسها عند الرضع في حالات أخرى، الأمر الذي قد يصعب من التعرف على المرض وقد تختلط بأعراض أخرى من الزكام وآلام بروز أضراس ...وغيرها. أما عند البالغين، فإن المريض المصاب ترتفع درجات الحرارة بجسمه مصحوبة بآلام حادة في الرأس، والقيء... عند عرض المريض على الطبيب يقوم هذا الأخير أثناء الفحص السريري، بالبحث عن علامات خاصة تدل على التهاب السحايا، مثل تصلب الرقبة، ويبحث أيضا عن بقع حمراء صغيرة تنتشر في الجسم والتي تدل بدورها على المرض. كما أن الطفل يكون حساسا جدا عند لمسه مع بكاء شديد يدل على الألم. في حال الشك، يتوجب إبقاء المريض بالمستشفى وإجراء فحوص وتحاليل دقيقة للتأكد من الإصابة، حيث يتم الالتجاء إلى تحليل أساسي يتم عن طريق أخذ عينة من السائل النخاعي، وتتم هذه العملية تحت تخدير موضعي حتى لا يشعر المريض بالألم. فإذا ما تبين أن السائل معكر وغير صاف أو ربما به قيح، فإن ذلك يكون دليلا على إصابة جرثومية تستوجب التدخل فورا عبر علاج مستعجل بالمضادات الحيوية التي يجب أن تتناسب ونوع البكتيريا. وفي حال كان السائل خاليا من أية شوائب، والعلامات السريرية غير مقلقة، فقد يتعلق الأمر بالتهاب السحايا من نوع فيروسي. من جهة أخرى، وعند ظهور حالة إصابة بالمينانجيت، وجب تقديم علاجات وقائية على وجه السرعة لجميع الأشخاص من مختلف الأعمار الذين كان لهم اتصال مباشر مع المصاب خلال العشرة أيام التي سبقت الإعلان عن المرض، ويكون العلاج قصير المدى بالمضادات الحيوية كافيا في مثل هذه الحالات، وذلك لأن المرض يكون معديا إذا ماكان السبب فيه جرثومة المكورات السحائية، إذ يمكن أن ينتقل عبر الاتصال المباشر بين الأشخاص الذين يعيشون معا تحت نفس السقف مثلا عن طريق التقبيل أو الشرب من نفس الكأس.. لذلك يتوجب أخذ الاحتياطات اللازمة. في انتظار استعمال لقاح أخطر أنواع المينانجيت بالمغرب، منحت اللجنة الأوربية منذ مدة، الترخيص من أجل تسويق واستعمال لقاح صنعته كل من كوبا، النرويج وزيلندا الجديدة، وذلك ضد بكتيريا «المينانجكوك B» التي تعد من أخطر البكتيريات المسببة للمينانجيت، والتي تسببت في إصابة العديد من المواطنين وفي وفاة آخرين عبر 70 في المائة من دول العالم ومنها المغرب، بالنظر إلى أن كل انواع «المينانجكوك» توجد لقاحات ضدها، باستثناء النوع «B» الذي لم يكن يتوفر أي لقاح ضده. اللقاح مطروح على اللجنة الوطنية للتلقيحات بوزارة الصحة مناقشته، من أجل البحث في مدى نجاعته وكيف تفاعلت معظم الدول معه، وتدارس مدى إفادته للاستراتيجية الصحية المعتمدة من طرف وزارة الصحة، وهل سيتم إدخال هذا اللقاح ضد «المينانجكوك B» ضمن البرنامج الوطني للتمنيع؟ وهي المحاور التي ستنكب اللجنة على دراستها بتأن في إطار التدخلات في مجال الصحة العمومية، أخذا بعين الاعتبار دليل/مسطرة اتخاذ قرار من هذا القبيل، والذي يتطلب للوصول إليه بحث المعطيات حول «المراضة والاماتة»، إعداد الدراسة التي تهم الكلفة/الاستفادة، مع استحضار برنامج الأولويات، فانتظامية التمويل من أجل استمرارية اقتناء التلقيح وتطعيم الفئات المستهدفة، ثم وجود استراتيجية متكاملة للوصول إلى اتخاذ القرار. رافعات أساسية وضعية داء المينانجيت بالمغرب دفعت وزير الصحة إلى الدعوة لإعادة النظر في المخطط الذي وضعته الوزارة لمواجهة هذا المرض سنة 1989، والذي تم تقييمه في 2010، مشددا على أن المرض يتطلب التشخيص والكشف المبكرين السريري والبيولوجي، العلاجات المناسبة، التصريح في حدود المدة اللازمة، الرد السريع والإخطار والوبائي. كما صرّح بأنه يجب العمل على تقليص نسبة الوفيات إلى أقل من 6 في المائة، وذلك بالاعتماد على احترام إلزامية التصريح الفوري لحالات التهاب السحايا، تطوير مقاربة التكفل السريري القبلي لعلاج «الفرفرية الملتهبة»، احترام الضوابط السريرية لتشخيص داء السحايا عبر التحليل العاجل للسائل النخاعي لكل إصابة محتملة أو مشتبه فيها، الرفع من نسبة التأكد المخبري وفق المساطر والاجراءات الواردة في دليل برنامج مكافحة التهاب السحايا ومن خلال تطوير البيولوجيا الجزيئية، إعداد وتفعيل بروتوكولات ومناهج علاجية جديدة متفق عليها في إطار مؤتمر إجماع علاجي وطني، تطوير مقاربة جديدة للتطعيم، عقد لقاء وطني سنوي حول الداء وسبل التحسيس به، مع التأكيد على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.